الأنبا بولا: الكنيسة تتمتع بعلاقة غير مسبوقة مع الدولة في الآونة الأخيرة
الأنبا بولا
120كيلومتراً قطعتها السيارة من القاهرة إلى موطنه بدير «مارمينا أبيار» بمدينة طنطا فى الغربية، لم يكسر مشقة الطريق سوى لقائه بعد أن صام عن الإعلام لما يزيد على عام ونصف العام، لاسيما أن الحوار معه دائماً به جديد، فهو الأنبا بولا؛ أسقف طنطا الذى يتولى أرفع المناصب وأهمها داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهو مقرر لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس ومسئول العلاقات بين الكنيسة والدولة والمشرف على ملف الأحوال الشخصية بالكنيسة الذى أفنى أكثر من ربع قرن فى تولى مسئوليته، ويعتبر مهندس هيكلته الجديدة فى عهد البابا تواضروس، فضلاً عن إشرافه على إعداد قانون بناء الكنائس، بالإضافة إلى أنه كان ممثل الكنيسة فى «لجنة الخمسين» لوضع الدستور.ثلاث ساعات فى الهواء الطلق داخل الدير تحيطنا سماء صافية وأشجار وارفة ترسم صورة جمالية رائعة، جلسنا خلالها مع الأنبا بولا الذى انطلق يفتح كل الملفات الشائكة معنا بوضوح وصراحة، يتحدث عن الوجع القبطى من منع السفر للقدس، ليعرج بنا إلى قانون بناء الكنائس ومقترحات الكنيسة فيه، ويتحدث عن ملف الأحوال الشخصية وسعيه بكل ما أوتى من قوة لحل أزمته.وبوطنية خالصة تناول أسقف طنطا فى حواره مع «الوطن»، الذى تزامن مع احتفال الكنيسة والأقباط بعيد القيامة، حسب الاعتقاد المسيحى، الأوضاع التى تمر بها مصر، كاشفاً عن مساعيه للمساهمة فى تقديم حلول للدولة والتعاون معها، مشيراً إلى خطورة الدعوة لثورة ثالثة، معتبراً أنها ستؤدى إلى انهيار مصر.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى العلاقة بين الكنيسة والدولة؟- يتمتع الأقباط وبالتالى الكنيسة بعلاقة غير مسبوقة بالدولة فى الآونة الأخيرة، ولقد شارك الأقباط فى ثورة 30 يونيو مشاركة فعالة وكان للكنيسة دور واضح فى تشجيع الأقباط على الخروج وكان لنظام الحكم السابق تأثير مضاعف على إخراج الأقباط نظراً لما عانوه وما كانوا سيعانونه فى المستقبل، ولقد كان للأقباط دور واضح بدءاً من الانتخابات الرئاسية السابقة رغم أنها لم تؤتِ ثمارها إلا أنه كان لهم دور فعال، ولأول مرة نجد الأقباط كلهم يخرجون إلى صناديق الانتخابات متخطين سلبيات الماضى وإحباطات «أحداث ماسبيرو»، وخرج الأقباط ولن يعودوا إلى ثكناتهم مرة أخرى وسيستمرون فى أداء دورهم الوطنى فى هذه الآونة، إلى أن جاء دور الكنيسة مع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى ذلك الحين فى رسم خريطة الطريق ووجود البابا مع شيخ الأزهر، وهذا ما سجله الدستور فى ديباجته، ومن تلك اللحظة سارت الكنيسة فى مسار المشاركة وكان لها دور مؤثر وإنجازات بالتوافق مع ممثلى كل طوائف المجتمع لإخراج دستور مدنى ينصف الكل دون استثناء، ثم كان للكنيسة دور واضح جداً فى الانتخابات البرلمانية الماضية وتحفيز الأقباط، وكانت النتيجة خروج الأقباط للانتخابات ونجاح عدد غير مسبوق من الأقباط فى الانتخابات سواء بالقائمة أو الفردى، وكان للدولة دور فى هذا الأمر، فالدولة هى التى راعت الأقباط عبر وضع نظام القوائم حرصاً على تمثيل الأقباط والمرأة والشباب مما أوجد 24 قبطياً منتخباً على القوائم، غير من نجح فى الانتخابات الفردية.
