بالفيديو| وكأن ثورة لم تقم ونظاما لم يسقط.. "عبدالحميد" ضحية جديدة للتعذيب بقسم "الشيخ زايد"
مثله مثل أي شخص يرفض أن تُهان كرامته، أو أن يتعرض أي فرد بالسباب لوالدته.. كل جُرمه أنه رفض أن يسبه بعض أفراد الشرطة.. فنال الجزاء ضربًا وتنكيلاً إلى الحد الذي تم فيه "رميه" من الدور الثالث.. إنه عبد الحميد محمد "الطباخ"، الذي ذاق ألوانًا من العذاب داخل قسم الشيخ زايد بعد رفضه سب والدته.
عبد الحميد.. شاب في العقد الثالث من عمره، عيناه ثابتتان رغم تورمهما من "الضرب"، تحمل جراءة الرافض للإهانة، يتكئ على "أم" لم تنسَ منظره وهو ملقى في الطريق مغشيًا عليه.
اعتاد عبد الحميد، الذي يعمل بأحد المطاعم الكبرى، العودة يوميًا بعد منتصف الليل، وفجر الأحد "20 ـ 1 الجاري"، استوقفه "كمين"، أمام الهايبر بالشيخ زايد. حاول أمناء الشرطة تفتيشه، وهو ما رفضه، فاتجه أحدهم نحوه وفمه مملوء بالسباب، يكيل له الألفاظ النابية التي طالت والدته. الموقف أثار عبدالحميد خاصة وأنه طال والدته، فما كان منه إلا أن بادل أمين الشرطة نفس الألفاظ، يقول: "هو مش أحسن مني عشان يشتمني وأسكت له".
رفْض عبد الحميد للإهانة، أجبر أمين الشرطة على استقدام الضابط المسؤول عن "الكمين"، وما إن قَدِم الضابط إلا وقال، حسب رواية عبدالحميد لـ"الوطن": "إنت عامل لينا فيها بلطجي. طب تعالى هنا لما نشوف حكايتك ايه"، واصطحبه للقسم، حيث تم تجريدة من متعلقاته وإلقائه في الحجز حتى صباح اليوم التالي.
[Quote_1]
فوجئ عبدالحميد بإدراج اسمه ضمن المرحلين إلى النيابة في الصباح، رغم عدم توجيه أي تهمة محددة له، وظن خطأ أن الموضوع يتعلق بالمشاجرة التي نشبت بينه وبين أمين الشرطة.
لكن الصدمة كانت في انتظار عبد الحميد بنيابة الشيخ زايد؛ حيث وجد نفسه متهمًا بحيازة مواد مخدرة. لكن النيابة أعادته مرة أخرى إلى القسم لعدم كفاية الأدلة. تعاطف السجناء مع عبدالحميد لدى معرفتهم بما حدث له، أكثر من سجانه الذي طلب منه 20 جنيهًا، كي يجري له مكالمة بأهله يخبرهم فيها بمكانه.
في العاشرة من مساء اليوم، تم إبلاغه بأن شقيقه أتى ودفع له الكفالة. لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة كي يغادر السجن؛ إذ كان عليه أن يأخذ "الهدية"، فقال له أحد العساكر: "تعالى خد الهدية عشان تمشي"، وصعدوا به إلى الطابق الثاني بالقسم، حيث غرفة تسمى" البلتمين". في تلك الغرفة تبادل 3 من أمناء الشرطة المتواجدين بها إهانته بأبشع الألفاظ، وهو ما رفضه قائلا: "لو سمحت متشتمش"، فقال له أحد معاوني المباحث: "إنت مجرم"، واستمر في سبه وشتمه بألفاظ تنال من عائلته، فما كان من عبدالحميد إلا أن بادله نفس الألفاظ، انطلاقا من مبدأ "هو مش أحسن مني".
لم يتوقف الأمر على أمناء الشرطة، حيث جاء دور معاون المباحث الذي احتجز عبدالحميد في الغرفة، وطالبه بانتظار "الهدية"؛ فبدأ بالاعتداء عليه، وشاركه اثنان من زملائه، وراحوا يوجهون له اللكمات، ويركلونه بالأرجل، وأقاموا له "حفلة" تعذيب على مرحلتين، الأولى بالغرفة المذكورة، والثانية اصطحابه للطابق الأخير بالبناية، ومواصلة تعذيبه، ولم يرحموا صراخه واستغاثته.
[Image_2]
مازال عبدالحميد يتذكر ضحكاتهم، وهم ينالون من جسده باللكمات، والضربات المتلاحقة، ساخرين منه، يقول: "قعدوا يضحكوا وهما بيضربوني ويقولوا يا ابن كذا ويا ابن كذا بألفاظ وحشة طبعا"، واستمروا في الاعتداء عليَّ بالطابق الثالث من المبني لساعات، حتي تمكنت من الزحف والوصول لأحد الأبواب المؤدية للسطح، وفوجئت بأنه باب السطوح، فركلني أحدهم بقدمه في بطني فسقطت من الدور الثالث وأُغشي علي.
