أنا المصرى «محمد ندا».. وحالف: مش هسيب المشردين يموتوا فى الشوارع
د. محمد ندا منقذ المشردين
مشردون بلا مأوى، بعضهم يعانى من حالات نفسية، أفقدتهم القدرة على التوازن والعودة إلى حياتهم الطبيعية، وبعضهم من كبار السن الذين تخلت عنهم أسرهم وذووهم، وألقوا بهم فى الشارع كى يتخلصوا من عبء خدمتهم، وبعضهم عجزوا عن توفير أى دخل أو سكن، فلجأوا للشارع ليكون ملاذهم الأخير، وبالرغم من اختلاف ظروفهم ولكنهم عانوا من تخلى المستشفيات الحكومية والخاصة عن إنقاذهم، ولم توفر لهم الحكومة أى رعاية سواء تتعلق بالسكن أو الصحة، كما تجاهلتهم دوريات الشرطة التى تجوب الشوارع، أصبحوا على الأرصفة يغطيهم التراب مثل أكياس المهملات، عانوا من أمراض مزمنة، ولم يتمكنوا من توفير تكاليف العلاج أو الكشف.
أصعب المهام التى يواجهها هى تحرير محاضر فى أقسام الشرطة للمشردين
محمد ندا، رجل فى الخمسين من عمره، طبيب جراح فى قصر العينى الجامعى، ورئيس قسم الجراحة فى مستشفى أم المصريين، لم يبخل بوقته وجهده، فى القيام بعمله الإنسانى، حيث تطوع لعلاج كثير من المرضى المشردين، وذلك بمساعدة فريق من الأطباء الشباب، ليعطيهم درساً فى أن الطب مهنة إنسانية فى المقام الأول، قبل أن تكون مهنة يتكسبون منها الرزق.
يقول محمد ندا إنه بالرغم من انشغاله اليومى فى غرف الجراحة لعلاج جروح المرضى، فإنه شعر بالتزام عليه تجاه هؤلاء المشردين، الذين ترفض معظم قاعات الاستقبال فى المستشفيات التعامل معهم، وذلك تجنباً لتحمل أى مسئولية قانونية تجاههم، خاصة أن معظمهم غير معروفى الهوية، ولا يتمكنون من الوصول إلى ذويهم. يلتقط محمد ندا أنفاسه، فى استراحة قصيرة حصل عليها، بين عمليتين جراحيتين، ويضيف قائلاً: «فيه مبادرة بيقوم بيها مجموعة من الشباب على رأسهم شاب اسمه محمود وحيد، بقالهم سنين طويلة، بياخدوا المشردين من الشارع وينضفوهم، ويتواصلوا لتوفير علاج لهم».
يقول محمد ندا إن من أصعب المهام التى تواجه تلك المبادرات التطوعية، هى توفير محاضر فى أقسام الشرطة لهؤلاء المشردين، وتلك خطوة قانونية لازمة، قبل أن يتمكن الشباب من الاعتناء بالمشردين وإيداعهم أحد المستشفيات لتوفير العلاج المناسب لهم، حيث ترفض كل المستشفيات، سواء كانت حكومية أو خاصة، استقبال تلك الحالات دون وجود ورق رسمى لهم، مؤكدين أنها مسئولية قانونية ولا يتمكنون من تجاوزها.
وعن أشهر الأمراض التى يعانى منها المشردون، نتيجة وجودهم فى الشارع دون أى رعاية صحية، أو نظافة شخصية، يقول د.محمد: «أمراضهم كلها جروح شديدة، وقرح عميقة وبعضهم عندهم غرغرينة فى اليد والقدم وكمان جفاف شديد، وتم بالفعل شفاء العديد منهم والحمد لله، وربنا يوفق فى باقى الحالات»، مضيفاً أنه يقوم بإدخالهم مستشفى أم المصريين، على عهدته الشخصية، لإنقاذهم وتوفير العلاج المناسب لهم، وقد تحتاج بعض الحالات إلى فترات طويلة حتى تتعافى بالكامل.
ويضيف محمد ندا أنه فى حين عجزت المبادرة الشبابية عن توفير أى أوراق ثبوتية للمشردين، أوجد حلاً ينهى تلك الأزمة، وهى الحصول على البصمات الشخصية لتلك الحالة التى يقوم بعلاجها، مؤكداً أن ذلك يبقى الحل الوحيد لإنقاذهم، قائلاً: «مش هسيبهم يموتوا فى الشوارع، طول ما أنا قادر أساعدهم».
وختم حديثه مؤكداً أن الطبيب لا يفرق بين إنسان سوى أمام المجتمع أو إنسان غير سوى فكل منهما سواسية أمام المرض.