الدكتور على النعيمى : الإمارات تدعم الشعب المصرى وليس الحكومة.. وهذا ليس منة بل حق وواجب للأشقاء
النعيمى
قال الدكتور على النعيمى، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، ورئيس مجلس إدارة مركز هداية لمكافحة التطرّف العنيف بالإمارات، إن مجلس حكماء المسلمين برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أنشئ فى عام 2014 لإقرار السلم بين المجتمعات وإبراز سماحة واعتدال الدين، وتصحيح المفاهيم المغلوطة.
الدكتور على النعيمى : الإمارات تدعم الشعب المصرى وليس الحكومة.. وهذا ليس منة بل حق وواجب للأشقاء
وأكد «النعيمى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن مصر قُدّر لها أن تقود الأمة العربية، شاءت أم أبت، وأن الأزهر بما له من ثقل ودور مهم فى خدمة قضايا الأمة، قادر على إبراز اعتدال الدين فى مواجهة التيارات المتطرفة، لذلك لا بد من دعمه، مطالباً النخب السياسية والثقافية بدعمه، بدلاً من تسديد الهجمات إليه. أكد «النعيمى» أن الإمارات تدعم الشعب المصرى، وليس الحكومة، ووضع مليارَى دولار وديعة لدعم «الجنيه»، حتى لا يُضار المواطن المصرى من انخفاض القيمة السوقية للعملة، إضافة إلى تقديم مليارين كمشاريع استثمارية لدفع عجلة الاقتصاد، ونتطلع لأن تتبوأ مصر مكانتها فى قيادة العالم العربى والإسلامى.
قوافل السلام تقتصر على علماء الأزهر وهى «فكرية» وليست «دعوية» ونركز على الدول التى تعانى أزمات أو بحاجة إلى توضيح للمفاهيم.. والنُّخب السياسية والثقافية المصرية أهملت وبخست «الأزهر» حقه رغم دوره كقوة ناعمة لمصر.. والعالم يتعامل مع الأزهر وإمامه بحساب
وتابع: نحن الآن فى معركة ضد الإرهاب، وبالتالى العلاج يكون من الجذور، لاقتلاع التطرّف، ولا بد من إبراز الإسلام الوسطى لمواجهة التطرّف، والأزهر هو الحاضن للإسلام الوسطى، ومواجهة التيارات المتطرّفة تتطلب دعمه لما يحمله من فكر معتدل وطرح متزن، ولدينا إيمان كامل بأن مواجهة التيارات المتطرفة تتطلب دعمه للاضطلاع بدوره على أكمل وجه.. وإلى نص الحوار:
■ ماذا عن مجلس حكماء المسلمين؟
- المجلس هيئة دولية مستقلة تتشرف برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، له، وتأسس فى 21 رمضان 1435هـ الموافق 19 يوليو 2014م، ومقره بأبوظبى، ويسعى إلى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة، ويجمع ثلة من علماء الأمة الإسلامية وخُبَراءها ووُجَهاءها ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيّة، للمساهمة فى تعزيز السّلم بها، وكسر حدّة الاضطراب والاحتراب التى سادت مجتمعات كثيرة من الأمّة الإسلاميّة فى الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصّراع والانقسام والتشرذُم، ويُعتبر أول كيان مؤسسى يهدف إلى توحيد الجهود فى لم شمل الأمة، وإطفاء حرائقها التى تُهدد القيم الإنسانية، ومبادئ الإسلام السمحة، وتشيع شرور الطائفية والعنف التى تعصف بالعالم الإسلامى منذ عقود، ويضم نخبة من علماء المسلمين من مختلف الدول، ولا ننسى مرصد الأزهر باللغات الأجنبية، الذى يقوم بدور فعال فى رصد كل ما يتعلق بالإسلام وما تبثه المنظمات الإرهابية من أفكار متطرفة لتحليلها والرد عليها بأسلوب علمى.
