صحابه الرسول.. علي بن أبي طالب مستشار رسول الله
سيف علي بن ابي طالب
صحابي جليل لرسول الله، ومن آل بيته الكرام، فهو ابن عمه وصهره، كما أن ترتيبه الثاني في الذين دخلوا الدين الإسلامي بعد نزول الوحي على الرسول، كفله الرسول بعدما توفي والداه وجده، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، إنه الإمام علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه.
وُلد علي بن أبي طالب في 17 مارس 599 ميلاديا في مكة، وأشارت مصادر التاريخ إلى أن ولادته كانت في جوف الكعبة، وأُمّه فاطمة بنت أسد الهاشميّة، حيث أسلم قبل الهجرة النبويّة، وأوّل من أسلم من الصبيان، وهاجر إلى المدينة المنوّرة بعد هجرة الرسول بـ3 أيّام وكان أخو الرسول حين آخى بين المسلمين، وزوج ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة.
وفي اليوم الذي عزم فيه الرسول على الهجرة إلى يثرب، اجتمع سادة قريش في دار الندوة واتفقوا على قتل نبي الله، فجمعوا من كل قبيلة شابا قويا وأمروهم بانتظاره أمام باب بيته ليضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل، حتى جاء المَلَك جبريل إلى محمد وحذره من تآمر القرشيين لقتله، فطلب النبي محمد من علي بن أبي طالب أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو محمد وبهذا غطى على هجرة النبي وأحبط مؤامرة أهل قريش.
شارك علي بن أبي طالب في كل غزوات الرسول، عدا غزوة تبوك، حيث خلّفه فيها النبي على المدينة، وعُرف بشدّته وبراعته في القتال وكان عاملاً مهماً في نصر المسلمين في مختلف المعارك وأبرزها غزوة الخندق ومعركة خيبر، وكان موضع ثقة الرسول محمد فكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائه ووزرائه.
بويع "علي" بالخلافة في عام 35 هجريا بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات في فترة وصفت بعدم الاستقرار السياسي، ولكنها تميزت بتقدم حضاري ملموس، خاصة في عاصمة الخلافة الجديدة الكوفة، حيث وقعت الكثير من المعارك بسبب الفتن التي تعد امتدادا لفتنة مقتل عثمان، ما أدى لتشتت صف المسلمين وانقسامهم لـ"شيعة" علي الخليفة الشرعي.
اشتهر "علي" عند المسلمين بالفصاحة والحكمة، فنسب له الكثير من الأشعار والأقوال المأثورة، وكان رمزاً للشجاعة والقوّة ويتّصف بالعدل والزُهد ويُعتبر من أكبر العلماء في عصره علما وفقها إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق كما يعتقد الشيعة وبعض السنة، وعدد من الفرق الصوفيّة.
كان "علي" موضع ثقة عند الرسول فكان أحد كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي وأحد سفرائه الذين يحملون الرسائل ويدعون القبائل للإسلام، حيث استشاره الرسول في الكثير من الأمور مثلما استشاره في ما يعرف بـ"حادثة الإفك" التي برأ الله فيها السيدة عائشة من الافتراءات التي رُميت بها من المنافقين، كما شهد علي "بيعة الرضوان" وأمره الرسول حينها بتدوين وثيقة "صلح الحديبية" وأشهده عليها.
وتعد فترة ما بعد موت الرسول من أكثر المواضع الخلافية في التاريخ الإسلامي، وخاصة فيما يتعلق بـ"علي بن أبي طالب" وعلاقته بالصحابة، حيث اتخذ الخلاف منحى عقائديا ورفض رجال الدين السنة والشيعة الروايات التي تعارض عقيدتهم، ويؤيدهم في ذلك علماء الجرح والتعديل من ناحية سند الروايات.
توفي "علي" أثناء إمامته للمسلمين في صلاة الفجر بمسجد الكوفة، وأثناء صلاته ضربه عبدالرحمن بن ملجم بسيف مسموم على رأسه، فقال علي جملته الشهيرة: "فزت ورب الكعبة"، ثم حُمل على الأكتاف إلى بيته وقال: "أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي" ونهى عن تكبيله بالأصفاد وتعذيبه، وجيء له بالأطباء الذين عجزوا عن معالجته فلما علم "علي" أنه ميت كتب وصيته كما ورد في "مقاتل الطالبيين"، وظل السم يسري بجسده إلى أن توفي بعدها بثلاثة أيام، وبعد مماته تولى عبدالله بن جعفر والحسن والحسين غسل جثمانه وتجهيزه ودفنه، ثم اقتصوا من ابن ملجم بقتله.