«بدر»: من «مدينة أشباح» إلى «جنة» فى الصحراء
مدينة بدر
على بعد 47 كيلومتراً من القاهرة على طريق «القاهرة - السويس» الصحراوى تستقر منذ عام 1982 مدينة يقطنها 140 ألف نسمة، رغم أن مساحتها تتجاوز الـ18 ألفاً و500 فدان، ما جعل البعض يسميها بـ«المدينة المهجورة» أو «مدينة الأشباح»، لعدم انجذاب المواطنين للسكن بها، إذ كانت العمارة السكنية تحتوى على شقة أو اثنتين يعيش بها مواطنون، والباقى خلاء غير مستغل، مع غلق أصحاب تلك الوحدات السكنية لها، وانتقالهم للعيش فى مناطق أخرى، إلا أن جولة «الوطن» بالمدينة، ولقاءها المسئولين فيها كشفت عن تحول مدينة بدر من مدينة طاردة للسكان إلى «مدينة صاعدة» بحكم وجودها على بعد 5 كيلومترات فقط من العاصمة الإدارية الجديدة، التى تشرف على بنائها الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة حالياً.
تستعد لتسكين 385 ألف مواطن.. ومركز تجارى وكافيتريات وملاعب ثلاثية ومساجد وكنائس على بعد 5 كيلومترات من «العاصمة الجديدة»
حين تدخل «بدر» تفاجأ بـ«لوحة جميلة» تزين مدخل المدينة؛ إذ إن طريقها المرورى مكون من 4 حارات مرورية مع وجود مساحات شرق ووسط وغرب الطريق مكسوة بالخضرة، والأشجار، والنخيل ما يعكس مظهراً جمالياً تستعد المدينة به لاستقبال مئات الآلاف من المواطنين الجدد الذين يرغبون فى الانتقال إليها، بحسب العميد مهندس مصطفى فهمى، رئيس جهاز تنمية مدينة بدر، الذى أكد لـ«الوطن»، أن أوضاع المدينة فى تحول بعد عام 2014، إذ أدركت وزارة الإسكان أنها مدينة صناعية اقتصادية سكنية قادرة على المنافسة ليتم ضخ استثمارات غير مسبوقة فى تاريخ المدينة حققت نقلة كبيرة بها.
ويوضح رئيس جهاز «بدر» أن الدولة أنفقت على المدينة استثمارات خلال العامين الماليين الماضى والحالى ما يوازى ما أُنفق على المدينة منذ نشأتها من 34 عاماً، موضحاً أن ما سيستثمر فيها العام المقبل سيكون أكثر ما أنفق عليها منذ نشأتها بنحو 130%، لافتاً إلى أن ما أنفق على المدينة حتى عام 2014 كان 2.4 مليار جنيه، فيما أن ما أنفق بعد ذلك حتى الآن 2.3 مليار جنيه، بينما ستصل ميزانية المدينة خلال العام المالى الجديد قرابة الـ6 مليارات جنيه.
الدولة ستنفق العام المقبل على «بدر» 130% مما أُنفق خلال 36 سنة.. و2147 عمارة لمحدودى الدخل ضمن «الإسكان الاجتماعى»
«من جاور السعيد يسعد»، كان ذلك لسان حال «فهمى»، الذى لفت إلى أن مدينته ستصل لأكثر من 525 ألف نسمة بحلول عام 2020 بدلاً من 140 ألف نسمة حالياً، ما يعنى أن المدينة تستعد لاستقبال نحو 385 ألف نسمة بها خلال 3 أعوام ونصف مرحلياً، حتى يصل قاطنو المدينة لـ840 ألف نسمة بحلول عام 2027، عبر مشروعات الإسكان الاجتماعى والمتوسط والخاص، مؤكداً أن المدينة أصبح لها جاذبية خاصة لدى المواطنين بعد توجيه استثمارات لتنميتها، فضلاً عن وجودها بقرب العاصمة الإدارية الجديدة، التى ستوجد بها مقار الحكومة المصرية المركزية عقب الانتهاء من إنشائها على أحدث الطرازات العالمية.
ويلفت رئيس جهاز تنمية مدينة بدر إلى أنه حينما كان سعر المتر بالوحدة السكنية فى المدينة 190 جنيهاً تقدم 152 مواطناً لعدد 121 قطعة أرض مطروحة لبناء مساكن بها، إلا أنه فى الآونة الأخيرة، وتحديداً فى آخر عام 2015 طُرح بالمدينة 622 قطعة أرض للبناء عليها بسعر 720 جنيهاً للمتر، تقدم لها 23 ألف فرد، ما يعبر عن زيادة جاذبية المدينة للمواطنين فى الآونة الأخيرة، ويلفت «فهمى» إلى أن درجة الحرارة فى مدينته تنخفض عن مثيلتها فى باقى المحافظات بمقدار 4 درجات مئوية، نظراً لارتفاعها عن سطح البحر بنحو 230 متراً، ليكون جوها لطيفاً ومعتدلاً مع بعدها عن منطقة مصر الجديدة قرابة الـ25 دقيقة فقط.
