أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب: فهناك احتمال جفاف أو أمطار كثيفة شمال مصر
الدكتور مجدى علام
قال الدكتور مجدى علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب ومنسق الإبلاغ الوطنى المصرى الرابع لتغير المناخ، إن اتجاه الحكومة المصرية لاستخدام الفحم كمصدر للطاقة أمر خاطئ، موضحا أنه لا يحقق مفهوم "التنمية المستدامة" لأن الحكومة تنظر لسعر استيراد الفحم، ولا تنظر لتكلفة علاج آثاره الصحية، والبيئية، والأموال التى سننفقها لمواجهة آثاره السلبية على تغير المناخ، والتنوع البيولوجى فى مصر، ومن ثم سيصبح الغاز الطبيعى أرخص من الفحم حتى ولو كنا سنستورد الغاز بـ7 دولار، والفحم بـ3.5 دولار.
وأضاف أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، فى حوار لـ"الوطن"، أن الحكومة المصرية لا تنفق على البيئة، لافتاً إلى أن ميزانية وزارة البيئة، والجزء المخصص لدى الوزارات للشق البيئى لا تتجاوز ثمن ربع محطة صرف صحى فى مصر، مشدداً على ضرورة زيادة الإنفاق على البيئة، وتدريب كوادر فنية فى هذا المجال، وتنفيذ المزيد من المشروعات لحمايتها، مردفاً: "لا يمكن وزارة البيئة تقوم بعمل كل الوزارات، وإلا الوزارة هتموت".
■ يسمع المواطن المصرى كثيراً عن ظاهرة تغيُّر المُناخ، ولكن ليس لها آثار ملموسة!
- لا، لها آثار حدثت على الأرض، فلك أن تعلم أن أول من التفت إلى ظاهرة تغيُّر المُناخ فى مصر هو محمد على باشا، حين أقام "سور محمد على" عند أبوقير فى الإسكندرية، وهو ما منع غرق مناطق كثيرة، ولكن المياه بدأت ترتفع عنه. المؤشر الآخر أن "فيلا أم كلثوم" فى رأس البر أصبحت داخل المياه، كما أن لسان البرلس بدأ يهبط تحت سطح البحر، لكن الحكومة المصرية أقامت "سدًّا عالياً" لحماية مناطق فى شمال البلاد دون أن تقصد.
■ كيف ذلك؟
- فى أواخر عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك أقامت الحكومة المصرية الطريق الساحلى الدولى، الذى ينظر إليه خبراء تغيُّر المُناخ على أنه "سد عالٍ" يحمى محافظات الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ من الغرق، فهو حاجز طبيعى أمام ارتفاع سطح البحر لدرجة معينة.
■ وهل توجد شواهد أخرى على "تغيُّر المُناخ"؟
- نعم، فحينما تقرأ كتاب "وصف مصر"، الذى كُتب فى أثناء الحملة الفرنسية على مصر، تجد أنهم يصفون بحيرة المنزلة بأنها تزيد على 900 كيلومتر مربع، وبحيرة مريوط كانت تمتد من كل الإسكندرية حتى مدينة الحمام بمحافظة مرسى مطروح، فهناك وثائق وشواهد تتحدث من غرب دلتا النيل حتى الحمام، والغريب لدينا أنه فى آخر بحث لنا واجهنا فى قرى الخريجين غرب برج العرب جفافاً، وقال لنا عالِم روسى العام الماضى إنه يتوقع أن يكون الساحل الشمالى الغربى لنا مطيراً، لا جافًّا، فهناك عدة سيناريوهات نتعامل معها، فهناك احتمال جفافٍ فى غرب الدلتا أو أمطار كثيفة، أو غرق شمال الدلتا، لذا يجب أن نوفّر أماكن بديلة للاستصلاح الزراعى، وأماكن لعيش سكانها، أو عمل مشروعات لمواجهة التغيُّرات المناخية المتوقَّعة.
■ هل هذا سبب اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى بالدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى مؤخَّراً؟
- أودّ أن أوجّه التحية للرئيس السيسى باسم اتحاد خبراء البيئة العرب، لأنه كلّف وزير الرى بوضع خطة عاجلة وعرضها عليه لحماية دلتا النيل.
■ هل هناك مناطق أخرى معرَّضة للغرق غير شمال الدلتا؟
- نعم، المناطق المنخفضة بدءاً من مناطق فى الإسكندرية حتى بالوظة بشمال سيناء.
■ وهل معنى ذلك أن مدينة الإسكندرية ستغرق؟
- لا، ولكن مناطق أخرى معرضة للغرق بدءاً من منطقة أبوقير حتى شرق بورسعيد، وحتى بالوظة، وهى المناطق المعرضة لأن تكون أقل من مستوى سطح البحر، وأرى أن أخطر شىء قد تقوم به الحكومة المصرية فى هذا الملف هو أن "تخبّى المعلومة"، فأنا أقول لهم إن عرض المعلومات يتحول إلى مساعدة مالية من العالَم لنا، بدلاً من الأعباء التى سنتحملها.