■ ما الأهداف التى يُركز عليها المجلس حالياً؟
- تحديد أولويات الأمّة وفق مُقاربات شرعيّة وعلميّة جديدة، تعملُ على إرساء قِيَمِ الأمن والسّلم الاجتماعى، وبيان أُسُسِ التعاون والتعايش بين مُواطنى البلد الواحد والبلدان المسلمة، وتعزيز الثّقة وتشجيع العلاقات الوديّة والاحترام المتبادَل بين أصحاب الدّيانات والمذاهب المتعدّدة داخل المجتمع الواحد؛ تحقيقاً للسّلم والوِئام العام، والتعرّف على الآخَر وبيان الأسس الشرعيّة والعلميّة للتعامل معه، وإتاحة الفرصة لعددٍ من حكماء الأمة ينهَوْن عن الفساد فى الأرض، ويصنعون الحلول الدائمة لتعزيز السّلم فى المجتمعات وترسيخ فقه الاختلاف وحلّ النزاعات بالوسائل السلمية فى الأمّة بما يَضمنُ المحبة والتآلُف وصيانة الدماء.
■ ماذا عن قوافل السلام التى يطلقها المجلس؟
- قوافل السلام هى مجموعات علمية أزهرية متخصصة فى الشريعة الإسلامية وعلومها، يتحدثون لغة الدولة التى سيقومون بزيارتها، وتنظم أنشطة علمية وفكرية مكثّفة إلى الخارج تشتمل على ندوات دينية ولقاءات فكرية ومحاضرات علمية فى عدد من المؤسسات الدينية والأكاديمية؛ تهدف كلها إلى تصحيح المفاهيم، وتخفيف حدة التوتر الدينى الذى يحيط بكثيرٍ من المجتمعات المسلمة؛ وذلك بالتعاون مع الأزهر، وفى العام الماضى تم إطلاق 11 قافلة إلى أوروبا وأمريكا وأفريقيا، والعام الحالى سيتم إطلاق 16 إلى الخارج، وبدأت بنيجيريا.
■ كيف يتعامل المجلس مع الأزمات الراهنة؟
- مجلس الحكماء يسعى إلى إبراز سماحة الإسلام وتأكيد أنه دين الرحمة والرد على الشبهات المثارة، وتصحيح المفاهيم الناتجة عمن اختطفوا الإسلام، وإيجاد حلول للمشكلات وطرح مبادرات للأزمات وتأكيد أن الإسلام ينشد السلام فى الداخل والخارج، وإزالة الصورة المشوهة التى التصقت بالدين وربط المسلمين ظلماً وعدواناً بالإرهاب والقتل وسفك الدماء ورفض الآخر، ولذلك قام المجلس بدور كبير جداً وطرح رؤية فى ما يتعلق بالقضايا الساخنة بالعالم الإسلامى، بالأمس القريب مجلس الحكماء والأزهر أصدرا بياناً نددا فيه بما يحدث فى «حلب»، وشيخ الأزهر باعتباره رئيس المجلس، كان أول من أصدر بياناً يُندد بتنظيم داعش وممارساته، وله دور ريادى فى تصحيح المفاهيم، وصنع المجلس شراكة فعلية، بما يمثله من عمق تاريخى، وكونه قلعة للإسلام وحاضنة للعلم الشرعى الذى يتميز بالوسطية والاعتدال.
■ لماذا اقتصرت قوافل السلام على خريجى الأزهر؟
- كل المدارس الأخرى فى العالم الإسلامى للأسف الشديد إما أنها تردّدت فى مواجهة قضايا المسلمين وتحدياتهم، وإما أنها خرجت منها عناصر أفرزت فكراً متطرفاً وخرجت منها عناصر تنتمى إلى الجماعات، بينما فى المقابل لا تجد أزهرياً يحمل أفكاراً إرهابية أو يضع حزاماً ناسفاً، فالأزهر يبنى الإنسان بناءً فكرياً نفسياً يقوم على الخصائص الحقيقية للإسلام من احترام النفس البشرية على سماحة الدين ورحمته، ونريد من يحمل هذا الفكر أن يُعبر عنا.
