"مكسوف أقعد في البيت وأرضي بتموت".. "الوطن" في قلب معاناة بوار الأراضي
جفاف الترع وبوار الأراضي بالدقهلية
في مشهد جسدته الدراما ذات مرة في فيلم "شيء من الخوف"، تحركت جموع الفلاحين من أهالي عزبة أبو السعود إلى الترعة الجافة، حاملين فؤوسهم يدفعهم الغضب من عدم وصول مياه الري إليهم منذ 20 يوما.
62 قرية وعزبة في المنزلة ونهايات مركز دكرنس وبني عبيد، تعاني نقصا حادا في مياه الري، طال ما يزيد عن 3 آلاف فدان، بعد أن زرعوا أراضيهم بمحصول الأزر، تخطت "الوطن" فوق تشققات الأرض الجافة والتقت الفلاحين الذين رووا مأساتهم.
"قلبي وجعني على أرضي، ومكسوف أقعد في البيت وأسيبها تموت مني، أنا دافع لزراعتها دم قلبي، وقاطع من قوت ولادي"، متأثر بما مر به عبر شعبان محمد عبده، مزارع بعزبة أبو السعود مركز المنزلة، بالدقهلية، عن حزنه على أرضه، التي تشققت من عدم وصول مياه الري إليها.
يضيف شعبان "والله أنا مستأجر الأرض، اشتريت تقاوي الأرز وزرعتها، ما ينفعش أشتري تقاوي تانية، بدور على أي نقطة مياه أروي بها الأرض، اشتريت ماكينة ري صغيرة بألفين جنيه عشان أحيي أرضي وما اسيبهاش تموت".
يقول محمد فتحي، مزارع، "لم أتخيل في حياتي أن أسير فوق أرض الترعة وهي جافة، فما بالك بالأرض، تجمعنا ونزلنا الترعة عسى أن يشعر بنا أي مسؤول وينقذنا وينقذ زراعتنا"، ويضيف "أرضي مثل ولدي، عندما أرى الزرع يموت بها كأن ولدي يموت أمام عيني، لو شعر المسئولين بهذا الإحسان لم يتركونا نصل إلى هذه الدرجة". يتابع فتحي المصاب في أرضه "عندما اشتكينا للمسئولين عن الري قالوا "الميه هتوصل لكم في أول يونيو" يعني المسؤولين بيدمرونا بقراراتهم، واللي زرعته بتموت منه يبقى فلاح فاشل لا يمكن أن يرفع رأسه في القرية، لكن مع الأزمة التي نعيشها الآن أصبح الجميع فاشلا، وكلنا في الهم سواء".
"الأرز نشف في الأرض.. الفلاح هايتدمر السنة دي.. مفيش حد من المسئولين بيسأل عنا.. هما نسوا الفلاح أصلا".. كلمات ظل يتمتم بهت السيد الشرقاوي، فلاح، وهو يبحث عن أي كمية من المياه في الترعة الرئيسية أمام قرية "وديع" مركز دكرنس داخل "ترعة الذوات"، وملابسه متسخة بالطين، ويحاول أن يعمل بها مجرى داخل الترعة عسى أن تتجمع كمية من المياه ويسحبها داخل أرضه.
شعبان: "والله أنا مستأجر الأرض.. اشتريت تقاوي الأرز وزرعتها.. ما ينفعش أشتري تقاوي تانية"
وقال متحسرا على حاله وحال باقي فلاحين المنطقة "عاوزين حد من المسؤولين يطلع يقول لنا فين المياه، كل يوم انزل في المياه كلها صرف صحي وزبالة، يمكن ألاقي أي شوية مياه نروي بها الأرض"، يضيف بنبرة الحسرة ذاتها "أنا زارع الأرز من 20 يوم، وبعد أن نبت الأرز وأصبح في حاجة أكبر للمياه، بخاصة في هذه المرحلة من الزراعة، تم منع المياه من الوصول لنا، دي أخطر مرحلة في حياة النبات، إما يكون جيد أو يتحرق في أرضه ويموت من الجفاف، والمسؤولين عن الري والزراعة عارفين ده كويس".
وقال عيد أبو المعاطي، مرازع، من قرية المحاسنة مركز دكرنس "الفدان الواحد يتكلف زراعة بس ألفين جنيه، وإحنا ناس مستأجرين وغلابة، والأرض ناشفة والترعة ناشفة، أنا مش عايز مكسب من زراعة الأرض، إحنا بس عاوزين نوفر الأكل لأولادنا، زرعتنا ماتت والأرز راح، أجيب تقاوي تاني منين؟".
ولفت مصطفى فرج، مزارع، إلى أنه "حتى أعضاء مجلس النواب لم يسأل منهم عنا أحد، أطفالي لم يستحموا منذ 40 يوما، وأطفال القرية "الجرب أكلهم"، ونحن نعاني من نقص مياه الري ومياه الشرب أيضا، يعني لو حريقة ولعت في القرية مش هانلاقي مياه نطفيها".
مصدر بمديرية ري الدقهلية: "معاد الأرز أول يونيو والفلاحين زرعوا بدري.. لا يلومون إلا أنفسهم"
وأضاف فرج "المسؤول الجالس في التكيف لا يشعر بنا، ويحجزوا المياه للكبار، ويتركوا الفلاح الغلبان الشمس تأكل زراعته، والمعلومات تصلهم مغلوطة".
من جانبه، ألقى مصدر مسؤول بمديرية الري بالدقهلية، باللوم على الفلاحين، الذين "لم يلتزموا بمواعيد زراعة الأرز، والتي تبدأ في أول يونيو".
وأضاف المسؤول لـ"الوطن"، "اللوم على الفلاحين عشان زرعوا أراضيهم بدري حتى يحصلوا على محصول كبير، احنا عندنا خطة للزراعة ولتوفير المياه لكل الأراضي".
وأضاف المسؤول "حصتنا من المياه محددة من الوازرة، على حسب كمية الأراضي التي محدد زراعتها بالأرز حسب الدورة الزراعية، نتحرك في إطار خطة محددة سلفا".
وأشار المسؤول إلى أن "حسام الدين إمام محافظ الدقهلية، أمر بتشكيل لجنة من قطاعي الري والزراعة للقضاء على أي مشكلة قد تظهر، وفي حال عدم التزام الفلاحين بالمواعيد فلا يلومون إلا أنفسهم".