تفاصيل ليلة «التشريفة» لمبارك فى سجن طرة
«التشريفة» هو الوصف الذى يطلقه المحبوسون على الليلة الأولى لأى مسجون، وهى الليلة التى قضاها مبارك أمس الأول فى مستشفى سجن مزرعة طرة، وأقل وصف يمكن إطلاقه على هذه الليلة أيضاً بالنسبة لمبارك هو ليلة «الكابوس» ليس فقط لأنه ترك المركز الطبى العالمى، لكنها المرة الأولى التى يمضى فيها ليلته دون أى من أفراد أسرته سواء زوجته سوزان التى كانت تقيم معه فى المركز الطبى أو حفيده أو حتى نجلاه علاء وجمال اللذان يبعدان عنه مسافة أمتار داخل السجن.
وكشف مصدر أمنى عن أن مبارك كان متماسكاً إلى حد ما عقب صدور الحكم عليه بالمؤبد، وحاول نجله جمال تهدئته فرد عليه غاضباً: «اسكت بقى».
وأضاف المصدر أن مبارك كان يظن أنه سيمضى فترة العقوبة بالمركز الطبى العالمى، وفور نزول الطائرة فى مهبط سجن مزرعة طرة الذى تم إعداده بمعرفة القوات الجوية وجهاز الشرطة على مساحة 400 متر، سأل من حوله: «إحنا فين؟» فأجابوه: «إحنا فى سجن مزرعة طرة يافندم». فصرخ فيهم: «يعنى إيه؟ فى السجن؟ ليه ما روحتش المركز الطبى؟» فأجابه أحد أفراد طاقم الحراسة: «النائب العام قرر نقلك إلى مستشفى سجن طرة وتم إعداده مثل تجهيزات المركز الطبى». فانفعل مبارك رافضاً النزول من الطائرة، وتلفظ بألفاظ نابية، واستغرقت محاولات تهدئته نحو 3 ساعات، وطلب حضور المشير طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى، واللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، لكن طلبه قوبل بالرفض، ولم يهدأ إلا عندما أقنعه البعض بأن نجليه علاء وجمال سيقيمان معه طبقاً لقاعدة «لم الشمل» التى تنص عليها لائحة السجون، التى تسمح بضم المساجين المودعين بالسجون المصرية من أسرة واحدة داخل سجن واحد.[Image_2]
وأضاف المصدر أنه تم نقل مبارك فور نزوله «باكياً» إلى غرفة العناية الفائقة بالمستشفى، التى تضم 5 أسرّة ومزودة بأجهزة قياس ضغط الدم والتنفس الصناعى وقياس سرعة نبضات القلب، وهى الغرفة الثانية يسار باب المستشفى بعد عيادة الأسنان، وتسلم المستشفى التقارير الطبية الخاصة بالرئيس السابق ليباشر الأطباء متابعة حالته الصحية، ولا يبعد مستشفى السجن كثيراً عن العنابر المودع فيها علاء وجمال مبارك.
وتابع المصدر: بعد أن استقرت حالة مبارك الصحية طلب مشاهدة ردود الفعل على الحكم عليه ظناً منه أنه ستكون هناك حالات تعاطف معه مثلما حدث من مظاهرات أمام المركز الطبى العالمى للتخفيف عليه معنوياً، لكنه فوجئ بالحشود فى ميدان التحرير احتجاجاً على الحكم، فثار مره أخرى وظل يهذى بكلمات انفعالية قائلاً: «وكمان مش عاجبهم الحكم؟ حسبى الله ونعم الوكيل، أنا خدمت البلد دى، أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة».. فتدخل الأطباء لتهدئته مرة أخرى، وشددوا على طاقم التمريض بعدم تشغيل التليفزيون وإبعاده عن متابعة وسائل الإعلام حتى لا تسوء حالته الصحية، وتم إعطاؤه مهدئات نام إثرها فترة طويلة.
وبعد أن استيقظ صباح أمس حاول مسئولو سجن المزرعة إقناعه بارتداء البدلة الزرقاء وفقاً للائحة التى تطبق على المحكوم عليهم فرفض، كما تدخل الأطباء للتأكيد أن حالته الصحية سيئة، مما أدى إلى تأجيل الأمر، وتم تأمين غرفة مبارك بشكل كامل من خلال إجراءات أمنية مشددة.
فى الوقت ذاته، نفى المصدر الأمنى أن يكون علاء وجمال قد تقدما بطلب «لم الشمل» للإقامة مع والدهما. وأوضح المصدر أنه من المستبعد تنفيذ هذا الأمر حالياً بالذات بسبب الأجواء المشتعلة فى ميدان التحرير وجميع ميادين مصر عقب صدور الحكم على مبارك والعادلى، وقال المصدر: «إدارة السجن مش هتطبقه علشان الوضع فى البلد».
وأوضح أن مادة «لم الشمل» تطبَّق على جميع المسجونين، ولا تمييز فى ذلك للرئيس المخلوع أو نجليه، اللذين سيتم إيداعهما داخل عنبر المحبوسين احتياطياً بسجن المزرعة. وخلال فترات «التريض» و«الفسحة» يمكن لهما التوجه إلى مستشفى السجن لزيارة والدهما، وبعد انتهاء هذه الفترات وتنفيذ أمر إغلاق بوابات العنابر سيتم إيداعهما فى محبسيهما بعيداً عنه.