الأنبا «بيمن»: شركة إسرائيلية ستدير «كهرباء سد النهضة».. والعلاقات مع أثيوبيا تسير للأفضل والبركة فى «السيسى»
الأنبا «بيمن» يتحدث لـ«الوطن»
فى أحد أحياء القاهرة الشعبية وداخل شقة متواضعة تدل على زُهد الرهبان، اتخذها مقراً له بالقاهرة حينما يحل فيها وقتما يستلزم الأمر، ترك أقصى الصعيد قادماً إلى قاهرة المعز، كان مكان لقائنا مع الأنبا بيمن، أسقف نقادة وقوص فى محافظة قنا، ومسئول لجنة إدارة الأزمات بالكنيسة الأرثوذكسية، وملف العلاقات الكنسية بين مصر وإثيوبيا، الذى فتح خلاله خزينة أسراره وكشف معنا لأول مرة تفاصيل مشاركاته الرئاسية، واتصالاته مع القوات المسلحة.
لمدة ساعتين كان الأنبا بيمن الذى سيحتفل الشهر المقبل بمرور ربع قرن على رسامته أسقفاً، يُحدثنا عن الكنائس التى دُمرت عقب فض اعتصامى الإخوان بميدانى رابعة العدوية والنهضة فى أغسطس 2013، وسعى الجيش لتنفيذ وعد الرئيس بالانتهاء من إعادة إعمارها قبل نهاية العام. كما أفصح «بيمن» عن شهادته على اللقاء الوحيد للرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى فى إثيوبيا، قائلاً إنه «لا يمتلك رؤية لإدارة الملف وتسبّبه كذلك فى فضيحة لمصر أمام الرؤساء الأفارقة».
وحول أزمة الأحوال الشخصية للأقباط والهجوم على البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتلاعب الغرب بورقة الأقباط، تنقلنا فى محطات حوارنا بين الكنيسة والدولة والأقباط، ليفتح الأنبا بيمن قلبه وعقله لـ«الوطن» فى حوار لم تنقصه الصراحة والوضوح، ليؤكد فى نهايته إيمانه بأن «مستقبل الكنيسة والدولة فى يد الله، وأن غداً أكثر إشراقاً».. وإلى نص الحوار:
نشعر بالرضا من تعامل الدولة الحالى مع مشكلات الأقباط.. وقدّمنا طلبات لـ«الداخلية» و«الرئاسة» لتقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة دون رد
■ دعنا نبدأ بما انتهى إليه لقاؤكم مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة؟
- فى البداية نوجّه جزيل الشكر والامتنان إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وشكره واجب، ليست به مجاملة، والشكر أيضاً للقوات المسلحة، ممثلة فى الهيئة الهندسية. ونحن لنا لقاءات دورية من 2013 مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وحتى اليوم، نناقش الأولويات والتحديات التى تقابلنا، سواء تحديات إنشائية أو أمنية كالأوضاع فى الأماكن التى لها ظروف خاصة، مثل رفح والعريش ودلجا وكرداسة، كما تتم مناقشة إمكانية تحقيق الأهداف دون حدوث خسائر من أى طرف. واللقاء الأخير كان بخصوص مناقشة المرحلة الثالثة والأخيرة من خطة بناء وترميم الكنائس التى تعرّضت للاعتداءات عقب أحداث 14 أغسطس 2013، وهو لقاء دورى مثل كل المرات السابقة، واستعرضنا خلاله الموقف، ونسبة التنفيذ والأداء، وهل هناك مشكلات فنية أم لا، والسرعة المطلوبة فى التنفيذ أكثر من ذلك، لأن تلك المرحلة مقدر لها عام منذ وعد الرئيس فى ليلة 6 يناير الماضى، وحتى نهاية العام الحالى، والحمد لله، نسبة التنفيذ فى هذه المرحلة مرتفعة جداً، وذلك يعود إلى انضباط وكفاءة القوات المسلحة الرائعة جداً، وسنُنهى هذه المرحلة مبكراً.
«المعزول» رد على أسئلة رئيس الوزراء الإثيوبى بـ«العهد البائد.. وهنشوف» دون إجابات قاطعة.. وفصلوا عنه الصوت أثناء القمة الأفريقية فى 2013
■ منذ 2013، ماذا حدث فى ملف الكنائس التى تعرّضت لاعتداء من الإخوان فى 14 أغسطس؟ وكم كنيسة تم الانتهاء منها وتسليمها إليكم؟
- هناك 67 موقعاً قبطياً وكنيسة تضرّرت فى تلك الأحداث، تم تقسيمها إلى 4 أجزاء، الأول ما تم ترميمه بمعرفة الكنائس لتعرضها لأضرار طفيفة وتدمير جزئى، وتبلغ 22 كنيسة، والجزء الثانى كان 10 كنائس بـ19 منشأة، والثالث 10 مواقع بـ10 كنائس، والرابع 28 موقعاً، منها مركب نيلى و19 كنيسة.
■ هل شملت المرحلة الأخيرة كل المواقع المتبقية، بما فيها الموجودة فى مواقع ببؤر خطرة، مثل سيناء وكرداسة؟
- بالفعل، ونحن نعمل بتلك المواقع حالياً، والجيش يعمل بها بصورة جيدة جداً، والموقع الوحيد الذى لم يتم العمل به، نظراً للظروف الخاصة الموجودة حالياً، هو رفح فى شمال سيناء.