■ وهل حسبتم التكلفة التى نحتاج إليها لمواجهة الأخطار المستقبلية من تغيُّر المُناخ ومحاولة الحد منها؟
- التكلفة التى حسبناها أن مصر ستدفع 38 مليار دولار، حسبما قال الدكتور حسين العطفى وزير الموارد المائية والرى الأسبق، للتكيف مع آثار تغيُّر المُناخ فى قطاعَى الزراعة والرى.
■ وكيف نواجه هذا؟
- يجب أن نوفر كل المعلومات، وأن نقدم للجنة الدولية المعنية بالتغيُّرات المناخية تقرير "الخسارة والضرر"، فعلى الحكومة عرض حوادث الغرق التى تمَّت مع موجة السيول القوية التى ضربت الإسكندرية قبل إقالة محافظها مؤخَّراً، وذلك فى كفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية، فنحو 15 ألف فدان ومحاصيلها غرقت تحت السيول، وهى ظواهر جامحة.
■ وما الخدمات التى نحتاج إلى تغييرها؟
- الرى، والزراعة، والصحة، والإسكان، لتكون العمارة صديقة للبيئة، وإعادة النظر فى تنمية المناطق الساحلية، والبعد عن المناطق المعرضة للغرق منها.
■ قُلت إنه من 200 إلى 700 كيلومتر مربع معرَّضة لتأثيرات قوية فى شمال الدلتا، فكم منها معرَّض للغرق؟
- التأثير فى الزراعة عبر تملُّح التربة أو الغرق، فمن 13 إلى 21% من الدلتا معرَّض لتلك التأثيرات، ومن الشمال 700 كيلومتر مربع.
■ معنى حديثك أن 21% من الدلتا معرض للغرق؟
- نعم، لكن ظاهرة تغيُّر المُناخ عالمية، وكل العالم معرَّض لتلك المخاطر لا مصر فقط.
■ وإلى كم نحتاج للتكيف مع آثار التغيُّرات المناخية؟
- فى قطاع الرى للزراعة ولحماية الشواطئ وتغطية قنوات وتدعيم المصارف 38 مليار دولار، ولو دخلت فى مجال الزراعة الذكية فستزيد التكلفة، فستكون كمية المياه المستخدمة فى الرى محسوبة، وكل أمور الزراعة الأخرى.
■ وإلى كم نحتاج فى القطاعات الأخرى؟
- فى مجال الصحة نعتبر إنفلونزا الطيور والخنازير هى "الشوطة"، وهى فيروس يتحول ويكون مميتاً، وذلك بسبب تغيُّر المُناخ، كما ظهر نوع جديد فى البرازيل من تغيُّر المُناخ عبر فيروس "زيكو"، عبر إصابة ناموسة لمواطنيها، ليكون "دماغ" الأطفال صغيراً، حتى إن الحكومة قالت لأهالى بعض المناطق "ماتخلّفوش". وآثار تغيُّر المُناخ كثيرة، وتمتدّ فى مختلف القطاعات فى حياتنا.
■ وكم يبلغ الإجمالى المادى؟
- نحتاج إلى نحو 75 مليار دولار، يجب أن نطلبها من دول العالم من "صندوق التكيُّف"، لأن دول العالم ستضع 100 مليار كل عام، وأتصور أنه يجب تكليف الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى بإعداد ملفّ عن الضرر الذى يقع على مصر وقيمة إصلاحه لتطلبه من هذا الصندوق، والذى تعهدت به الدول المتقدمة.
■ وكم تبلغ مدة احتياجنا إلى هذا التمويل؟
- 25 سنة.
■ لماذا حددت 25 عاماً؟
- لو عدّت الـ25 سنة مش هنعرف نصلّح أو نلحق ظاهرة تغيُّر المُناخ، وعام 2050 هو أكثر عام تستطيع أن تواجه فيه تغيُّر المُناخ، وإلا فستزيد درجة الحرارة على العالم.
■ وهل ستساعدنا دول العالم بالفعل؟
- دول العالم ستساعدنا لو أوصلنا إليها المعلومة والخسائر المحتملة ومشروعات المواجهة للحدّ من تلك الآثار.
■ وكيف ذلك؟
- يجب أن ننشئ فوراً هيئة قومية، لا إدارة داخل وزارة البيئة أو مجلساً وطنيًّا يحضره وزراء فترة ثم يحضره موظفون، يجب إنشاء الهيئة لرصد الخسائر المتوقعة، وإعداد كيفية التكيُّف، ثم كيفية تخفيف الانبعاثات الصادرة عنا عبر 50 عاماً لكى نحقق التنمية التى ننشدها.
■ وهل تستطيع مصر أن توفر الـ75 مليار دولار للتكيف مع آثار تغيُّر المُناخ؟
- منقدرش، ومش لازم ندفعها إحنا، وهو إحنا ندفعها بس ليه؟
■ بمعنى أن نترك البلاد لآثار التغيُّر المُناخى؟
- لا، ولكن من "احتلوا المناخ بتاعنا" عبر تصدير انبعاثات تؤدّى إلى تغيُّر المُناخ نتيجة الثورة الصناعية التى استمرَّت نحو 200 عام، وهم اللى خلّوا أراضينا تبوظ، والمناخ يبوظ، والسردين ميجيش لدمياط، واختفاء نباتات، وكائنات، فلازم هما اللى يدفعوا التمن.