أساطير مسجد بيبرس: الجن والسراديب وشجرة الجوافة و«كنوز الظاهر»
مسجد الظاهر بيبرس
سراديب تمتد من قليوب إلى مسجد الحسين فى القاهرة، وجن يسكن آباراً مليئة بالكنوز، وشجرة جوافة تُشفى الأمراض.. ما زالت كل هذه الأساطير، التى أحاطت طويلاً بمسجد الظاهر بيبرس، تجد من يُصدّقها فى مدينة قليوب، وما زال بعض الأهالى يحلمون بدخول السراديب المظلمة، والآبار المسكونة على أمل الفوز بـ«كنوز الظاهر».
بعد مرور ما يقرب من 739 عاماً على وفاة الملك الظاهر بيبرس البندقدارى، الذى حفظ المصريون قصص انتصاراته من السيرة الشعبية الشهيرة «الظاهر بيبرس»، لا يزال مسجد الملك فى قليوب صامداً فى وجه الزمن، وواجه كل المحاولات السلفية للسيطرة عليه، أو هدم الضريح الملحق به، وهى محاولات تصدّى لها الأهالى بقوة.
يُعد مسجد الظاهر بيبرس واحداً من أشهر المساجد الأثرية على مستوى الجمهورية، بوصفه شاهداً على واحدة من أهم الحقب التاريخية المهمة فى مصر، التى تصدّت فيها مصر لحملات الصليبيين القادمة من الشمال، والتتار القادمة من الشرق، فالمسجد بناه بيبرس تخليداً لذكراه عندما كان حاكماً لولاية قليوب، قبل أن يتولى حكم البلاد بعد هزيمة التتار، ومقتل الملك المظفر قطز.
وفور تولى «بيبرس» الحكم، أمر بتجديد المسجد وتوسعته، ويتكون من 4 واجهات، الغربية منها هى ساحة مكشوفة، بينما الشمالية هى الواجهة الرئيسية، ويتوسطها المدخل الرئيسى، فيما تعلو الواجهة الشرقية مئذنة، وفتح فيها شبابيك من الخشب الخرط، وشرفات مسنّنة، كما يوجد لها المدخل الرئيسى.
وقال أحمد سالم، ابن مدينة قليوب، وأحد المهتمين بتراث المدينة، إن المسجد تعرّض للكثير من محاولات السلفيين للسيطرة عليه، وهدم الضريح الملحق به، وهو ما تصدى له الأهالى والعالم الأزهرى الدكتور جلال البشار، الذى كان قائماً على إدارة المسجد وقتها، ونجح فى أن يبقيه بعيداً عن الصراعات المذهبية والسياسية. وأضاف أن «وزارة الآثار كتبت تاريخاً جديداً للمسجد فى أبريل الماضى، عندما افتتحه كل من وزير الآثار الدكتور خالد العنانى، ومحافظ القليوبية اللواء رضا فرحات، فور الانتهاء من ترميمه، وهى الأعمال التى استلزمت إغلاقه 5 سنوات، بعدما عانى الإهمال، فعاد منارة إسلامية كسابق عهده». وأشار إلى أن الكثير من الأساطير أحاطت بالمسجد، وما زالت تتردّد حتى الآن، حيث يعتقد الأهالى أن المسجد كان يضم شجرة جوافة عتيقة، حلوة المذاق، وتساعد أوراقها على الشفاء من الربو والكحة، بالإضافة إلى الاعتقاد بوجود سراديب عميقة أسفل صحن المسجد وملحقاته، وأنها تتفرّع وتمتد بلا نهاية فى أكثر من اتجاه، موضحاً أن «بعض الروايات تشير إلى أن هذه السراديب تصل إلى مسجد سيدنا الحسين فى القاهرة».
ويعتقد بعض الأهالى فى وجود آبار عميقة مليئة بالآثار ومسكونة بالجن، فضلاً عن وجود ساقية بجوار مكان الوضوء، وغرفة تسليح خاصة بجيش «بيبرس»، ويؤكد «سالم» أنها «أساطير»، ولا دليل على وجودها حتى الآن، مضيفاً أن «الأثر لا يتجاوز كونه مسجداً مبنياً على الطراز المملوكى، وقامت على رعاية المسجد لفترات طويلة، عائلة الشواربية، أقدم عائلات قليوب، كما تبرّعت عائلة مسيحية بجزء من منزل مملوك لها، لاستخدامه فى توسيع المسجد».
من جهته، قال محافظ القليوبية، اللواء رضا فرحات، إن «المحافظة ووزارة الآثار نجحتا فى إنهاء مشروع تطوير المسجد، بعدما توقف طوال 5 سنوات كاملة، فتم افتتاح المسجد مؤخراً، باعتباره منارة أثرية تؤرّخ لحقبة مهمة فى التاريخ المصرى»، مشيراً إلى أن المسجد يقع على مساحة 1600 متر مربع، وبلغت تكلفة تجديده 3.5 مليون جنيه، تحملتها وزارة الآثار.