النساء والحروب تسيطران على أفلام المسابقة الرسمية لـ«الإسماعيلية للأفلام التسجيلية»
مشهد من فيلم «سالى»
بدأت أمس الدورة الـ18 من مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، بعد سلسلة طويلة من التأجيلات استمرت لعامين، لتواجه الدورة الجديدة مجموعة كبيرة من التحديات، قبل أن يستعيد المهرجان وجوده الدولى كمهرجان متخصص، لتقام فعالياته فى الفترة من 20 وحتى 26 أبريل الحالى، برئاسة المخرج أحمد عواض، رئيس المركز القومى للسينما، ورؤية الناقد محمد عاطف، المدير الفنى للمهرجان.
«طرق حجرية» يرصد مذابح تركيا ضد الأرمن.. و«منطقة محرمة» يوثق حرب البوسنة.. والأزمة السورية حاضرة فى 3 أفلام
لم تنفصل الدورة الـ18 من المهرجان عن العالم، فى ظل ما يعانيه من حروب وهجمات إرهابية حولت الساحة الدولية إلى مناطق ساخنة، ولكنها فى الوقت نفسه لم تتطرق للسياسة والحرب على الإرهاب بشكل مباشر، فكانت المعالجة من خلال إلقاء الضوء على زاوية جديدة للحرب بمختلف أشكالها وتأثيراتها، بالإضافة إلى نتائجها التى تمتد إلى مئات السنين، بعيون المخرجين من مختلف الجنسيات، ليوحّدها الفن فى نطاق إنسانى.
وكانت البداية فى قسم الأفلام الروائية، حيث يدور الفيلم الفرنسى «كونجا»، للمخرج ماريو ماكيدانو، فى فبراير 1944، عندما يذهب الإسبانى «فرناندو كانجا» لاستقبال عائلته فى محطة القطار، وأثناء عبوره للساحة العامة، يدرك أن النازيين يبحثون عنه، وأن اسمه على قائمة المطلوبين، أما الفيلم الكرواتى «منطقة محرمة»، إخراج برانكو إسفانتشيك، فيدور خلال فترة حرب البوسنة، تنطلق مجموعة من جنود الجيش الكرواتى، فى رحلة بحث عن مشروبات روحية داخل المنطقة المحرمة، وعندما يعثرون على بقايا حانة مهدمة عند خطوط الجيش البوسنى، يلتقون بمجموعة أخرى من الجنود البوسنيين الذين كانوا يوماً ما من أصدقائهم.
ويعود المخرج أرنوه خاياد جانيان، فى فيلمه التسجيلى الطويل «طرق حجرية»، إلى عام 1915، للحديث عن المذابح التركية ضد الأرمن، وذلك من خلال رحلة عبر تركيا، على أرض أجداده الذين نجوا من الإبادة الجماعية للأرمن، بدءاً من لوحة ثم لقاءات مع أقاربه، ليتحرى ماهية «الصالحين»، وهم المجموعة مجهولة الهوية التى أنقذت الكثيرين أثناء تلك المذابح.
والفيلم التسجيلى القصير «الجيل الثالث»، للمخرج الإيرانى محمد على رخسانى، ويروى قصة أعضاء بيت السلام الذين ينتمون غالباً إلى الجيل الثالث من ضحايا الحرب، والمادة الكيميائية المسماة «العميل أورانج»، التى تم استخدامها من قبَل الجيش الأمريكى خلال حرب فيتنام، ويعكس الفيلم محاولات السيد «جوانغ»، الرئيس التنفيذى لهذه المنظمة، بالتعاون مع الضحايا والمعاقين، تعزيز الأمل وإحياء السلام.
وفتح قسم الأفلام التسجيلية القصيرة نافذة على الحرب السورية، مع فيلم «9 أيام.. من نافذتى فى حلب»، وهو إنتاج مشترك بين هولندا وسويسرا، وإخراج السورى عيسى توما، بالتعاون مع فلور فان دى ميولن، وتوماس فروج، ويمثل الفيلم زاوية نظر جديدة للأحداث السورية فى حلب، وما زالت الأحداث تجرى منذ 3 سنوات، مما جعل «توما» يحمل كاميرته طوال 9 أيام داخل شقته، ليسجل ما يجرى فى الخارج، كما قدم المخرج ريبر دوسكى، رؤية مختلفة لتنظيم «داعش»، وسيطرته على بعض المناطق السورية، من خلال فيلم بعنوان «قناص كوبانى» الذى يدور حول «هارون»، مقاتل وقناص كردى، يصل إلى المدينة السورية «كوبانى» لإنهاء احتلال «داعش».
«سالى الفتاة التى تواجه الحرب بالمسرح»، جزء من السلسلة التى يتم تناول الحرب من خلالها، وهى الحرب من خلال عيون النساء، حيث قدمت المخرجة السورية زهرة البودى فيلم «سالى»، المعروض ضمن مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة، والذى يتناول غزو الإرهابيين لمدينة «الرقة»، حيث تقرر فتاة سورية الهجرة إلى اللاذقية، وفى طريقها إلى هناك، تواجه أحداثاً خطيرة فتلجأ إلى المسرح، لتحاول أن تنسى قسوة الحرب، وهو قريب مما قدمته المخرجة التركية ليلى توبراك، فى فيلم «بعيداً»، الذى يرصد فى 16 دقيقة، تأثير الحرب فى منطقة «عين العرب» على الناس والطبيعة؛ وعلى النساء المحاربات اللاتى يتمردن على تجاهل العادات الاجتماعية لدور المرأة منذ سنوات طوال.
وركزت الدورة الحالية على المرأة وقضاياها بشكل كبير، وهو ما يعكس توجهات واهتمامات لجنة المشاهدة، فهناك مجموعة كبيرة من الأفلام على هامش المهرجان أثارت قضايا نسائية مهمة، سواء من خلال المعالجة الروائية أو الرصد التسجيلى، ففى قسم الأفلام التسجيلية الطويلة، يلقى المخرج والمصور تييرى ميشيل الضوء من خلال فيلم «الرجل الذى يصلح النساء»، على الدكتور «مكويج»، الفائز بجائزة ساخاروف عام 2014، والذى يُعرف عالمياً باسم الرجل الذى يصلح الآلاف من النساء اللواتى تعرضن للاغتصاب، خلال 20 عاماً من الصراعات فى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفى مسابقة الأفلام التسجيلية، يلقى المخرج البولندى سلافومير ويتك، الضوء على حياة صاحبات القدرات المختلفة بفيلم «المشجعات»، من خلال «مونيكا»، كابتن فريق للمشجعات، والتى تقدم على تحد جديد بتكوين فريق من متحديات الإعاقة الصغيرات على الكراسى المتحركة، وتكتشف المدربة أن الفتيات مثلها فى الطموح والمثابرة على تحقيق هدف مشترك رئيسى، وهو النجاح أثناء حدث رياضى كبير، بينما تحاول المخرجة الأمريكية كايلا برايت، التى تنتمى لقبيلة هنود «بوتاواتومى»، البحث عن هويتها الثقافية فى فيلمها «الدخان الذى يسافر»، عندما تقرر أن تصنع فيلماً عن والدها «جارى ويس كى جى أماتيوك»، وعن عائلتها ومعنى أن يكون المرء هندياً من السكان الأصليين للولايات المتحدة الأمريكية.