■ كيف يتم اختيار الدول التى تُرسَل إليها قوافل السلام؟
- يتم اختيارها إما بسبب وجود أزمات فيها أو حاجة الجاليات المسلمة فى تلك البلدان إلى من يوضح لهم المفاهيم، فهذه القوافل ليست دعوية، أو إغاثية، إنما فكرية تحمل فكر الإسلام والأزهر وتقدمه إلى المسلمين وغيرهم، وأذكر القوافل التى زارت فرنسا وإيطاليا وأمريكا وألمانيا، وأجرت مقابلات مع قيادات دينية وسياسية وإعلامية وشخصيات عامة، وقدّمت للفرنسيين: ما الإسلام؟ ورأيه فى القضايا المطروحة على الساحة، فهى تدحض الشبهات.
■ هل تلك القوافل تحمل جانباً سياسياً؟
- لا نتدخّل فى الجانب السياسى، لأن ذلك معناه دخول لغة المصالح، والقوافل تحمل راية الإسلام الصحيح، ومن هذا المنطلق أقول بكل أسف شديد إن النخب السياسية والثقافية أهملت و«بخست» الأزهر حقه، ولم توفر له الدعم المطلوب، ولم تُبرز الدور الريادى له، وبحكم وجودى فى المجلس، أرى أن للأزهر ودوره تقديراً وثقلاً فى الخارج أكبر مما هو موجود فى مصر، فأذكر خلال زيارتنا إلى إندونيسيا وجدت رئيسها يتكلم عن الأزهر، واعتبره مرجعية ليست فقط إسلامية، وإنما رمزاً قيمياً للمسلمين جميعاً، فضلاً عن وجود عشرات الألوف كانوا فى استقبال شيخ الأزهر، وأتمنى من النخب السياسية والثقافية والإعلامية فى مصر إدراك تلك الحقيقة، فمصر لها مكانتها ودورها الريادى، ولا يمكن فصل مصر بدورها الاستراتيجى عن دور الأزهر، فهو يمثل ثُقلاً لها لا يمكن لأى جهة رسمية أن تكون بديلاً عنه، فمن يُقيّم زيارة شيخ الأزهر إلى ألمانيا، وحضور أكثر من 100 نائب، بينهم متطرفون فى جلسة له، ورده على أسئلتهم فى شغف واهتمام من وسائل الإعلام الغربية بحديثه، يشير إلى احترام وتقدير الإمام والأزهر ولنا جميعاً.
■ تقصد الانتقادات التى تعرّض لها الأزهر فى الفترة الماضية؟
- هذا أمر مؤسف، فهناك شىء يُسمى «القوى الناعمة»، فالدول تستخدم الجامعات والمراكز البحثية والثقافية والمشاريع الإنسانية قوى ناعمة، والأزهر أكبر من كل ذلك، وأتمنى أن يكون التعامل معه ليس مجرد جهة تطرح رأياً دينياً، إنما هو بالنسبة إلى مصر «خط وطنى أحمر» يخدم الأمن القومى المصرى، واستراتيجية بعيدة المدى لخدمته، ويحافظ على النسيج الوطنى الاجتماعى ويفرض على الآخرين أجندة مختلفة فى ما يتعلق بمراعاة مصالح مصر، وأنا أقول ذلك ولست مصرياً، بل أقوله وأنا خارج الصندوق، لأن العالم يضع للأزهر حساباً، وكذلك فى التعامل مع شيخه، فهو يحظى باحترام وتقدير لا يمكن أن تجدهما مع أى مسئول آخر.
■ هل لك رسالة تود أن ترسلها إلى النخبة المصرية؟
- أتمنى من القيادات السياسية والنخب الثقافية والإعلامية إدراك دور الأزهر فى خدمة مصر ومصالحها الوطنية والقومية، ويجب أن توفر له الدعم للقيام بدوره، لا خلق العقبات أمامه، ولا يجب النظر إليه كمؤسسة، بل كمرجعية للعالم الإسلامى، فهو يمثل رمزية لا مثيل لها، ولا يستطيع أحد أن يسد فراغه، وبالأمس القريب حضرت خطبة الجمعة، وتأثرت جداً عندما دعا خطيب أزهرى لأفراد الجيش والشرطة، فلا يملك هذا الشعور الوطنى إلا ابن الأزهر.