■ وما معدلات التنفيذ والوقت المحدّد للتسليم؟
- هناك مواقع بلغ معدل التنفيذ فيها 35%، وأخرى 40%، ومواقع انتهت بنسبة 100%، نظراً لأن حجم التلفيات لم يكن كبيراً جداً، مثل مكتبات الكتاب المقدس، حيث إن هذه المواقع كانت تحتاج إلى تمويل وليس إلى أعمال إنشائية، والمعدل مُرضٍ جداً، وأعتقد أن تلك المواقع سيتم الانتهاء منها قبل الموعد المحدّد لها وستُقام بها قداسات عيد الميلاد المقبل.
■ كم بلغت تكلفة عملية إعادة إعمار الكنائس المتضررة من أحداث عزل الإخوان؟
- بلغت نحو 170 مليون جنيه، وتلك تكلفة المراحل الثلاث التى تولت أعمالها القوات المسلحة.
■ قيل إن الكنيسة تحملت جزءاً من التكلفة.. فكم بلغت؟
- كما قلت سابقاً، الكنيسة تحمّلت تكلفة المواقع والكنائس التى تضرّرت جزئياً، وهى 22 كنيسة، أما الباقى فتحمّلت تكلفتها بالكامل القوات المسلحة، لكن القوات المسلحة تتعامل بنظام الدفعات الكبيرة التى تقدم على فترات زمنية، الأمر الذى يدفع بعض المقاولين إلى طلب سيولة مالية تقوم الكنائس بدفعها لهم، ويتم استردادها بعد تسليم القوات المسلحة الدفعات المالية المتفق عليها.
■ بما أن نيافتك مسئول عن ملف إدارة الأزمات بالكنيسة.. كيف ترى تعامل الدولة مع مشكلات الأقباط والكنيسة حالياً، مقارنة بما سبق؟
- الحقيقة بعد ثورتين فى مصر، الرؤية والنظرة إلى هذا الملف اختلفت، قد لا تكون هناك سرعة فى اتخاذ القرار، لكن هناك تفعيلاً لما تم الاتفاق عليه فى الدستور، والانصهار الذى حدث بين طوائف الشعب المصرى خلال الثورتين والرؤية الجديدة التى بدأ الشعب ينظر بها إلى بعضه البعض، وشعور المسئولين بأن الكنيسة ليست منطوية ومتفاعلة، فضلاً عن وطنية الكنيسة التى قد لا تكون مميزة عن وطنية الإخوة المسلمين، ووجود مواد منصفة فى الدستور، إنصافاً عادلاً لكل أفراد الشعب المصرى، فضلاً عن القيادات السياسية، ممثلة فى الرئيس والحكومة ووجود من يمثلنا فى مجلس الشعب، وإن كنا لم نرَ تحركاً ملموساً منهم، لكن هناك شعوراً عاماً بالرضا وثقة فى أن القادم أفضل، فالآن أصبح المسئول يتعامل مع المشكلات التى تُعرض عليه بنوع من الاهتمام ويتعامل معها على أنه واجب، وليس تكرماً منه، دون النظر إلى الديانة والوضع الاجتماعى، وهذا إحساس رائع، وبه نوع من الرضا، وهذه مشكلة كبيرة تم حلها.
■ «إدارة الأزمات» لجنة مستحدثة داخل الكنيسة.. ما طبيعة عمل تلك اللجنة؟ ولماذا شُكلت؟
- أظن أنه بعد عام 2011، البلد دخلت فى أزمة، فكان لازم المجمع المقدس للكنيسة يسارع بتشكيل لجنة لإدارة أزمات لتمنع الأزمة قبل وقوعها، أو تلافى اتساع أزمة، هذا هو الهدف منها.
لا توجد مؤامرة على البابا.. وما يتعرّض له من هجوم إلكترونى وإعلامى ناتج عن ثورتين ومشاركة الرئيس لنا فى العيد تمنحنا مذاقاً خاصاً.. وأشكره على تهنئتنا لأنه رئيس كل المصريين
■ هل من توضيح لطبيعة تلك الأزمات؟
- مثل الكنائس التى تعرّضت للتدمير والحرق فى 14 أغسطس 2013، والتى تدخلت فيها اللجنة ومثّلت كل الطوائف، وتدخّلنا كذلك فى مشكلة الأقباط المصريين الـ21 فى ليبيا، الذين استُهدفوا بالذبح، وما أتبع تلك المأساة من العمل على إعادة الأقباط الموجودين بليبيا وتدخّلنا فيها، وكان هناك تواصل مع وزارتى الخارجية والطيران المدنى، ومع الموجودين بليبيا من أجل توجيههم حتى عودتهم إلى مصر، ونحن لا نتدخّل إلا فى الأزمات الكبرى، وليست البسيطة.
■ وماذا عن أزمات الفتن الطائفية؟
- لو هناك، لا سمح الله، فتن طائفية، مثل الذى حدث فى المنيا، فتدخّلنا بالتعاون مع بيت العائلة الممثل من الأزهر والكنائس، ونحن على تواصل معهم، وإن كان تدخّلنا فى تلك الأزمات ليس مباشراً.
■ وما رأيك فى جلسات الصلح العرفية؟
- هناك مدن، خاصة التى تسيطر عليها القبلية، لا يحل أزماتها سوى تلك الجلسات، وهناك مدن لا يصلح معها ذلك، فتلك الجلسات، خصوصاً فى الصعيد تحقن دماء كثيرة، القانون لا يستطيع أن يمنعها، وهناك أماكن أخرى لا تصلح معها تلك الجلسات، وأنا أشارك كثيراً فى تلك الجلسات، كمجاملة فى النهاية، مثل جلسات بين المسلمين وبعضهم البعض، أو بين مسلمين ومسيحيين.
