إذاعة «القرآن الكريم» تتحول إلى قضايا السياسة.. وتُحرم «الخروج على الحاكم»
قبل أيام من الذكرى الثانية لثورة 25 من يناير، بدأت إذاعة القرآن الكريم حملة لحث المصريين على عدم المشاركة فى المظاهرات المرتقبة «حفاظا على حالة الاستقرار ودفعا لعجلة الإنتاج، وحتى لا تتسبب التظاهرات فى تدهور الوضع الاقتصادى وإفلاس البلاد».
ودأبت الإذاعة طوال الأيام الماضية، وتستمر حتى 25 يناير، على ترويج فكرة حرمة الخروج على الحاكم، حتى بدت الإذاعة الدينية وكأنها محطة إذاعية سياسية بامتياز.
وأعرب عدد من العاملين فى الإذاعة، رفضوا ذكر أسمائهم، عن رفضهم واستيائهم من طريقة تناول الأحداث، وتطويع الدين لخدمة أغراض سياسية، خاصة بعد تقليص فترة «المصحف المرتل»، ومد ساعات الفترة المفتوحة التى تتناول قضايا سياسية، بعد صبغها بصبغة دينية، وكان على رأس تلك القضايا ترويج الإذاعة للموافقة على مشروع الدستور وحث المواطنين على التصويت بنعم فى الاستفتاء، والحديث عن مخاطر الثورات على الاقتصاد.
مظاهر تسييس الإذاعة، كما رصدتها «الوطن» فى 4 أيام فقط، ظهرت جلية فى برامج مثل «الإسلام وقضايا العصر» و«حقائق وشبهات» و«سبل الهداية» و«حديث الصباح» و«الإسلام والحياة».
كما تناولت الفترات المفتوحة حث المواطنين على عدم الانصياع لدعوات التظاهر فى ذكرى الثورة، وجاء على لسان أحد ضيوفها أن ذلك «خروج عن البيعة وبه حرمة».
وطالبت الفترة المفتوحة بتثقيف المعارضين ليكونوا مؤمنين بالله ويتوقفوا عن زرع القلاقل، وقال الشيخ متولى الصعيدى، أحد مشايخ وزارة الأوقاف: «إن الاحتجاجات تتسبب فى توقف عجلة الإنتاج وتعطيل مسيرة التنمية». وأشار ضيف الفقرة إلى أن المعارضة تكون عبر طاولة الحوار وليس الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات.
وتناول برنامج «التفسير الموضوعى لكتاب الله» فى تفسيره لصورة الأحزاب خطورة الثورات الداخلية التى تعيق الحكام عن مراقبة الحدود، وتجعلها مطمعا للأعداء.
وتناول برنامج «برقيات إسلامية» الفتن التى انتشرت، فى محاولة للسيطرة على الإسلام فى العصر الحديث، وأن مواجهتها تكون بإحسان السمع والطاعة لعلماء الإسلام ونصرة المتدينين «حتى لا يقعوا فرائس لتآمر شياطين الإنس».
وقال إسلام البحيرى، المذيع بشبكة القرآن الكريم: إن بعض العاملين من المنتمين لحزب الحرية والعدالة ومؤيدى التيار الإسلامى يفرضون آراءهم خلال برامجهم، مشيراً إلى أنه طالب القيادات القائمة على الإذاعة بأن يقتصر دورها على تثقيف المواطنين وألا تبث أى مادة من شأنها توجيه آراء المستمعين سياسيا. وتابع أن «إذاعة القرآن يسمعها الإخوان وغيرهم، وحافظت على حيادها طوال تاريخها، ويجب أن تستمر على ذلك، وتنشر الإسلام الوسطى دون انحياز لأى فصيل سياسى»، مشيراً إلى أن الأزمة تفجرت عندما قاد بعض المذيعين، الذين أطلقوا لحاهم مؤخراً، حملة للترويج للإخوان والدستور الجديد، وهو ما استفز المواطنين الذين هاجموا الإذاعة وصفحتها على الإنترنت، ما أدى لانخفاض عدد زائريها إلى 53 ألف زائر خلال أيام قليلة.
وأضاف «البحيرى»: «المشرف على الصفحة الرسمية للإذاعة ومعه بعض الزملاء استولوا على الصفحة تماماً، وعلا صوتهم بالترويج للإخوان والرئيس محمد مرسى، ويقولون إن الإسلام قادم وسينتشر فى كل ربوع مصر».
وأكد محمد عويضة، رئيس إذاعة القرآن الكريم، أن الإذاعة اتخذت نهجا جديدا عقب الثورة باستحداث الفترة المفتوحة الممتدة عبر اليوم والمخصصة لمناقشة أهم الأحداث الراهنة فى محاولة لتقريب وجهات النظر وتهدئة الأوضاع.
مشيراً إلى أن الإذاعة لا تتخذ فى تلك الحالة توجها سياسيا لتيار دون آخر، لكنها تعمل بمثابة سيارة الإطفاء التى تحاول تهدئة النيران المشتعلة والموضوعات التى يجرى تداولها عن مخاطر التعصب ودرء الفتن والمسئولية السياسية فإن كانت تلك هى السياسة، فأهلا بها.
وقال رئيس الإذاعة: «إن ما يقال عن أخونة الأثير ووجود تحركات لقمع مظاهرات يناير هو محض افتراء، وما يجرى تناقله عن احتجاجات واعتصامات العاملين فى الإذاعة اعتراضا على وجود توجيهات بفرض وجهة نظر تيار بعينه وانخفاض نسبة الاستماع للإذاعة هو الكذب بعينه.
وردا على ما تردد مؤخرا بشأن أولوية استضافة من لهم توجه سلفى أو إخوانى قال «عويضة»: «إن جميع الضيوف من علماء الأزهر الأجلاء أو مشايخ الأوقاف، وكانت تجرى استضافتهم قبل وصول الإخوان للحكم، والعديد منهم معروفون بالتوجه الوسطى، وآراؤهم تعبر عن قناعاتهم الشخصية».
وأضاف أن اختيار الضيوف لا يجرى وفقا لأجندة معينة أو توجيه من وزير الإعلام كما يُشاع.