■ وماذا عن دور المجلس؟
- هو دور حيوى واستراتيجى، ومهم فى ما يتعلق بمواجهة الهجمة على أوطاننا، ونحن مررنا بمرحلة عصيبة، وجهات كثيرة من الداخل والخارج تعمل على زراعة الفرقة وصناعة الطائفية وتمزيق المجتمعات، وتجاوزنا مخاطر كثيرة بوعى قياداتنا السياسية وإرادة شعوبنا، وما زالت التحديات مستمرة، ونؤكد أن المجلس والأزهر يعملان على تأكيد استقرار وصناعة الأمل، وإبراز دور الإسلام فى إقرار السلام واحترام النفس الإنسانية، وتأكيد القيم المشتركة معاً والعمل على رفعة الإنسان، بغض النظر عن دينه أو لونه.
مصر مستهدفة ولا يُراد لها الاستقرار.. وما يحدث فى المنطقة مرتب له من جهات خارجية بمعاونة أيادٍ داخلية.. وما يحدث على أرض سوريا صراع دولى بين «واشنطن» و«موسكو».. والشعب هو الضحية والقضية تجاوزت المنطقة و«الأمم المتحدة»
■ وكيف يتم ترجمة ذلك على أرض الواقع؟
- نلتقى بقيادات سياسية ودينية وإعلامية فى الخارج، ولدينا لقاءات مع عدد من الجمعيات المسيحية، ونريد أن نُصحح للآخرين، ونؤكد أن الإسلام دين سلام ويقبل التعايش مع الآخر وإبراز القاسم المشترك، ونحن لا نذهب إليهم لإقناعهم بديننا، ولكن لدينا مشروع لحوار بين الشرق والغرب لجمع القيادات الدينية فى العالم، فنحن كمؤسسات دينية، نعمل على نشر السماحة والتعاون بين الأديان.
■ هل حوار الشرق والغرب المزمع عقده يجمع قيادات دينية إسلامية ومسيحية ويهودية.. وأتباع ديانات وضعية؟
- نعم، نحن نتعامل مع كل هذه المجموعات ونعيش على أرض واحدة وتظلنا سماء واحدة، ونحترم خصوصياتهم، كما نطالبهم باحترام خصوصياتنا، وتأكيد قبول الآخر، وإيجاد نسق فكرى يسمح بالاحترام والقبول للآخر، بغض النظر عن لونه ودينه، والمجلس يعكف على الإعداد للقاء مع قادة الكنائس الشرقية فى غضون 6 أشهر لتأكيد المواطنة، وأن للأخوة المسيحيين ما لنا، وعليهم ما علينا من حقوق وواجبات، وبعدها لقاء موسّع بين الشرق والغرب سيكون أشمل وأكبر.
■ هل دور مجلس الحكماء قاصر على إصدار بيانات تجاه الأزمات الراهنة، مثل الوضع فى «حلب»؟
- لا بد أن نكون واقعيين، فليس لدينا جيش، ولا صلاحيات تقول لهذا افعل أو لا تفعل، نحن نسجل مواقف، وإذا وجد مجال لنا لإقناع الناس للحوار والجلوس على طاولة التفاوض لإقرار السلام فلا بأس، والقضية السورية تخطت نطاق المحلية والإقليمية، وصارت صراعاً دولياً، فالموجود على الأرض قوات دولية تتصارَع وتتقاتل، والشعب السورى هو الضحية، ودورنا مخاطبة كل قادة العالم، وكل من لديه حس إنسانى عليه أن يتدخل لوقف نزيف الدم السورى، وإنقاذ سوريا والمحافظة على دمائهم وأعراضهم، ونُجرى اتصالات مع من يملكون التأثير ونطالبهم بالتحرك.