رئيس جهاز المدينة: نبعد عن «مصر الجديدة» 25 دقيقة فقط ودرجة الحرارة لدينا منخفضة عن المعدلات الطبيعية 4 درجات
وتجولت «الوطن» برفقة مسئولى جهاز المدينة لتفقدها، وكشفت الجولة عن وجود عدد من أوتوبيسات النقل العام، حيث أُدخل للمدينة 5 خطوط لربطها بالقاهرة، وتحديداً لمناطق أحمد حلمى، وحدائق القبة، والسيدة عائشة، وكلية البنات، و«التجنيد»، والألف مسكن، والعباسية، والعتبة، والموسكى بهدف ربط «المدينة الصاعدة» بالمحافظة الأم، مع وجود خط واحد للنقل الداخلى بالمدينة، فضلاً عن عدد من وسائل انتقال المواطنين الأخرى للنقل الداخلى بالمدينة.
وطورت المدينة مستشفى بدر العام، الذى تشرف عليه جامعة حلوان بالمدينة، ووحدات ومراكز طبية لتقديم خدمة جيدة فى مجال الاهتمام بصحة المواطنين، مع وجود العديد من البنوك والمنشآت التى تقدم الخدمات المختلفة للمواطن مع وجود مدارس، والجامعة الروسية، وجامعة بدر الخاصة بالمدينة، مع تدعيم شبكات الصرف الصناعى، والصحى، وإنشاء محطة معالجة مياه ثلاثية لتوفير مياه لرى المسطحات الخضراء بالمدينة، التى تصل مساحتها لقرابة الـ4 آلاف فدان.
فى الموقع المواجه لمقر العاصمة الإدارية الجديدة تستعد مدينة بدر لإقامة منطقة خاصة بالخدمات لأهالى المدينة الحاليين، والقادمين، حيث سيتم إنشاء مول تجارى كبير يحتوى على احتياجات الأسرة المختلفة، ومراكز طبية، ومختلف الخدمات، فضلاً عن إنشاء جامعة خاصة على مساحة 200 فدان.
وتحتوى المدينة على 8 مدارس مختلفة المراحل التعليمية حتى «الثانوية» مع وجود معهدين أزهريين، ومعاهد فنية، مع إنشاء 7 مدارس جديدة ليرتفع عدد المدارس إلى 15 مدرسة، فضلاً عن مدرسة خاصة بالمدينة ستبدأ العمل بدءاً من العام الدراسى الجديد، وتستعد المدينة لإنشاء منطقة كبرى لـ«الصناعات التجميعية» لتستفيد من مشروعات تنمية إقليم قناة السويس، حيث إنها أقرب المدن لمحافظة السويس التى يوجد بها العديد من الموانئ العالمية التى تؤهلها لإقامة مصانع تجميعية توفر فرص عمل للشباب وقاطنى المدينة الجدد، مع تخصيص منطقة لإنشاء معارض تجارية لعرض منتجات المنطقة الصناعية بها، إضافة لإنشاء فنادق، وبنوك، ومناطق لأسواق الجملة.
المدينة تنشئ محطة كهرباء.. وتستعد لإقامة منطقة «صناعات تجميعية» للاستفادة بـ«تنمية القناة» و1100 مصنع لتشغيل السكان
وتحتوى المدينة حالياً على قرابة 1200 مصنع يعمل منها قرابة 500 و200 متوقفة عن العمل، والباقى تحت الإنشاء، وتم تخصيص 800 فدان لإنشاء مصانع جديدة بها تعمل فى مجال صناعة الدواء، والسيارات، والمواد الغذائية، والرخام، والبلاستيك، والأدوات الكهربائية، ومصانع تدوير لمخلفات المصانع بهدف تشغيل أهالى المدينة، ويوضح رئيس جهاز تنمية «بدر» أنه يتم إنشاء محطة كهرباء جديدة فى المدينة بقدرة 100 ميجاوات لخدمة توسعاتها، والمواطنين المقبلين لها، والمنتظر افتتاحها فى شهر فبراير العام المقبل، مع اتخاذ التجهيزات اللازمة لتقوية شبكة الهواتف المحمولة بالمدينة، موضحاً أنه تمت زراعة 148 فداناً داخل المدينة بمساحات خضراء وتشجير، و70 كيلومتراً جزراً بالطرق، وزراعة 45 ألف شجرة بمنطقة «الغابة الشجرية» بالمدينة، فضلاً عن العمل على إضافة 300 ألف متر مربع مسطحات خضراء بالأحياء السكنية، والمنطقة الصناعية.