■ إلى أين وصل مشروع قانون بناء الكنائس؟ وهل طرح على الدولة عملية تقنين الكنائس غير المرخّصة؟
- تم تقديم المشروع إلى الحكومة بالفعل، وسيتم مناقشته خلال الفترة المقبلة، وهذا الملف مسئول عنه الأنبا بولا، وقد سبق وطرحنا موضوع ملف تقنين الكنائس غير المرخصة، وكل إيبراشية لديها حصر ذلك، وأرسلنا طلبات مع تلك الملفات إلى وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية أكثر من مرة دون تحرّك إيجابى أو الرد علينا.
■ كيف ترى العلاقات بين مصر وإثيوبيا، وأنت تتولى مسئولية ملف العلاقات الكنسية بين البلدين؟
- العلاقة بين الكنيستين المصرية والإثيوبية تعود إلى القرن الرابع الميلادى، حينما طلب بطريرك إثيوبيا من بطريرك الكنيسة القبطية، الرعاية الروحية للمسيحيين هناك، فرُسم الأنبا سلامة أول أسقف قبطى فى إثيوبيا، الذى أطلق عليه «كاشف النور»، وبدأ يضع هيكل الكنيسة الإثيوبية، ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 1959، كانت الكنيسة القبطية مسئولة عن رسامة الكاهن الأكبر للكنيسة الإثيوبية، لكن فى هذا التاريخ طلبت الكنيسة الإثيوبية من البابا كيرلس السادس رسامة أساقفة وبطريرك خاص بهم واستجاب لهم، ولم يكن لنا هدف مع إثيوبيا سوى الرعاية الروحية، وتمت سيامة بطريرك لهم، ومنذ ذلك التاريخ سارت العلاقات جيدة أيام البابا كيرلس والرئيس جمال عبدالناصر، وحتى بداية عهد البابا الراحل شنودة الثالث، إلى أن توفى بطريرك إثيوبيا، وتم سيامة بطريرك جديد هناك، وحدثت مشكلات بها نوع من التجاهل والاستفزاز من الجانب الإثيوبى خلال تلك السيامة، من هنا بدأت العلاقات تتأثر بشكل مباشر.
وهذا الملف ارتبط بسياسة الدولة أيضاً فى تلك المرحلة، ففى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان هناك اهتمام كبير بأفريقيا وإثيوبيا، لذلك تواصلت العلاقة بين الدولتين، لكن فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وتوجّهه ناحية الغرب وترك أفريقيا، وكلامه حينما كان يعلن أن حل مشكلاتنا فى يد أمريكا، أهملت أفريقيا من جانب مصر، وبدأ إهمال أى توجه دينى يخالف توجهات الدولة، وكان سهلاً عليه أن يكيل الاتهامات فى ذلك العصر للكنيسة، فالكنيسة إذا أرادت عمل علاقات جيدة تتبادل خلالها العلاقات مع إثيوبيا يرفض هو تلك العلاقة، فكان أسهل عليه أن يتهم أى شخص بالخيانة، ونحن رأينا كيف تعامل «السادات» مع البابا شنودة، والعلاقات كنت شبه منقطعة بين الكنيستين المصرية والإثيوبية فى ذلك الوقت، واستمر هذا الوضع فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بل كانت الطامة الكبرى وقت محاولة اغتيال «مبارك» فى أديس أبابا، واتهامه إثيوبيا بشكل مباشر بالإهمال فى حمايته، واستمر ذلك حتى تمت رسامة الأب باولس، بطريركاً للكنيسة الإثيوبية.
والبابا شنودة اهتم بالأب باولس اهتماماً خاصاً، فقد نُفى «باولس» إلى أمريكا، وهناك رسمه البابا شنودة كاهناً، وأوصى عليه الأقباط فى المهجر، فحينما تمت سيامته بطريركاً لإثيوبيا، سعى لإعادة العلاقات بين الكنيستين، وتجاوز الخلافات الكنسية بينهما، وتم توقيع بروتوكول بين الكنيستين، وبدأ تبادل الزيارات بين المسئولين فى الكنيستين، وبعد وفاة البابا شنودة حضر الجنازة الأب باولس، وكان وقتها الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، يتولى منصب القائمقام البابا، وكلفنى شفاهةً بتولى مسئولية العلاقات بين الكنيستين، حتى أصدر البابا قراراً رسمياً بعد تجليسه بتلك المسئولية.
وأنا حريص على التواصل مع الجانب الإثيوبى وحضور مناسبات الكنيسة الإثيوبية، وتواكب هذا الأمر كنسياً مع توجه الدولة، لكن الكنيسة كانت سبّاقة عن الدولة فى التواصل، فإذا كنت أنا توليت الملف بعد 2011، فقد سبقنى فى التواصل الكثير من أساقفة الكنيسة وأحد رهبان الكنيسة بإثيوبيا المقيم هناك، وأنا أزور إثيوبيا 6 مرات سنوياً، والحمد لله العلاقات الآن بين البلدين رائعة جداً، وتسير فى طريقها الصحيح إلى الأفضل.
■ سبق أن رافقت الرئيس المعزول محمد مرسى، كما رافقت الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إثيوبيا.. كيف ترى الفرق بينهما فى إدارة العلاقات المصرية - الأفريقية، خصوصاً فى أزمة سد النهضة؟
- أنا شاركت مع «مرسى» فى زيارته، وكنت ضمن الوفد الرسمى، لكن لم أشارك فى الوفد الرسمى مع الرئيس السيسى، فأنا كنت فى شرف استقباله فقط وحضرت مرة أو اثنتين لقاءاته أثناء وجوده مع المسئولين فى قاعة كبار الزوار فى المطار، وحتى إذا التقى أحداً، لا أكون مشاركاً فى الحوار.