■ هل تفكرون فى طرح مبادرة أو حل تجاه الأزمة السورية؟
- الموضوع تجاوز المنطقة وقادتها والأمم المتحدة، أصبحت اللعبة بين واشنطن وموسكو، هما يديران اللعبة ويحركان اللاعبين على الأرض.
■ هل كل ما يحدث فى المنطقة صنيعة غربية؟
- لا أستطيع الجزم بذلك، لكن ما يحدث ليس بالأمر العقلى أو الفجائى، إنما تم الترتيب والتنسيق له من جهات خارجية، بمعاونة أيادٍ داخلية، وواضح أن هناك مشروعاً لتحويل المنطقة إلى مشروع أزمة مستمرة، وحرمانها من الاستقرار والتنمية، ووجود أمل لدى الشباب العربى، ونحن أمام تحدٍّ كبير يفرض علينا التكاتف والتعاون وتجاوز الأمور الصغيرة التى تؤثر على التلاحم الاجتماعى، فمصر مثلاً تواجه تحدياً كبيراً، ومن يقول إنها غير مستهدفة أقول له «أنت لا تعيش واقعنا، بل أنت فى برج عاجى»، ومصر تملك موارد طبيعية وبشرية وصاحبة حضارة عريقة، ولها ثقل استراتيجى فى المنطقة، لكن لا يُراد لها أن تنعم بتنمية واستقرار، أو أن تجمع كل قواها، وإمكاناتها من أجل صناعة مستقبل مشرق لأبنائها، بل يُراد دائماً إدخالها فى أزمات متلاحقة.
مصر تعانى قضية «إدارة».. ولا بد من خلق بيئة حاضنة للشباب.. ومواجهة التطرّف تتطلب دعم الأزهر للقيام بدوره.. والأزهر خط أحمر ويخدم الأمن القومى المصرى باستراتيجية بعيدة المدى لخدمة الأمن القومى العربى
■ لمصلحة من؟
- هذا لصالح أعداء الأمة العربية، وهذا يدعونى لأقول للأسف بعض الإعلاميين يفتقدون هذه الرؤية بالتركيز على القضايا الهامشية، ونشر ثقافة لا تخدم المجتمع، بينما المفترض فى ظل هذه الظروف أن يكون إنساناً يبنى لوطنه ويحافظ على المكتسبات ويعمل على إبراز النجاحات، وأنا رجل أكاديمى وأزور مراكز أبحاث ومؤسسات عالمية وشركات تكنولوجية عملاقة، وأقول لا يوجد مركز أبحاث غربى أو جامعة متقدمة، أو شركة عملاقة دون عقول مصرية تقودها، فلماذا لا يُستفاد بها، ولماذا توجد البيئة الطاردة هنا، فلا بد من فتح المجال لهؤلاء، ليس لعودتهم، إنما للاستفادة بهم لخدمة البلاد وبنائها، فمثلاً مراكز الأبحاث الأمريكية تقودها 3 جنسيات، بها هنود وصينيون ومصريون، ونحن بحاجة إلى خلق البيئة للاستفادة من هؤلاء، والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى يحوى عمالقة مصريين، لا بد من الاستفادة منهم فى تنمية الاقتصاد.
■ ما المشكلة التى نعانى منها من وجهة نظرك؟
- القضية «إدارة»، ولا بد من التأهيل، وإتاحة الفرصة للشباب وتوظيف طاقاتهم لبناء مصر، فهى بحاجة إلى خلق بيئة حاضنة لهم، ومصر شاء قدرها أن تقود المنطقة، شاءت أم أبت، وعدم ترك الساحة للمزايدين، للعب دور إقليمى على حسابها، مثل إيران وتركيا، ونحن فى الإمارات لدينا رؤية استراتيجية أن أمن مصر من أمن الإمارات، وأمن مصر القومى خط أحمر، وبالأمس القريب كانت هناك مناورات عسكرية مشتركة، وزيارة الشيخ محمد بن راشد، ولى عهد أبوظبى، إلى مصر مؤخراً وتقديم دعم إماراتى لمصر، فهذا ليس «منة»، بل هو «حق»، وواجب للأشقاء، ويكفى أن الشيخ زايد رحمه الله، أوصى أولاده والشعب الإماراتى بمصر.
