رمضان في العصر الفاطمي: "فانوس وعروسة وحصان"
صورة أرشيفية
كان للأزهر دور مهام في إحياء شهر رمضان في مصر، حيث كان منبرا للشعائر الدينية، فضلا عن كونه جامعة يتلقي طلاب العلم بها من كل مكان لينهلوا من علم شيوخه.
وحينما يقرب هلال الشهر الكريم، كان يعهد القضاة ورجال الخلفاء والوزراء بالطواف بالمساجد والأحياء في جميع الأنحاء لتفقد الإصلاحات والفرش والزينات والمسارج والقناديل والتجديدات والاستعدادات لاستقبال الشهر بأنفسهم، وكان الخليفة الحاكم بأمر الله قد أهدى مسجد عمرو بن العاص "ثريا" من الفضة الخالصة، يقال أنها تزن سبعة قناطير، وكانت تسع أكثر من 700 قنديل توقد في ليالي المواسم والأعياد، ولا سيما في رمضان.
وكانت الدولة الفاطمية تخصص حصة من ميزانية الدولة لشراء البخور الهندي والكافور والمسك والعنبر ليتم توزيعها على المساجد خلال الشهر.
ويعتبر المؤرخون الخليفة الفاطمي العزيز بالله أول من ابتدع موائد الرحمن، فكان هو أول من أقام مائدة للإفطار في شهر رمضان ليفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص، كما كان يخرج من مطبخ القصر في عهده ما قُّدِرَ بـ 1100 قدر مما لذ وطاب من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، وعن سوق الحلاويين فكان من أبهج مظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، حيث فيه – وللمرة الأولى في تاريخ مصر وباقي الدول – يصنع أشكال من الخيول والسباع والعرائس من السُكر. كما كان يُباع فيه "ياميش" رمضان والحلويات التي اشتهر بها رمضان في مصر كالكنافة والقطائف وقمر الدين وجميع أشكال وألوان المكسرات، ويذكر أن الكنافة والقطائف كانت موضع مساجلات بين الشعراء.
أما عن حركة التجارة، فارتبط ازدهارها وبلوغ أوجها في رمضان؛ حيث كانت تقام عددا من الأسواق التجارية منها "سوق الشماعين" و"سوق الحلاويين" و"سوق القماشين" وغيرها. وكانت أهمها سوق الشماعين، التي كانت تقصد لشراء الشموع الموكبية التي تزن الواحدة نحو عشرة أرطال.
واحتفالا برمضان، كانت الأسوق تؤمر بإيقاد الشموع، وتعليق المصابيح في الشوارع والأزقة، وكنس الطرقات، فكان يُجهز لاستقباله كتجهيزات استقبال الملوك والخلفاء.
وكان هناك مهرجان يُنظم خصيصاً لإعلان حلول شهر رمضان، وكان يترأسه الخليفة بنفسه، ويخرج من باب الذهب – وهو أحد أبواب القصر الفاطمي – مرتديا أفخم ملابسه، وحوله الوزراء بملابسهم المزركشة وخيولهم بسروجها المذهبة حاملين الأعلام الحريرية وتتقدمهم الموسيقى ويسير في موكبهم صانعو المعادن والصاغة وكبار التجار.