أهالى المناطق الشعبية يتخذونها وسيلة للادخار الآمن وحلاًَ للأزمات المادية.. العروسة للعريس و«النقطة» للمتاعيس
صورة أرشيفية
«نقطنى النهارده بـ100 جنيه.. أنقطك بكرة بـ150، وكل واحد عارف اللى عليه»، جُملة تعكس مشهداً مكرراً يحدث بين المواطنين فى الأحياء الشعبية، فلم تعد فلوس «النقطة» للمجاملة والتهانى فى الأفراح والمناسبات، إنما هى وسيلة للادخار الآمن وحل لأزمات التمويل يلجأ إليها الأهالى باستمرار، وعكستها بعض الأعمال السينمائية، ومنها فيلم «الفرح»، الذى قام فيه البطل «زينهم» بعمل فرح وهمى، ليتمكن من جمع أمواله، التى دفعها فى أفراح وهمية مماثلة، ليشترى بها «ميكروباص».
مدينة «كفر البطيخ» فى دمياط تُعد نموذجاً حياً لكثير من القرى التى ينتشر بها «بيزنس النقطة»، فتجد إعلانات ولافتات الأفراح و«الطهور» وحتى أعياد الميلاد تملأ جدران المدينة لدعوة الأهالى إلى المشاركة، وعنها يقول «أشرف محمد»: «باشتغل أويمجى ونجار من وأنا عندى 15 سنة، وكنت لما باخد قبض الأسبوع، أشارك بنصفه فى الأفراح والنقوط، وأسجّل اللى دفعته، المبلغ والتاريخ فى كشف المدينين، ولما جيت أتجوز، عملت دعوات للى نقطتهم، وجمعت اللى دفعته، وبزيادة حوالى 40% تقريباً، وطبعاً عامل كشف تانى للدائنين اللى المفروض أرد نُقوطهم».
هانى إبراهيم، شاب ثلاثينى، استفاد هو الآخر من نظام «النقطة»: «الموضوع ببساطة شّيّلنى وأشَيّلك. عندنا فى كفر البطيخ مليون جنيه طايرة كل يوم، بسبب المشاركة فى النقوط ولمها بعد فترة، مضافاً إليها 50% من المبلغ اللى نقطت به».
عدّد «إبراهيم» مزايا «النقطة»: «هى مش ربا، فلو كنت بتشتغل بـ500 جنيه فى الأسبوع على سبيل المثال، ممكن تشارك بنص مرتبك شهرياً كنقطة، وبعد سنتين أو تلاتة أو حتى أكتر تجمع المبلغ اللى دفعته من الناس، بإنك تعمل فرح أو صوان أو خيمة، وتجيب مشروبات وأكل وإذاعة داخلية، ومتعهد لجمع النقطة».
يتابع «هانى»: «ممكن تجمع 50 أو 100 أو 200 ألف فى فرح، وتشترى بنص المبلغ قطعة أرض أو شقة، وتحط النص التانى فى البنك، لرد جزء من النُقطة فى الأفراح اللى هتتعزم فيها». وعن مخاطر «النقطة»، يقول: «الدعوة بتروح للناس قبلها بشهر على الأقل، وكل واحد عنده كشفين، دائن ومدين، بتعمل الصوان والناس تيجيلك تنقطك، واللى مايدفعش، تبعت له المتعهد لحد بيته يجيب منه النقطة اللى سبق دفعتها لهم، لكن تجنب قدر الإمكان تعمل فرح أو مناسبة فى رمضان أو بين موسم محاصيل الخضراوات، لأن الناس بتصرف فيها كتير».
أما إسلام السيد، فيقول: «عندنا كل يوم فرح أو 2 على الأقل، ومش بالضرورة تشارك فيها كلها، انت بتدفع بس للى دفع لك قبل كده، بتوع الفراشة والميكروفون بيكسبوا كويس من الأفراح، كمان المتعهد اللى بيجمع النقطة بيكسب، وفى النهاية أنت مابتعملش فرح إلا كل سنة أو أكتر، علشان تلم اللى ليك».
وعن مميزات تلك العادة، يقول «إسلام»: «مابفرضش على حد يدفع لى كام، ولا حد بيفرض عليا أدفع كام، وعن طريقها تقدر تجمع مبلغ فى وقت سريع، مقارنة بضمانات وإجراءات البنوك، وطبعاً هى بتخلى الشباب الصغير يشتغل من صُغره ويحوّش، لكن ممكن فى النهاية تتراكم على الشخص الديون، أو يتزنق بسبب إقامة أكتر من فرح فى وقت واحد، فمايقدرش يسدد ساعتها اللى أخده».