وعن أماكن استيعاب المواطنين الجدد فى المدينة؛ لفت رئيس «بدر» إلى أن المنطقة لديها أماكن توسعات مستقبلية كثيرة، وأن الإسكان الاجتماعى يلعب الدور الأكبر فيها، حيث يتم العمل على إنشاء 897 عمارة بالحى الخامس بالمدينة بإجمالى 20760 وحدة، فيما يتم إنشاء 1250 عمارة بالحى السابع بالمدينة بإجمالى 30 ألف وحدة سكنية ضمن المرحلة الرابعة من المشروع، ليكون إجمالى عدد وحدات الإسكان الاجتماعى بالمدينة 50 ألفاً و760 «شقة».
حين تصل لموقع إنشاء عمارات الإسكان الاجتماعى تفاجأ بتخطيطه على أعلى المستويات، ليكاد يقارب «الكومباوندات» المعلن عنها عبر شاشات التليفزيون؛ فالشقة مساحتها 90 متراً مربعاً مكونة من صالة، و3 غرف، وحمام، ومطبخ، ويطل كل منها على مساحة خضراء من جوانبها المختلفة، التى تم زرع الزهور فيها لتعطى مظهراً جمالياً بها، مع إقامة «برجولات» عبارة عن مظلة خشبية أسفلها عدد من المقاعد للجلوس وسط الخضرة أمام العمارات.
تحتوى كل عمارة سكنية فى المشروع على 6 أدوار بكل منها 4 شقق سكنية، ليكون إجمالى العمارة الواحدة 24 شقة، اختلفت مداخل العمارات لكل منها، فما تم تنفيذه بالمراحل الأولى كان بُعد باب العمارة عن المدخل لا يتجاوز 2 متر فقط، مع عرض سلم ضيق، وهى عمارات محدودة، بينما كانت أغلبية العمارات ذات مدخل يبعد 5 أمتار عن سلم العمارة، مع عرض كبير مكون من الرخام، ورغم قرب انتهاء العمل فى بعض مواقع المشروع لكن العاملين به يعملون فى «خلية نحل» لانتهاء المشروع، كما ينبغى أن يكون، حيث يتم تسليم «الشقة» لمستحقها «على المفتاح»، حيث إنها كاملة التشطيبات.
ودعم جهاز المدينة، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة كلُُ فى العمارات التى يشرف على تنفيذها بالمدينة، أدوارها الأرضية بأبواب، ومنافذ حديدية لتوفير الأمن الكامل لصاحب الوحدة السكنية، فيما يوجد بكل منطقة من مناطق مشروع الإسكان الاجتماعى منطقة خدمات خاصة بها تتوافر بها الخدمات المختلفة، وسوق تجارية لاحتياجات الأسرة.
ومع توجه عدد من شباب الأطباء للمدينة لإقامة عيادات طبية فى الأدوار السفلى بعمارات الإسكان الاجتماعى، حدد جهاز مدينة «بدر» عدداً من العمارات السكنية وفتح وحداتها بالدور الأرضى بها لإقامة عيادات خدمات طبية بالدور الأرضى بها، فضلاً عن إقامة مجمع إدارى ببعض العمارات السكنية لخدمة أهالى المنطقة بالأعمال الإدارية الخاصة بهم، وتحتوى منطقة خدمات «الإسكان الاجتماعى» على مدارس، وحضانات، وأسواق، ومخابز، وملاعب ثلاثية، وكافيتريات تقدم أطعمة، ومساجد، وكنائس، وصيدليات بإجمالى 39 منشأة تخدم ساكنى المشروع فى مراحله الثلاث بالمدينة، وتشتمل كل مرحلة بالمشروع على الخدمات الخاصة بها، بحيث لا يحتاج المواطن للخروج خارج نطاق مرحلته لتوفير خدمة يحتاجها.
وانتهت المرحلة الأولى من المشروع بواقع 239 عمارة تحتوى على 5736 «شقة» مقامة على 108 أفدنة أنشئت بمعرفة جهاز مدينة بدر، وجار تسليمها لمستحقيها، كما تم تنفيذ 209 عمارات تحتوى على 5016 «شقة» مقامة على مساحة 108 أفدنة بواسطة الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، والمنتظر الانتهاء منها بالتزامن مع أعياد تحرير سيناء 25 أبريل، فيما يجرى حالياً تنفيذ 244 عمارة تحتوى على 5856 «شقة» على مساحة 110 أفدنة، ومن المنتظر الانتهاء منها فى 30 يونيو المقبل، كما يجرى تنفيذ 205 عمارات جديدة تحتوى على 4920 شقة، فيما يُخطط حالياً لإقامة عمارات للإسكان الاجتماعى بإجمالى 30 ألف وحدة سكنية فى المرحلة الرابعة من المشروع تنتهى فى 30 يونيو بعد المقبل. أما الإسكان المتوسط فى المدينة، والمعروف بمشروع «دار مصر»، فيتم إنشاء 49 عمارة سكنية، يتوقع الانتهاء من 22 عمارة تضم 528 وحدة سكنية فى 30 يونيو المقبل، كما يجرى حالياً العمل فى المرحلة الثانية من المشروع بواقع 47 عمارة تحتوى على 1128 شقة.