■ البعض يرى أن الدعم الإماراتى للحكومة، وليس للشعب؟
- غير صحيح، فالإمارات تقدم وتدعم الشعب المصرى، وليس الحكومة، ووضع مليارين وديعة لدعم «الجنيه»، حتى لا يُضار المواطن المصرى من انخفاض القيمة السوقية للعملة، إضافة إلى تقديم مليارين كمشاريع استثمارية لدفع عجلة الاقتصاد، ونتطلع لأن تتبوأ مصر مكانتها فى قيادة العالم العربى والإسلامى.
■ هل دعم الأزهر يرجع إلى مواجهة تيارات ومؤسسات فى دول أخرى؟
- نحن الآن فى معركة ضد الإرهاب، وبالتالى العلاج يكون من الجذور، لاقتلاع التطرّف، ولا بد من إبراز الإسلام الوسطى لمواجهة التطرّف، والأزهر هو الحاضن للإسلام الوسطى ومواجهة التيارات المتطرّفة تتطلب دعمه لما يحمله من فكر معتدل وطرح متزن، ولدينا إيمان كامل أن مواجهة التيارات المتطرفة يتطلب دعمه للاضطلاع بدوره على أكمل وجه.
■ هل ترى أن أمريكا جادة فى محاربة «داعش»، أم متواطئة مع هذا «التنظيم»؟
- لا أقول ذلك، إنما الغرب تخاذَل فى مواجهته، حتى شعر أنه الضحية، وفى مرمى النيران، ودول مثل الإمارات والسعودية عرضت المشاركة بقوات برية لمواجهته، شرط أن تكون تحت غطاء التحالف الدولى، وبعدها وجدنا ترحيباً إعلامياً من التحالف الدولى، لكن على أرض الواقع لم يحدث شىء، والغرب الآن بدأ يتدخّل لأنه شعر بالخطر عقب عمليات باريس وبروكسل الإرهابية، علاوة على أزمة اللاجئين التى بدت تشكل تهديداً حقيقياً لأوروبا.
■ ماذا عن التحالف العربى الإسلامى؟
- التحالف الذى يُحارب فى اليمن بقيادة السعودية، والتحالف الإسلامى ممثلاً فى أكثر من 50 دولة، ونحن نعشق السلام، وحرب اليمن فُرضت علينا بسبب تهديد الحوثيين لأشقائنا فى السعودية، ووجود الحرس الثورى وقوات من حزب الله على الحدود السعودية، وما تركوا أمامنا خياراً إلا أن نحمى مصالحنا، ونحن ذهبنا بأبنائنا وفلذات أكبادنا لرد العدوان.
■ ماذا عن بشار الأسد؟
- بقاء «بشار» غير مقبول، لكن لا نريد سقوط المؤسسات، نريد الحفاظ على الدولة السورية، وندعو إلى حل سياسى ولا نقصد «بشار»، ولكن نقصد الوطن حتى لا تتحول إلى حروب أهلية طاحنة وندعو إلى حل عقلانى.
■ كيف ترى مخططات تقسيم المنطقة؟
- أعتقد أنه لا بد من إدراك حجم التحديات الراهنة، وعلى النخب المصرية إدراك خطورة ذلك، وأى تهديد للسودان أو أى دولة فى المنطقة تهديد لمصر، وعلينا الحفاظ على استقرار أوطاننا وأمنها وتلاحم كل فئات المجتمع، وعلينا إرسال رسائل إلى الشباب بأن هناك أملاً حقيقياً ومستقبلاً أفضل، وهذا لا يستطيع حاكم بمفرده أن يصنعه، بل لا بد من تضافر الجهود.
«النعيمى» خلال حواره لـ«الوطن»