"العملة الفضية رجعت ورقية".. وداعا لعصر "الفكة" و"حوش اللي وقع منك"
مواطنون بعد عودة العملات الورقية
"مش معايا فضة.. إوعى الفضة تقع منك.. صرة من الدنانير".. جمل باتت تنتاقل بين أفواه المواطنين، منذ استبدال العملات الورقية بالنقدية في عام 2006، لفئات الربع جنيه والنصف جنيه، أما في عام 2010 اختفى الجنيه المصري الورقي، واستبدل بالعملة النقدية، بعد قرار بطرس غالي، وزير المالية الأسبق، بإلغاء العملات الورقية التي لا تزيد فئتها عن الجنيه، الأمر الذي واجهه المواطنون بإعلان رفضهم التعامل مع النقدية، وتجدد الجدال مرة أخرى بقرار عودة العملات الورقية إلى التداول في الأسواق.
امتلاك النقود المعدنية مؤخرًا، أصبح من الصعب توافره، ومن يمتلك داخل "جيبه" المعدنيات يجد سهولة وأولوية في عمليات الشراء، حيث تتم عملية البيع والشراء بسهولة دون عرقلة الاحتياج إلى "الفكة"، فيقول إسماعيل رشاد (26 عاما، صاحب أحد الأكشاك التجارية بمنطقة الدقي) إن عودة العملات الورقية أمر ليس مهمًا بالنسبة له إلى حد كبير، حيث إنه يقوم بالبيع والشراء فسرعان ما تأتي النقود لتذهب من الناحية الأخرى، إلا أن المعدني يمثل الأفضل من حيث السلاسة في حملها وعدِّها، لتبقى المشكلة الأكبر عند سؤاله من قبل المارة "هو مافيش فكة عندك يا باشا.. لتكون الإجابة: لأ"، موضحا أنه يصعب عليه التفريط في المعدني.
فاستخدام الأطباق البلاستيكية الصغيرة لجمع النقود المعدنية، الوسيلة التي تجعل "الفضة" أمام عين "رشاد"، حتى يتمكن من البيع بشكل أسرع، كما أنه يسهل تمييزها بين المعدنيات الأخرى.
ويكون حمل النقود داخل "الجيب" أحيانًا من المعيقات، حيث يقول عمر أحمد معوض (34 عامًا، ميكانيكي) إنه يحاول جاهدًا أن تكون أمواله من الورقي حتى لا تقع منه، ويضيف: "أنا لما بنزل تحت أي عربية أصلحها الفضة بتقع مني.. فده أحسن ليا"، موضحًا أن العملات الورقية ستكون أفضل له حتى يحتفظ بأمواله من الضياع.
ويلجأ "معوض" في أوقات أخرى إلى إخراج ما في جيبه وإعطائها لـ"الزبون" حتى يصلح له عربته، كي لا تتبعثر النقود على الأرض ومن ثم فقدانها نظرًا لصغر حجمها وسط نهر الشارع.
واتفقت معه "أم محمود" (50 عامًا، بائعة خضار) قائلة: "الفضة مش حلوة، الورق أحسن بنعرف نعده.. وأهو بيعملنا منظر فلوس كتير"، بهذه العبارة أوضحت السيدة الخمسينية سبب تفضيلها للعملة الورقية، حيث كان لقرار عودة العملات الورقية أثرًا نفسيًا جليًا عليها، حيث اشتاقت لامتلاك الجنيه الورق مرة أخرى، مضيفة: "وحشتنا بقى يا شيخ.. يمكن لما ترجع الحاجة ترخص زي زمان"، هكذا تأملت "أم محمود" في عودة الأسعار عن جنونها المرتفع.
الخوف من فقدان "الزبون"، هو الشعور الذي يسيطر على "أم محمود"، التي أوقات ما تعاني من نقص العملة المعدنية، فيجعل حركة البيع لا تسير بشكل مستمر، فعندما يأتي إليها "الزبون" متعطشا إلى الخضار سرعان ما يتركه بعد سماعه عبارة "معييش فكة".
ليبقى الشرط الوحيد لوصول مصطفى أحمد 26 عامًا إلى عمله بمدينة نصر، هو جمع العملات النقدية حتى يهرب من جملة "شوف لي فكة يا أستاذ" وليتمكن من الوصول إلى مقر عمله بأسرع وقت، ليقول: "الجنيه الورق أحسن كتير وعلى الأقل متشاف في المحفظة مش بيضيع زي الفضة".
وكانت مصادر مصرفية بارزة، أكدت استعداد البنك المركزي لطرح 500 مليون جنيه ورقي من فئة "الجنيه" مطلع شهر رمضان، موضحة أن المركزي لم يوقف التداول على الجنيه الورقي، لكنه أوقف طباعته مرة أخرى، بخاصة مع وجود الجنيه المعدني كبديل في الأسواق.