المشاركة الأولى مع «مرسى» كان واضحاً من طلب مشاركة الكنيسة أنها للمظهرة والمنظرة، وأنا أعلم علم اليقين أنى رايح منظرة مش مشاركة فعلية، والحقيقة أنا أول مرة أقترب من المجموعة المحيطة بالرئيس المعزول، والحمد لله قالوا لى البابا تواضروس اختار وزير خارجية ناجح للكنيسة يشارك فى الوفد، لأنى حكيت معاه ومعاهم إزاى يتعاملوا مع إثيوبيا، بحكم احتكاكى المباشر معاهم طوال 3 سنوات قبل هذا اللقاء، وأسلوب التعامل وتقييم الشخصية الإثيوبية، وأخذوا منى معلومات فوجئوا أن السفارة المصرية يتولاها السفير محمد إدريس فى ذلك الوقت، وطاقم دبلوماسى عالى جداً، وفى السفارة هناك حكوا لهم عن طبيعة الشعب الإثيوبى وأفكارهم وطريقة كلامهم، لدرجة أن أحد المسئولين الكبار وقتها نظر لى أنا والسفير، كأننا متفقين مع بعض على نفس الكلام، لكن الحقيقة أن الدراسة هى ما توصلنا إلى نفس النتيجة الواحدة، لكن أنا شاهدت فى اجتماعات «مرسى» ورئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ماريام، بحضور وفدى البلدين، هروب الرئيس المعزول من الإجابة عن الأسئلة والرد بردود من عينة «فى العهد البائد، إن شاء الله، هنشوف»، ولا توجد إجابات قاطعة، فى حين أن الآخر كان يرد بإجابات قاطعة على أسئلة الجانب المصرى.
قضية دير السلطان ستُثار مع الكنيسة الإثيوبية فى الوقت المناسب.. وسيتولى الملف الأنبا أنطونيوس مطران القدس
كما أنه لم تكن هناك رؤية لـ«مرسى» والوفد المصرى فى تلك الزيارة، فهل هى زيارة من أجل المشاركة فى قمة الوحدة الأفريقية، أم من أجل لقاء مسئولى إثيوبيا ومناقشة أزمة سد النهضة، فنحن ذهبنا إلى إثيوبيا مع «مرسى» استناداً إلى المثل الشعبى «بختك يا أبوبخيت»، وهذا ما لاحظته ورأيته، وهو عدم الرؤية.
وخلال القمة الأفريقية خُصص لكل رئيس 10 دقائق لإلقاء كلمته، وحينما حان وقت كلمة «مرسى»، لم يلتزم بالوقت، ففصلت رئاسة القمة عنه الصوت، وكان ذلك الموقف «فضيحة»، تخيل شكلنا إيه، وهذا من ضمن المواقف المحرجة جداً لصورة مصر.
كما أنه خلال تلك الزيارة حدث ارتباك شديد للوفد الرئاسى المرافق للرئيس المعزول، وأشعرونا بأن غمامة سوداء هبطت عليهم حينما أعلنت أديس أبابا خلال الزيارة عن تحويل مجرى نهر النيل لبناء السد، بينما حقيقة الأمر أن تحويل المجرى ليس معناه منع المياه عن مصر، والمفروض أن المستوى المعرفى فى الثقافة العامة للوفد الموجود يكون عارف كده، حتى إن أحد أعضاء الوفد سأل عن أن هذا القرار الإثيوبى معناه عدم وصول المياه إلى مصر وقطعها ونحن موجودون هناك، وأنا من رديت عليه فى حضور وزير الرى وقتها، بأن المياه ذاهبة إلى مصر، وأن التحويل ليس معناه القطع، واسمح لى أقول إن الموضوع لم يكن يشغل المسئولين الإخوان بالدرجة العالية، وسألنى وقتها وزير الرى عن تخصّصى قبل الرهبنة.
وهنا لا بد أن أشير إلى أن الإعلان الإثيوبى عن تحويل مجرى النيل الأزرق، أثناء وجودنا كان «إعلان بايخ»، خصوصاً أننى علمت أنهم فعلوا ذلك من قبل الزيارة.
أما الوضع فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأنا كنت فى استقباله فى أديس أبابا، فقد استُقبل استقبالاً جميلاً من الحكومة الإثيوبية، وأثناء جلوسه فى قاعة كبار الزوار، حضر عدد من الرؤساء الآخرين الذين كانوا يحرصون على التوافد على الرئيس والسلام عليه بحرارة، كما أن الرئيس السيسى لديه رؤية وخطة فى لقاءاته المختلفة، والأمور واضحة معه، ولا توجد تحركات عشوائية.
■ هل طلبت منكم «الرئاسة» فى عهد «السيسى» تقديم أى رؤية خاصة بالتعامل مع إثيوبيا، كما حدث فى عهد «مرسى»؟
- «الرئاسة» تعلم أن عملنا فى إثيوبيا يتم بالتنسيق مع السفارة المصرية وبالتفصيل، وحتى خدماتنا الكنسية والاجتماعية والطبية والتعليمية، تعلم بها، وهى ترسل تقاريرها ونحن متفقون على مناقشة كل تفاصيلنا الصغيرة والكبيرة مع بعض، كمصريين نبحث عن مصلحة واحدة، وليست هناك حاجة إلى أن أتواصل مع «الرئاسة»، وهناك توجّه من وزارة الخارجية، وحقيقة لدينا وزير خارجية، وهو سامح شكرى، على أعلى مستوى من مستويات الدبلوماسية والفكر المستنير، والتقيته أكثر من مرة، ونتناقش ونتواصل معه دائماً.
