حكاية مجذوب: «مراتى سرقت فلوسى.. أنا مهندس مش مجنون»
![«حكم» يعيش فى الشارع بعد تخلى أشقائه وزوجته عنه](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/16782766781462471074.jpg)
«حكم» يعيش فى الشارع بعد تخلى أشقائه وزوجته عنه
مُسن مشرّد يرتدى أسمالاً «أكلت عليها الدنيا وشربت»، وألفتها أرصفة شارع البحر الأعظم فى الجيزة، مشكّلة لوحة بائسة لرجل لم تعرف المياه طريقاً إلى جسده منذ سنوات، المارة فى الشارع يرونه مجذوباً، وقليلون هم مَن يعرفون حقيقته.
حال «حكم» كحال غيره من المشردين الذين تألفهم فى شوارع المدينة الصاخبة ليلاً ونهاراً، يرتدى جلباباً باهت اللون، ويلتف بين غطاءين ملأتهما الثقوب، أحدهما مبسوط على الأرض والآخر يقيه من البرد شتاء ومن نظرات العابرين. منذ 13 عاماً، تلقّى «حكم محمود» -هكذا عرّف نفسه إلى «الوطن»- أول صدمة فى حياته عندما انهار عقاره، إلا أن الكارثة لم تكن اكتملت، فسرقت شريكة حياته أمواله وهربت، لكن إخوته هم أيضاً قرروا «تعميق جراحه» فاتهموه بالجنون، لاغتصاب ميراثه: «حياتى كلها تبدلت فى وقت واحد، وكل اللى قريب منى تخلى عنى، مراتى كانت طمعانة فى فلوسى، عشت معاها 19 سنة وربنا ماكانش رايد الخلفة والحمد لله إنى ماجبتش منها عيال، واخواتى اللى من دم واحد اتهمونى بالجنون عشان ياخدوا ورثى، ومن يومها عايش فى الشارع».
يقول إنه كان يعمل مهندساً، قبل أن ينهار عقاره، يحزن على حاله ونظرات الشفقة التى يراها فى عيون المارة كأنه مجذوب، قليلون هم مَن يعرفون حقيقته: «الناس اللى تعرفنى مش فى إيديها حاجة، بس حزين لأنه مع مرور الوقت بقوا يتعاملوا معايا من بعيد لبعيد لظروفى وشكلى». لم يتخيل «حكم» يوماً الصدمات القاسية التى واجهها من رفيقة دربه وأشقائه الثلاثة: «مش قادر أتصور إنهم قاعدين مبسوطين وعايشين حياتهم وسايبينى بالحال ده فى الشارع، أنا دلوقتى معرفش ليهم مكان، ولا هما يعرفوا عنى حاجة، ومابقاش عندى فلوس ولا عارف اشتغل بشهادتى، ولا معايا أى حاجة تثبت إنى إنسان طبيعى ومتعلم».