وعلى مستوى الرئاسة حدث ولا حرج، فهناك موقف الرئيس من أحداث شهداء ليبيا، حيث قاد بنفسه ضربة عسكرية للاقتصاص والثأر لدمائهم من هؤلاء الإرهابيين وهو أمر غير مسبوق، ثم أتى بعد الضربة إلى الكاتدرائية للتعزية، وتوالت الأمور من لقاءات وذهاب الرئيس للكاتدرائية فى عيدى الميلاد السابقين، وتلك روح جديدة، فسهل جداً اليوم علىّ كرجل دين أن أخاطب مؤسسة الرئاسة وأقول لهم على بعض المقترحات التى أحب أن أعرضها عليهم.
كما أن تلك الروح الجديدة متمثلة فى الحكومة التى تستمع لآراء الكنيسة حول القوانين التى تخص الأقباط كقانون بناء الكنائس أو الأحوال الشخصية وتلك روح جديدة، واسمح لى أن أقول إننى أشعر بتلك الروح الجديدة، فممكن تذهب وتجلس وتتكلم ولا يوجد من يسمع، أو يسمع ولا يتجاوب، ولكن نحن نشعر بأن هناك روحاً جديدة وتلك الروح بدأت تتغلغل للشارع المصرى، فما يفعله الرئيس أو القيادات مع الكنيسة يخلق روحاً جديدة بين المسلمين والأقباط فى الشارع المصرى.
■ بالحديث عن البرلمان، تم تسريب تسجيل صوتى لكم قبيل الانتخابات تدعم فيه قائمة «فى حب مصر»، وقد عقدت العديد من اللقاءات مع لجان العلاقات العامة بالكنائس توجه الناخبين خلالها.. كيف تفسر ذلك؟
- أنا مسئول ملف العلاقة بين الكنيسة والدولة لأنى مقرر لجنة العلاقات العامة بالمجمع المقدس، وأنا ممثل الكنيسة فى كل ما يتعلق بالأمر الوطنى مثل دستور أو قانون، وكونى مقرر لجنة العلاقات العامة فكرنا فى دورات تثقيفية للشباب القبطى، وانتهزت فرصة أنه كان هناك انتخاب برلمان فكان لا بد أن أشرح لهم حقيقة الأمر فيما يتعلق بالمكتسبات الدستورية التى اكتسبها الأقباط فنستعرض أمامهم المكتسبات بالإضافة إلى نظرة عامة على إيجابيات الدستور المصرى، وأن يفهموا أن الدستور بكل ما فيه أساس والبناء عليه هو القانون، فلن نستفيد من الدستور شيئا لو لم يتوافق وتتفق القوانين الصادرة عن البرلمان مع الدستور، ولذا لا بد أن يكون هناك دور إيجابى للقبطى لاختيار الأفضل تحت قبة البرلمان لاستصدار القوانين المناسبة، ولا بد أن يشعر كل من ينجح فى البرلمان بأن القبطى كان له دور فى إنجاحه بما يؤثر بالإيجاب على القوانين التى تمس الأقباط فى المستقبل ومن هنا كان التحفيز، هذه هى المحاضرة دون الدخول فى أى تفاصيل.
وعن هذا التسجيل حدث الآتى، فأنا فوجئت بعد أن أنهيت محاضرتى وفتحت باب تلقى الأسئلة أن أحد الأشخاص يتحرك باسم قائمة من القوائم ويوزع بيانات للقائمة على الداخلين، والأكثر من هذا وجدت أناساً فى وجودى يهاجمون قائمة أخرى وهى القائمة المنافسة والأكثر حظاً، خاصة أن تلك كانت هى الجولة الثانية، فما كان علىّ أن أصمت، وكان علىّ أن أطرح أن تلك القائمة التى تهاجم هى القائمة الوحيدة التى سعت للتنسيق مع الكنيسة، وأن المسئولين عنها تقابلوا معنا عدة مرات حتى ولو لم يحققوا رغباتنا بالكامل ولكن يكفى أنهم تقابلوا معنا، فى حين أن القائمة الأخرى حينما اتصلوا بى فى البداية طرحنا عليهم اعتراضنا على اسم من الأسماء لأسباب منطقية، ولم يتجاوبوا معنا وقطعوا الاتصال، فكان لا بد أن أتكلم بهذا الوضوح، ولو سألتنى «جواك كان إيه وقتها؟»، هاقول كان نفسى أن القائمة التى هوجمت أن تنجح، وقد نجحت.بنو