بلدة عراقية متنازع عليها تقع رهينة صراع بين بغداد وأربيل
يقول بائع الفراخ شيرزاد صالح، وهو يقف خارج دكانه في بلدة طوزخرماتو، إن الناس منشغلة بمشاغل الحياة أكثر من التوتر العسكري الحاصل في محيط بلدته المتنازع عليها بين القوات الحكومية والمقاتلين الأكراد، البشمركة.
ويقول شيرزاد صالح "الجيش جاء إلى هنا ويقول هذه وظيفتي، والبشمركة جاؤوا إلى هناك ويقولون هذه وظيفتنا".
ويشير صالح إلى قوات الحكومة الفدرالية وقوات إقليم كردستان التي نشرت كل منها قوات في المناطق المتنازع عليها شمال العراق ومن ضمنها طوزخرماتو، خلال التازم الاخير الذي حصل بين بغداد وأربيل.
ويضيف "لست مع الجيش ولا مع البشمركة.. نحن نريد خدمات وكهرباء ومشاريع"، لكن المسؤولين في الحكومة الاتحادية والكردية لديهم أولويات أخرى.
وتتميز مدينة طوز خرماتو، بمبانيها المنخفضة وأشجار النخيل ويقيم فيها 110 آلاف شخص، وهي تقع ضمن أراض واسعة يطالب إقليم كردستان بإدراجها ضمن مناطق حكمه الذاتي، الامر الذي ترفضه بغداد بشدة.
ويعتقد دبلوماسيون ومسؤولون أن النزاع حول هذه المناطق هو أخطر تهديد لاستقرار العراق على المدى البعيد.
وأثار تشكيل قيادة عمليات دجلة من قبل الحكومة الاتحادية في سبتمبر الماضي، في المناطق المتنازع عليها غضب الأكراد مما دعاهم للرد بخطوة مماثلة تمثلت بنشر قوات بشمركة على خطوط التماس، ما صعد التوتر بين الجانبين.
وفي 16 نوفمبر اندلع قتال بين قوات البشمركة والقوات الاتحادية عند محاولة الأخيرة اعتقال كردي.
وبعد ذلك تزايدت فجوة الخلاف بين بغداد وكردستان ورد الجانبان عليها بتحشيد قوات أكثر على مناطق التماس.
وعلى إثر ذلك حذر رئيس البرلمان العراقي من الأزمة التي قال إنها قد تؤدي إلى حرب أهلية وحاول ترطيب الأجواء، لكن المشكلة ظلت حتى اليوم دون حل.
وأثار التوتر بين بغداد وكردستان الخوف والهلع لدى سكان طوز خرماتو وأثر سلبا على الأعمال التجارية هناك.
ويقول صالح "عندما قدم الجيش والبشمركة شعر الناس بالخوف وتاثرت أعمالنا بشدة".
بدوره، يقول هشام فاتح حميد وهو بقال في البلدة "لا نريد أن تحدث حربا، سيقتل الناس في الحرب، وستؤثر علينا، وأعمالنا ستتوقف".
وتعد طوز خرماتو مدينة متعددة الهويات وهي حقيقة تعكسها الرايات المختلفة على تلالها، حيث يرفر علم عملاق لكردستان على أحد التلال، فيما يرفرف العلم العراقي على المباني الحكومية، بينما عدد لا يحصى من رايات استذكار وفاة الامام الحسين على المنازل.
وعدد كبير من سكان البلدة هم تركمان شيعة ويرفعون رايات الإمام الحسين، لكن البلدة يعيش فيها كذلك أكراد وعرب.
وعلى الرغم من تعدد الأعراق والاتنيات فيها يقول الناس إن الإشكال الحاصل بين بغداد وإقليم كردستان لم ينعكس على سكانها.
ويقول صالح وهو كردي "ليس هناك فرق بين تركماني أو عربي أو كردي".
ويوافق شاكر أحمد صاحب محل بقالة على ذلك قائلا "لم يحدث توتر بين المواطنين اطلاقا".
لكن طوزخرماتو وقعت رهينة وسط الجدل على كل حال، فقوات البشمركة تنتشر على تلال البلدة من الشرق، والجنود العراقيون ينصبون حواجز ويعززون مواقعهم من الجنوب.
وتتعدد أنواع تشكيلات القوات الأمنية في طوز خرماتو حيث يتواجد فيها شرطة محلية وشرطة فدرالية وجيش عراقي وقوات بشمركة.
والنزاع على الأراضي ليس الخلاف الوحيد في طوزخرماتو، فهناك على ما يبدو هجمات طائفية، وهي جزء من مشكلة كبيرة تشمل العراق بكامله، حيث يتعرض الشيعة هناك إلى تفجيرات من قبل المتمردين السنة.
وقتل خمسة أشخاص وأصيب 26 في تفجير سيارتين مفخختين في منطقة تركمانية في 17 ديسمبر الماضي.
واصيبت زوجة حميد ابراهيم سمين بجروح في الرأس باحد الانفجارات الذي دمرت منزلهم.
وهدم كل الحائط الذي يمسك بالباب الخارجي فيما تحطمت الكثير من ممتلكاتهم وأثاث المنزل، وأصبحت بين الركام.
ويقول سمين، بينما يتدفق الماء من أنبوب مكسور الى احد الشوارع الضيقة التي لاتزال اثار الحطام فيها، "لم يبق اي شي".
وفي نهاية المطاف يرى قائمقام البلدة شلال بابان، أن "ما تحتاجه المنطقة هو التنمية وليس المزيد من الرجال والعتاد".
وأضاف "نحن بحاجة الى مشاريع وبناء"، مشيرا إلى نقص المياه الصالحة للشرب والخدمات الأساسية.
وتابع "نحن لا نريد دبابات ولا ناقلات ولاطائرات نحن بجاحة إلى المشاريع فقط".