أفاق عبدالحميد من غفوته، فوجد نفسه ملقى في منتصف الطريق خلف القسم، على بعد 200 متراً تقريبًا، وإلى جواره رجل طاعن في السن يحاول إفاقته. تمتم عبدالحميد برقم تليفون والدته، فاتصل الرجل المسن على الفور بالرقم.[Quote_2]
إيمان عبدالعزيز، والدة عبدالحميد، سيدة في العقد الخامس من عمرها، منتقبة، جاءها اتصال هاتفي من شخص يخبرها بأن ابنها مغشي عليه في وسط الطريق، فانتقلت وشقيقه "أحمد"، الذي كان محتجزاً في القسم حينها بحجه هرب عبدالحميد من القسم، ولم يتركه ضباط القسم إلا بعد أن احتجزوا أخا ثالثا لهما كرهينة.
تتذكر إيمان، مشهد عبدالحميد حين كان ملقى على الأرض، ويرتعش، ويتألم، ولا يستطيع أن يحرك ساكنًا، فاتجهوا به إلى مستشفى زايد العام، وهناك اصطف رجال المباحث، وحاولوا إجبار عبدالحميد على الاعتراف بالهروب من القسم وإلقاء نفسه من أعلى الطابق الأخير بالقسم، وهو ما رفضه عبدالحميد.
بصوت جهور يتقدم من بعيد شخص غليظ الملامح قوي البنية يُدعى مجدي موسي معاون مباحث قسم الشيخ زايد، والذي توعد شقيق عبدالحميد ووالدته، وهددهما، قائلا: "عايز تتاخد انت وأخوك على القسم، ولا يكمل علاجه ونضيعلك مستقبلك".
من ناحية أخرى، قال رئيس المباحث بهدوء لم يخلُ من التهديد والوعيد لـشقيق عبد الحميد: "أخوك مريض نفسي ولازم تعالجه؛ لأنه بيقول حاجات مش منطقية". يكمل شقيق عبد الحميد الرواية: "يتهامس رجال المباحث فيما بينهم، فيما قام رئيس المباحث قسم الشيخ زايد الممقدم محمد علي، بكتابة المحضر وإجبارهم بالتوقيع عليه، وإجبار عبدالحميد بالتوقيع على ورقة بيضاء وهو في فراشه، ورفضوا اطلاعهم علة المحضر الموقعين عليه.
[Quote_3]
وقال رئيس مباحث قطاع أكتوبر، في حوار مع شقيق عبدالحميد: "يابني احنا عايزين نجيب حق ربنا. حق ربنا إن أخوك يعترف بإلقائه لنفسه من فوق القسم، عشان مصلحته"، ويلتفت إلى والدة عبد الحميد قائلا لها: "أنا بحمي ولادي في القسم وانت احمِ ولادك، وخليه يعترف بإلقائه لنفسه من فوق القسم".
حوَّلت مستشفى الشيخ زايد حالة عبدالحميد إلى مستشفى قصر العيني. يقول "أحمد": "الدكتور بقسم العظام قال: "مفيش سراير فاضية في المستشفى هنفرشله بطانية ينام عليها لحد ماييجي دوره في العمليات بعد 3 شهور". حالة شقيقي الصحية لم لا تستوجب الانتظار جيث كان من الممكن أن يصاب بعاهة مستديمة.
أدَّلهم مسؤول العظام بالتوجه لمستشفى خاصة يملكها أستاذه، وبعد إجرائه العملية فوجئت عائلة عبدالحميد بتواجد رئيس ومعاون المباحث المباحث بغرفته، ومحاولة نقله للقسم للتحقيق معه، وهو ما رفضه أهله، كما رفضت المباحث اطلاعهم على الاستدعاء الرسمي من النيابة.
فوجئ عبدالحميد وعائلته بتلفيق تهمة الهروب من السجن، وعدم صدور قرار استدعاء من النيابة. لكن محضر الخصومة الذي اختصم فيه المحامي القسم واتهمه بالتعدي بالضرب على عبدالحميد، وضع للقضية مسارا آخر، وطالبهم وكيل النيابة بالتصالح، في ظل إصرار شقيقه وعائلته على إثبات حقه أولا.
عائلة عبدالحميد، تمتلك الإصرار على استكمال مقاضاة المسؤولين عما حدث لنجلهم، محملين الرئيس محمد مرسي ووزير الداخلية المسؤولية.
أخبار متعلقة*
مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب"
مصر وعام من دون طوارئ.. سقط القانون وبقي "السحل والضرب والتعذيب"
تقادم الخطيب: "مشكلة الداخلية في تربية الضباط داخل كلية الشرطة "مش في "قانون الطوارئ"
سياسيون: المحاكمات الاستثنائية والتعدي على القضاء والمليشيات كلها طرق لاستنساخ "طوارئ مبارك"
"الجيزاوي" خلف قبضان آل سعود.. و"صراخ" زوجته وشقيقته في مواجهة بطش "الداخلية"*
"بدائل الطوارئ".. عندما سقط القانون وبقيت توابعه