لعب الغرب بورقتى «الأقباط» و«حقوق الإنسان» يهدف إلى مصالح خاصة.. ومصر عطلت قاطرتهم السوداء.. وتوجد خدمة اجتماعية للكنيسة القبطية الأرثوكسية فى أماكن كثيرة بإثيوبيا
لا يمكن طرح قانون «الأحوال الشخصية للأقباط» للحوار المجتمعى.. «ماينفعش نجيب حد من الشارع يفتى فى الدهب».. والخارج «منقوط من مصر» لأنها وقفت المراكب السايرة فى الطريق الخاطئ» رأيت كيف يتعامل الرؤساء الأفارقة باحترام مع «السيسى».. وأزمتنا مع «أديس أبابا» سببها نظرتنا الأحادية والتعالى والتهديد فى ملف سد النهضة
■ ما أسباب الأزمة بين مصر وإثيوبيا والتصعيد الحاصل فى ملف سد النهضة؟
- أولاً بسبب أسلوبنا فى التعامل ورؤيتنا الأحادية للأزمة، وهم يحضرون صور القرى السياحية الخاصة بنا ومناظر النيل الجميلة والبواخر السياحية فى النيل، ويصورون بالفيديو مياه النيل وهى تلقى فى البحر، ونحن نُبرّر ذلك فى مصر بأنه حق مكتسب لنا وأن الله أعطانا ذلك، وأن إثيوبيا ليس من حقها التنمية، ويعرض الإثيوبيون فى التليفزيون الرسمى بدولتهم تلك المشاهد، ويقولون انظروا إلى المصريين ماذا يفعلون بمياه النيل، موضحين أن الفائض من تلك المياه يُلقى فى البحر، وأن المصريين لا يريدون للإثيوبيين أن يستفيدوا بالمياه المتساقطة على أرضهم، ولكن الرئيس عبدالفتاح السيسى حينما قال إن المياه بالنسبة لكم تنمية، ونحن نقر بحقكم فى التنمية، وبالنسبة لنا حياة، فهذا هو الكلام الذى كان لا بد أن يقال منذ بداية الأزمة.
فنحن لم نقر ولم نعترف فى السابق بأن سد النهضة حق لهم، والتنمية حق لهم، بل كنا نُنكر على طول الخط هذا الحق، فضلاً عن ذلك كنا نكتب فى صحفنا أن أيام الرئيس السادات قامت الطائرات وضربت مش عارف إيه، وأيام الرئيس مبارك ضربت إيه، وهذا كلام خاطئ، وهو ما يتحجّج به الإثيوبيون فى ممارساتهم، فالرؤية لدينا غائبة والإعلام يحكى عن لسان المصريين.
إثيوبيا إذا كانت تعانى من حروب أهلية ونزاعات، فإن الأمور استتبت لهم وبدأوا ينظرون إلى التنمية، فما المانع أن تلك المياه التى تجرى فى نهر النيل تمر على توربينات الكهرباء لديهم وتولد لهم الطاقة، وتأتى لنا، فمن ضمن أسئلة رئيس وزراء إثيوبيا للوفد الرئاسى أيام «مرسى»: «يا ريس أنتم لديكم خبرة فى بناء السدود؟»، فرد «مرسى» قائلاً: «نعم فنحن لدينا السد العالى»، فرد رئيس الوزراء الإثيوبى: «إذاً لماذا حينما طلبنا من الدول أن تجرى دراسات وتأخذ إدارة كهرباء السد، لماذا لم تتقدّم مصر؟»، فرد «مرسى» بأن هذا كان فى العصر البائد، وهو الرد السريع البديل للنقاش والتفاوض، وحينما فازت إسرائيل بالمزاد ظللنا نتكلم عن أنها تفعل كذا وكذا، وقال له ذلك بوضوح رئيس الوزراء الإثيوبى بالقول: «أنتم عملتم ثورة عارمة حينما أتت شركة إسرائيلية تدير كهرباء السد، لماذا لم تدخل مصر؟».
وللعلم، الإثيوبيون يعتبرون رؤيتنا لهم متعالية جداً، وإنكار حق شرعى لهم، وهذا كلام غير مقبول طبعاً، والآن أقول بـ«الفُم المليان» إن على مصر أن تحذر وتحتاط لأن كل الدول الأفريقية تسعى لتنمية مواردها، فنصيبنا من المياه يبلغ 55 مليار متر مكعب، والسودان نصيبها 18 مليار متر مكعب، ولا تأخذ كل مياهها، فهل ستظل السودان طوال عمرها لن تأخذ حقها، وهذا حق مكتوب ومسجل وموقع، فالسودان ممكن أن تبنى سدوداً وتأخذ الكمية المخصّصة لها، فهل لن يعوقنا ذلك، لا بد أن ناخد بالنا وننمى مواردنا من المياه ونحافظ على كل قطرة مياه موجودة.
وقيل إن نابليون بونابرت وقف عند اتصال فرع رشيد مع البحر الأبيض المتوسط، وقال «أنا لو رئيس هذه البلاد لن أسمح لنقطة من مياه النيل بأن تسقط فى البحر»، وهذا كلام مر عليه 300 سنة، ولا بد أن نعى أن كل الدول ستصحو وستنمى دولها، وعلينا أن نبدأ من الآن ما كان يجب أن نبدأه منذ زمن، كما يجب علينا التخلى عن النظرة الأحادية والتعالى والتهديد.
■ وكيف تُقيم ردود الإثيوبيين على لقاء «مرسى» بالسياسيين الشهير بـ«السرى»، الذى أذيع على الهواء مباشرة؟
- كان له أكبر مردود سلبى على القضية حتى اليوم، ويذكرونه لأنه كان مذاعاً على الهواء مباشرة وبه الرئيس وكبار رجال الدولة.
■ ألم تزل تلك النظرة السلبية حتى بعد تطمينات الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- طبعاً البركة فى الرئيس السيسى، فيه ثقة كبيرة من الجانب الإثيوبى به، ولكن ما زال الهاجس موجوداً، وهم بطبعهم اليقينى عندهم، يصلون إليه بعد مجهود كبير جداً.
■ أىٌّ من رؤساء مصر يتحمّل مسئولية تدهور العلاقات المصرية - الإثيوبية؟
- الأزمة بدأت فى عهد «السادات» وتحدّدت معالمها مع «مبارك»، والإثيوبيون شرعوا فى تنفيذ سد النهضة مباشرة عقب ثورة 25 يناير 2011، وفترة وجود «مرسى».
■ وما حقيقة تدخّل أطراف أجنبية مثل إسرائيل وتركيا وقطر لتصعيد الأزمة؟
- أنا خدمتى ليست مباشرة، ومعلوماتى عامة، لكن طبعاً بيقولوا إن شركات إيطالية هى التى تُنفذ بناء السد، وشركة إسرائيلية هى التى تدير إنتاج الكهرباء بعد انتهاء السد، وكما تعلم أن الشركات العملاقة قد يكون إسرائيليون مشاركون فيها، لكن ليس لدى معلومات حولها، أما بخصوص قطر وتركيا، فليس لدى معلومات مؤكدة حولهما، لكن يقال إنهما يمولان عمليات بناء السد.
■ ماذا تفعل الكنيسة القبطية لتوطيد العلاقات الشعبية بين مصر وإثيوبيا؟
- هذا شغلنا الشاغل، ونحن نُقدم عمل محبة مثلما يقولون، ونرسل قوافل طبية على أعلى مستوى، تضم الأطباء المصريين الأقباط وأقباط المهجر، ونكون متفقين على مواعيد معينة وبتخصصات معينة، وبالترتيب مع المستشفيات الإثيوبية والمسئولين المصريين التابعين للكنيسة، وتجرى تلك القوافل الكثير من العمليات الجراحية والكشف على عدد كبير من الإثيوبيين، فكانت آخر قافلة طبية كنسية تضم 37 طبيباً وطبيبة فى كل التخصصات من مصر ودول المهجر، وأرفقنا معها كمية كبيرة جداً من الأدوية، وذلك يترك مردوداً إنسانياً كبيراً، ونحن نقوم بذلك لأن الإثيوبيين يستحقون هذا إنسانياً، ولتغيير نظرتهم إلى مصر من مصدر شر إلى مصدر خير لهم.
كما توجد خدمة اجتماعية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية مثل الأكل والملبس والمشرب والملاجئ فى أماكن كثيرة بإثيوبيا، وبدأنا فى خدمة التعليم هناك، ولدينا مدرستان مبدئياً فى مراحل الحضانة والابتدائى، ونأمل أن نكمل ذلك، وللتعليم تأثير كبير جداً على الشعوب، وهناك الكثير من الرؤساء والزعماء العرب والأفارقة يتفاخرون بأنهم خريجو مدارس وجامعات مصر، لذلك نأمل أن يكون لمصر جامعة فى إثيوبيا، مثل جامعة الخرطوم، وهذا أمر أكبر من طاقة الكنيسة.
ونحن بدورنا دفعنا بعدد كبير من المستثمرين الأقباط الكبار للاستثمار فى إثيوبيا وإقامة مشاريع هناك، وبدأوا فى توظيف العمالة الإثيوبية فى مشروعاتهم، وتلك رسالة إلى الإثيوبيين بأن المصريين مصدر خير لا شر، وأنهم يسعون لإقامة المشاريع والاستثمارات فى بلادهم من أجل إفادتهم، كما توجد لدينا تعاملات روحية ودينية فى إثيوبيا، وذلك له مردود جيد جداً على الشعب الإثيوبى.
■ وما الدور الذى تلعبه الكنيسة فى ملف «سد النهضة»؟
- دور الكنيسة يقتصر على تهيئة الجو لنجاح المفاوضات بين السياسيين والفنيين، وأنا شخصياً لا أشارك مشاركة فعالة ومباشرة، والكنيسة إحدى القوى الناعمة لتهيئة الجو للمفاوضين المتخصصين، بطريقة غير مباشرة، لأن هناك الكثيرين يسألوننى هل سيتم منع مياه النيل عن مصر؟، وأرد بأن المياه هتفضل جاية لمصر، لأنه لا يستطيع أحد منعها عنا، لكن الحقيقة يجب التوعية وأن يشعر الشعب كله أن كل نقطة مياه تُلقى فى الأرض لها قيمة، ولا بد من وعى مجتمعى بأهمية المياه وهذا مهم جداً.
■ مع أعياد القيامة والسفر إلى القدس يتكرر الحديث عن أزمة دير السلطان التابع للكنيسة القبطية الذى احتلته إسرائيل وسلمته إلى الأحباش.. ما آخر تطورات تلك الأزمة؟
- حينما زار الأب متياس، بطريرك الكنيسة الإثيوبية، مصر فى العام الماضى، لم يتحدث عن الأمر، وحينما زار البابا تواضروس أديس أبابا فى سبتمبر الماضى لم يتطرّق إلى الموضوع، وكنا ننتظر أن يحدث تطبيع للعلاقات بين الكنيستين فى البداية، وبعد ذلك يتم فتح هذا الموضوع فى الوقت المناسب، فضلاً عن أن من ضمن الأسباب التى لم تجعلنا نفتح هذا الموضوع أن الأنبا إبراهام مطران الكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى الراحل، كان فى حالة صحية لا تسمح بفتح القضية، لكن الآن أصبح هناك مطران جديد، وهو الأنبا أنطونيوس، الذى تولى الأمر نهاية شهر فبراير الماضى، وسيكون مهتماً جداً بتلك القضية، لأن أزمة دير السلطان ليست من اختصاصاتى، لكن عند فتح هذا الملف من الممكن أن أكون حاضراً.
■ تعتقد أن ما توصل إليه المجمع المقدس للكنيسة حول قانون الأحوال الشخصية للأقباط يحل الأزمة نهائياً؟
- لو القانون هذا تمت إجازته من الدولة كما توافقنا عليه داخل المجمع المقدس، سيحل مشكلات كثيرة جداً، والنسبة العالية من المشكلات الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط.
■ يرى البعض أن المواد التى أدخلت على القانون «هلامية» ولا يمكن إثباتها مثل «الإلحاد»؟
- نحن نثق فى أسلوب تطبيق القانون، ولا نأخذ الأمور على عواهنها، فالملحد من السهل جداً أن أناقشه، ومن مناقشته سيظهر إن كان ملحداً أم لا، فكل شىء بأدلة وأسانيد، وذلك بأسلوب معالجة، فالإلحاد هو أن ينكر الشخص وجود الله، وعبر تلك الأدلة ستتم مواجهة الشخص الملحد بذلك، ونحن لا نريده أن يكون ملحداً، بل نريده أن يعود إلى الإيمان وينكر الإلحاد، ويعتذر عن هذا الخطأ، فنحن ليس من هدفنا إثبات الإلحاد عليه.
ولدينا أشياء كثيرة جداً فى القانون على هذا النسق، فإذا أردنا أدلة مادية ومحسوسة فإن إيماننا كله قائم على بعضه، بأنه الإيمان بأمور لا تُُرى مثلما لدى إخوتى المسلمين الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل، فالإلحاد هو داخل الشخص، لكن يتم التعبير عنه بالفعل والعمل، وتستطيع أن تقول وقتها إن هذا الشخص مؤمن وهذا الشخص ملحد، خصوصاً لو أنت بتحقق فى هذا، أما إذا كنت لا تُحقق فى الأمر، فسيمر عليك الموضوع.
■ لماذا لا تطرح الكنيسة القانون للحوار المجتمعى؟
- لدى قناعة شديدة جداً بأنه لا يفهم فى الذهب سوى «الصاغة»، فالصاغة هم من ينوط بهم أن يفرّقوا بين أنواع الذهب، ولا تستطيع أن تأتى بواحد من الشارع مهما علت مكانته وشأنه ومعرفته وتحضره ليفتى فى «الذهب»، فالإيمان مثل الذهب، فالمتخصص فقط هو من يفتى.
■ لكن سيقول البعض، كيف لراهب امتنع عن الزواج أن يُفتى فى الزواج والطلاق؟
- من قال هذا الكلام؟ فالبتولى هو من يُكلل ويزوج ويجمع، فأنا لو راهب جالس داخل أسوار الدير لا يحق لى أن أتدخل، لكن طالما ارتضيت باختيارى كأسقف، أصبحت مع الآباء الكهنة والمجالس الملية، وندرس موضوعات الأحوال الشخصية طوال 25 عاماً كأسقف، وكل عام تُعرض عليا الكثير من المشكلات، فكيف يقال إننى ليست لدى خبرة فى هذا الأمر، ويتم تلخيص الأمر فى العلاقة الزوجية فقط، فالأمور الحياتية أنا مُتخصص فيها وفى الإنجيل، وأنا كأنبا «بيمن» حينما تسألنى فى الأحوال الشخصية أقول لك إننى لست متخصصاً فيها، لكن هناك الأنبا بولا، وآباء درسوا دراسات متعمّقة ومتخصصون فى هذا الموضوع، ومعهم آباء كهنة ومستشارون علمانيون متزوجون، ولديهم خبرات فى الأحوال الشخصية، والآن أصبح فى كل مجلس إكليريكى فرعى 3 علمانيين وكاهن مع الأسقف، يعنى هناك 5 أشخاص، بينهم طبيب ومستشار قانونى، وأكرر أن «الذهب لا يعرف فيه سوى الصاغة، والأحوال الشخصية لا يفهم فيها غير المتخصص فيها، حتى أنا»، فأنا أكتب تقريراً فى الحالة المعروضة عليا، وأرسلها إلى الأب المتخصص لاتخاذ القرار وكنت أفعل ذلك مع الأنبا بولا.
■ كيف ترى الهجوم الذى يتعرّض له البابا تواضروس والكنيسة بسبب هذه الأزمة من الأقباط؟
- كل من فى مسئولية، يواجه الهجوم بسبب حالة السيولة المجتمعية والتداخل الاجتماعى، وتلك الحالة لها شق سلبى وآخر إيجابى، الأول أن تلك الحالة تسبّبت فى صدامات مع الكثيرين، لكن أرى أننا فى الطريق، لأن نصبح أصحاء بفعل التطعيمات، وحالياً نحن فى مرحلة التطعيم، وإن كانت مرحلة شديدة نوعاً ما. فأنا أرى أن الدنيا لن تسير إعلامياً بهذا الشكل دائماً، فاليوم يُتهم كل مسئول بأنه فاشل ولا يعرف شيئاً، وهذا كلام ليس منطقياً، وتلك السيولة المجتمعية سببها ثورتان والكبت الذى كان موجوداً قبل ذلك والشعور بعدم نيل الحقوق، ويكون نتيجة لذلك الانطلاق دون أى اعتبار لرئيس كنيسة أو شيخ أزهر، حتى وصلت إلى رئيس الجمهورية، ولكن تلك مرحلة مؤقتة وستنتهى، والبابا تواضروس جاء فى فترة البلد أصبحت هكذا، لذلك هو معرّض طبعاً للهجوم عبر «فيس بوك» والتليفزيون وغيرهما من وسائل الإعلام.
■ هناك مواقع وصفحات تواصل اجتماعى مهمتها مهاجمة البابا والتشكيك فيه، وأقباط يدعون إلى التظاهر ضد الكنيسة.. هل تعتقد أن البابا يتعرّض لمؤامرة؟
- لا توجد مؤامرة، هذا جزء من السيولة الإعلامية، فالكنيسة جزء من الشعب المصرى، وأنا لما قالوا لى إن فيه شباب ضد الكنيسة، قلت لهم الشباب القبطى شاركوا فى الثورة، وهذا الشباب لا بد أن يعملوا شىء آخر، لأنهم بيشتغلوا ثورة.
■ هل تنتظر الكنيسة زيارة أخرى من «السيسى» إلى الكاتدرائية فى عيد القيامة؟
- مشاركة الرئيس تعطى مذاقاً خاصاً للعيد، وأنا نفسى أفضل أقول لإخواتى المسلمين إن مصر طوال تاريخها كانت تحتفل بالأعياد معاً، وليس معنى إنى اشتركت فى المولد النبوى مع إخواتى أو عيد الأضحى، يصبح إنى غيرت عقيدتى، هذا ليس صحيحاً، لكن معناه إنى شاركت أخويا فرحته، فماذا حدث فى مصر وما تلك اللغة الجديدة التى بدأنا نسمعها بأنه مش مفروض نهنئ بعض، طبعاً نحن نكون فرحين بأن يكون معنا الرئيس، وأقول له «سيادة الرئيس أنت رئيس إخوتنا المسلمين ورئيس المسيحيين، ومثلما تهنئ إخوتنا بالأعياد فأنا باشكرك إنك بتهنئ المسيحيين بالأعياد، لأنك رئيس كل المصريين».
■ كيف ترى الهجمة التى تتعرّض لها مصر من الخارج، خصوصاً فى أزمة الطائرة الروسية، ومقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى؟
- طبعاً مصر وقفت المراكب السايرة اللى كانت ماشية غلط، ووقفنا قاطرة العولمة، ومصر لخبطت الطريق لها، وشىء طبيعى كل من يشترك فى تلك القاطرة «منقوطين مننا»، يريدون ألا يستسلموا ببساطة، ولم يكونوا يعتقدون أننا سنوقف لهم قاطرتهم، لأنهم نجحوا فى كل ما خططوا له، وعند مصر فشلوا، لأنها محفوظة بوعود إلهية وبشعبها الطيب وحضارتها، لذلك وضعوا الخطط البديلة، وكل شوية ينفذون إحداها، ونحن سنظل مستهدفين لزمن حتى يسقطوا فى أعين أنفسهم ويتركوا مصر وشأنها.
دور الكنيسة فى ملف «سد النهضة»
دور الكنيسة هو تهيئة الجو لنجاح المفاوضات بين السياسيين والفنيين ولا تشارك الكنيسة مشاركة فعالة ومباشرة، فالكنيسة إحدى القوى الناعمة لتهيئة الجو للمفاوضين المتخصصين، بطريقة غير مباشرة، لأن هناك كثيراً من يسألنى هل سيتم منع مياه النيل عن مصر أم ماذا؟ وأرد عليهم بأن المياه جاية مصر جاية لأنه لا يستطيع أحد منعها عنا أصلاً، ولكن الحقيقة يجب التوعية وأن يشعر الشعب كله أن كل نقطة مياه ترمى على الأرض لها قيمة ولا بد من وعى مجتمعى بأهمية المياه، وهذا مهم جداً.
الأمريكان لا يهمهم حقوق الإنسان
هذا تبديل للخطط، فهم لا يهمهم الأقباط ولا حقوق الإنسان، فأين هم من حقوق الإنسان التى تذبح فى سوريا والعراق ونيجيريا ومالى، هؤلاء ليسوا بشراً، ولو كانوا يهتمون بالأقباط مثلاً دون مصالح شخصية، كنت سأعطيهم تعظيم سلام، لكن هم يعملون لمصلحتهم حينما يقصدون مصر بتقاريرهم، ويتناسون القرى التى تحرق بأكملها فى نيجيريا واختطاف الفتيات بها، فضلاً عن المجاعات فى وسط أفريقيا، فأتمنى لو أنهم كما يهتمون بحقوق الإنسان فى مصر أن يهتموا بهؤلاء، لأنهم فى حاجة إلى اهتمامهم، لكن للأسف الشديد يوجد انتقاء للأحدث لأهداف وخطط واضحة مشترك فيها كل أجهزة دول القاطرة السوداء، عبر مسئوليهم وبرلماناتهم وإعلامهم، لكن ذلك لا يجعلنى أتهم أوروبا كلها بأنها متآمرة على مصر، ومع الأسف هناك جزء من فشلنا الداخلى فى توصيل المعلومة الصحيحة إعلامياً إلى المسئولين هناك، ونجاح من تلك الأطراف فى استغلال الأحداث التى تقع فى مصر واستغلال مشاعر الأوروبيين، لتكون النتيجة ضدنا.