ثورة «الرقص على السلالم» الشعب أسقط نظامين بـ«فورة مشاعر».. ووقت البناء: لا حياة لمن تنادى
للأغانى الوطنية دور كبير فى إلهاب مشاعر المواطنين بمعانى الوطنية
الأغنية الوطنية هى السلاح الذى يعبر عن نبض الشارع، ووجدان الشعب مع كل حدث، وظهر ذلك فى أغانى عبدالحليم حافظ ونجاة وشادية وسيد درويش، وصلاح جاهين، وسيد مكاوى، وبليغ حمدى، منذ ثورة 1919 حتى اليوم.
ومنذ ثورة 25 يناير 2011 اختلفت مفاهيم الأغنية الوطنية، واستخداماتها، حتى إن البعض استغلها فى المكايدة السياسية، والتعبير عن الانقسام، وهو ما ظهر فى أغنية «تسلم الأيادى» لمصطفى كامل، و«بشرة خير» لحسين الجسمى، التى يهواها مؤيدو النظام، بينما ينزعج منها الإخوان والمعارضون.
ويقول الملحن الكبير حلمى بكر إن الأغنية الوطنية اختلفت تماماً الآن عن فترة الستينات التى غنى فيها عبدالحليم حافظ وشادية ونجاة وغيرهم من نجوم تلك الفترة، لافتاً إلى أن الأغنية آنذاك كان لها مردود قوى على الجمهور، خاصة محاكاتها لحدث وطنى أو التنبؤ بحدث قادم. وأضاف «بكر» أن الأغانى الآن كلها فاشلة ولا توجد أغنية قومية بمعنى الكلمة، فقط يبحث بعض المطربين عن المشاركة بهذا النوع من الأغانى لنيل رضا الجمهور وبحثاً عن الشهرة والظهور ليقال إن فلاناً قدم أغنية وطنية، ولذلك كل هذه الأغانى لن تبقى فى الذاكرة وما زلنا نستند إلى الأغانى الوطنية القديمة لأنها ذات حس قومى.
وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى «إن الوطنية بذرة تبدأ مع الإنسان يجب أن تهذب حتى تتكون بشكل سليم»، لافتة إلى أنها ليست شيئاً لفظياً أو دهاناً خارجياً على الشخصية، وإنما تبدأ مع ميلاد الفرد حتى نطقه لها واختلاطه فى المدرسة ثم المجتمع. وأضافت «البشلاوى»، لـ«الوطن»: إن الدراما والإعلام مغيبان فى نقل أعمال عن الأحداث الوطنية التى شهدها الوطن عبر تاريخه من ثورات وحروب، لا نرى أفلاماً عن ثورة 1952 سوى «رد قلبى» رغم أنه ليس له علاقة قوية بالحدث، بجانب أن بقية الأعمال ضئيلة جداً، لا بد أن تعرف الأجيال الحالية قيمة أرضها حتى تقدس الوطن.
وتابعت: «الأجيال السابقة كانت تحرص على زيارة آثار مصر باستمرار بداية من الأهرامات وحتى الأقصر وأسوان والبر الغربى، وتكتب عنها لكن اليوم تحولت لأماكن سياحة فقط». وأوضحت أن الانتماء يتغذى من روافد تبدأ من الأسرة والمدرسة، ولكن الآن بعد أن تبدل الحال وأصبح المدرس يبحث فقط عن النهب فقد تم هدم قيم الوطنية بجانب الصورة الذهنية المضادة التى تنقلها الدراما للوطن.
وأكدت أن الوطنية لم تهبط من السماء لذا يجب أن يعاد تدريس التنمية البشرية وتتعلم الأم قيمة الوطن حتى تزرعه داخل أبنائها، وتعاد الأعمال التى تحث على حب الوطن مثل «ليالى الحليمة» و«رأفت الهجان»، وبوابة الحلوانى وغيرها من الأعمال المهمة حتى نتعرف على الفرق بين دراما التليفزيون المصرى والقطاع الخاص الذى تحيط به علامات الاستفهام.
وقالت: البلد مقسومة الآن وهناك مدارس ليس بها النشيد الوطنى، لا بد أن «تعجن» ليتم تشكيلها من جديد، ومطالبة أى مدرسة أجنبية على أرض مصر بأن يكون علمها وتاريخها فى المقام الأول حتى نقدس الوطن، لأن الأجيال الجديدة جزء منها يتعامل مع البلد على أنه تحصيل حاصل.
وأكد الشاعر بهاء جاهين أن الأغنية فى الأساس هى وليدة الحالة الوطنية، فعندما ينشط الإحساس تفتعل وليس العكس، مهما كانت جميلة، لافتاً إلى أن هذه الحالة التى تعقب الحدث تزيد من الحماس وتحرك الجذور.
وقال «جاهين»: «الموسيقى والكلمات فى الأغانى الوطنية الآن أصبحت أقل جودة وموهبة، مقارنة بأغنيات بديع خيرى ويونس القاضى أثناء ثورة 1919، وحتى 1952 و1956». وأضاف: «99% من الأغنية الوطنية تعتمد على الموهبة وحالة التوهج العاطفى التى تعبر عن الحدث، حتى تصل للجمهور المتلقى، لكن فى الآونة الأخيرة شاهدنا حالات انقسام كثيرة واحتقاناً وأصبحت الأغنية تستخدم لغيظ طرف ما حتى تحولت لأداة صراع سياسى داخل المجتمع».
وتابع: «لم يكن لهذا الصراع وجود فى السابق حتى فى فترات الحروب، كل الناس تجمعهم حالة وطنية واحدة وفكر وآراء مشتركة وهدف موحد، خالٍ من الانقسامات التى شاهدناها الفترة الماضية والتى جعلت من الأغنية الوطنية مصدراً للدفاع عن رأى». وترى الناقدة الفنية ماجدة خيرالله أن الأغنية الوطنية دورها إلهاب مشاعر الجمهور بمعانى الوطنية، والتعبير عنها، لافتة إلى أنها كانت تخرج من القلب لتحاكى حدثاً تاريخياً وظهر هذا فى أغانى سيد درويش وغيره.
وقالت «خيرالله»: إن الأغنية الوسيلة الوحيدة التى تعبر عن الوطن، ولكن اتخذ منها بعض المطربين أغانى للحاكم أو الرئيس وظهر هذا منذ عهد الملك فاروق، وعبدالناصر، وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسى بأغنية «تسلم الأيادى» كل هذه الأغانى انتهت بنهاية صاحبها لأنها لم تعبر عن الوطن نفسه وإنما اتجهت إلى شخص بعينه لن يخلد.
وقال الناقد الفنى محمود قاسم إن الأغنية الوطنية أصبحت ديكوراً وطنياً كاذباً، وساعدت مواقع التواصل الاجتماعى على انتشارها وتوسعها، لذا الأغنيات رخصت ولم تعد ذات قيمة كما فى السابق، وشاهدنا خلال الفترة الماضية مجموعة أغنيات منها «بسم الله» لأحمد جمال، و«فات كتير» لمحمد منير عن قناة السويس، و«بكرة تحلى» لنادية مصطفى ومحمد الحلو.