«الوطن» تنشر تفاصيل خطة «المركزى» لحسم معركة الدولار
كشف مصدر مسئول بالقطاع المصرفى عن أن البنك المركزى بدأ بتنفيذ خطة لاستدراج المضاربين على الدولار لاستنفاد كافة قواهم التى استخدموها فى تداول العملة الأمريكية بشكل يضر بالاقتصاد الوطنى خلال الآونة الأخيرة لتحقيق مكاسب دون وجود أسباب حقيقية واقتصادية لشراء الدولار واكتنازه.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن فاعلية القرارات الأخيرة التى طرحها البنك المركزى ستتضح جلياً خلال الأيام القليلة المقبلة فى توجيه ضربات قاسية للمضاربين والسيطرة على سوق الصرف، من خلال توفير الدولار داخل البنوك وشركات الصرافة دون تدخل مباشر من البنك المركزى فى خطوة تستهدف استقرار أسعار الصرف من ناحية والحفاظ على ما تبقى لديه من أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى وصل إلى معدلات حرجة من ناحية أخرى.
إن الآلية الجديدة التى طرحها البنك المركزى لشراء وبيع الدولار من وإلى البنوك الأحد الماضى تستهدف موازنة قوى العرض والطلب فى الجهاز المصرفى خلال الفترة المقبلة، لتوفير العملة الصعبة للبنوك التى تواجه ارتفاعاً فى الطلب على الدولار من بنوك أخرى تتوافر لديها العملة وينخفض فيها الطلب.
وقال ياسر عمارة، الخبير المصرفى، إن الدولار ارتفع خلال الآونة الأخيرة لسببين؛ الأول هو ارتفاع حدة المضاربات على العملة الأمريكية وهو ما يحاول المركزى إجهاضه، والثانى تعليمات صندوق النقد الدولى التى تتطلب تحقيق مرونة أكبر فى تداول النقد الأجنبى داخل السوق المحلية دون تدخل من المركزى.
من جانبه قال مصدر مسئول بالبنك المركزى المصرى لـ«الوطن» إن مصرفه يتمتع باستقلالية تامة فى إدارة سوق الصرف ولا يتبع تعليمات أحد، لافتاً إلى أن الهدف الأساسى لإدارة السياسة النقدية للبلاد هو الحفاظ على الاستقرار النقدى للسوق.[Image_2]
من جانبه قال السيد القصير، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، إن الإجراءات الجديدة التى طرحها البنك المركزى المصرى ستساهم خلال فترة وجيزة جداً فى تحقيق استقرار سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه، لافتاً إلى أنه يتم تنفيذها بتنسيق كامل مع البنوك العاملة فى السوق المحلية لتلبية احتياجات كل بنك من النقد الأجنبى وتحديداً العملة الأمريكية للوفاء بمتطلبات العملاء.
من جانبه قال خالد السيد، مدير خزانة بأحد البنوك العاملة فى السوق، إن ارتفاع الدولار فى أول أيام العمل بآلية بيع وشراء الدولار بين البنوك ضمن حزمة إجراءات طرحها «المركزى» الأحد الماضى كان رد فعل من المتعاملين داخل السوق تخوفاً من انهيار الجنيه، إلا أنه توقع استقرار الأمور خلال فترة تتراوح بين أسبوع و10 أيام لضبط إيقاع السوق.
من جانبه قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن خطوة البنك المركزى بتدشين آلية طرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأمريكى FX Auctions ستعمل من خلال قيام البنك المركزى بشراء فائض الدولار من البنوك عند توافره أو بيع الدولار للبنوك عند مستويات سعرية معينة يتم تحديدها على أساس قوى العرض والطلب السوقية، وذلك بغرض ضمان توافر العملات الأجنبية بالسوق من جانب وعدم حدوث تشوهات سعرية من جانب آخر.
وأضاف أن التطورات الخطيرة التى شهدتها سوق الصرف أجبرت البنك المركزى على التدخل بسياسات جديدة لضبط إيقاع السوق الذى بدا الأسبوع الماضى خارجاً عن سيطرة السلطة النقدية، موضحاً أنه سيتم إلغاء دور صانع السوق الذى كان يقوم به البنك العربى الأفريقى الدولى وبنك قناة السويس اللذين كان «المركزى» يتدخل عبرهما للتأثير على الأسعار فى سوق الصرف وكانت تمر عبرهما أى دولارات يطرحها فى السوق، فى المقابل ستتيح الآلية الجديدة لجميع البنوك التعامل مباشرة مع البنك المركزى دون وسيط.
وطالب نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار بضرورة تحديد الأسباب التى أدت إلى اضطراب سوق الصرف مؤخراً ومتابعتها بدقة لضمان عدم تكرارها، واعتبر أن الانفلات الحالى مؤقت، حيث من المتوقع ارتفاع موارد الدولة من العملات الأجنبية وانتعاش الاحتياطى من خلال السياسات الاقتصادية التى بدأ تنفيذها خلال الأيام الماضية.[Quote_1]
وتوقع تراجع سعر الدولار أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن انخفاض الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى صاحبه زيادة فى الواردات نتيجة تراجع الإنتاج محلياً على خلفية الأحداث التى تلت ثورة يناير وهو ما ظهرت ضغوطه بقوة على سعر الجنيه مؤخراً خاصة مع حالة الاضطراب السياسى التى مرت بها البلاد خلال آخر شهور العام الماضى.
وتوقع عادل أن توفر الآلية الجديدة سيولة دولارية بين البنوك بما يتراوح بين 100 و250 مليون دولار خلال الأيام الأولى، موضحاً أن تطبيق هذه الآلية سيوجة ضربة قوية للمضاربين على سعر الدولار أمام الجنيه.
وقال البنك المركزى إنه وفقاً لتحليل الموارد والاستخدامات التاريخية والمتوقعة للنقد الأجنبى فإن المستوى الحالى من احتياطى النقد الأجنبى يمثل الحد الأدنى والحرج الذى يتعين المحافظة عليه لتلبية الاستخدامات الحتمية والمتمثلة فى أعباء سداد المديونية الخارجية حفاظاً على سمعة مصر فى الأسواق المالية العالمية، وتغطية تكلفة الواردات من السلع الاستراتيجية التى تتركز فى المواد التموينية والمنتجات البترولية تلبية لاحتياجات المواطنين المعيشية الأساسية اليومية، فضلاً عن التحسب لمواجهة أى تحديات مستقبلية طارئة.
وعرض البنك المركزى المصرى 75 مليون دولار فى أول عطاء يطرحه للعملة الصعبة يوم الأحد الماضى، وذلك بحد أقصى 11 مليون دولار للبنك الواحد، كما حدد سقف تعاملات العملاء من الشركات لسحب العملة الأمريكية بنحو 30 ألف دولار يومياً فى حين سيدفع الأفراد رسوماً إدارية تتراوح بين 1% و2% على مشترياتهم من العملات الأجنبية.
من جانبه، قال سليمان الأعصر، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن هناك مضاربات ضارية على الدولار منذ النصف الأخير من نوفمبر الماضى مما أدى إلى ارتفاع سعر العملة الأمريكية إلى 636 قرشاً بنهاية تعاملات الأحد الماضى.
وأضاف أن السوق عانت خلال الأسابيع الماضية من ندرة فى الدولار فى ظل طلب ارتفع نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسى التى شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة.