30 ألف عامل مهددون بالتشرد بعد نقل «غلال الساحل» للعبور
صورة أرشيفية
«الوطن» تستمع إلى شكاوى الأهالى وأصحاب المحلات
قبل ما يزيد على 120 عاماً أنشئت سوق الغلال فى منطقة الساحل بروض الفرج، على شاطئ نهر النيل، وبعد ثورة يوليو 1952 قررت الدولة تطوير طريق الكورنيش، فصدر قرار جمهورى بنقلها لأعلى منطقة الساحل، وخلال السنوات الماضية سعت الدولة لنقل السوق إلى أطراف مدينة القاهرة، وبالتحديد إلى منطقة العبور، وقوبلت هذه الفكرة بالرفض من أصحاب المحلات بالسوق، حيث إن هذه المحلات ملكية خاصة لهم، وهناك أكثر من 30 ألف عامل سيتشردون بمجرد النقل، ليس هذا فحسب بل سيصل الأمر إلى ارتفاع أسعار السلع البقولية، وعلى رأسها الفول، لأن السوق تعتبر المورد الرئيسى لتلك السلع فى القاهرة الكبرى، ما سيؤثر مباشرة على الفقراء ومحدودى الدخل.
يقول طلعت عزت، أحد مالكى المحلات فى سوق الساحل: «السوق أنشئت عام 1880 وكانت هناك مجموعة من محلات الغلال موجودة على شط النيل لتكون قريبة من المراكب التى كانت تحمل الغلال ليتم تخزينها وبيعها بتلك المحلات، وفى عام 1954 قررت الدولة تطوير وتحديث طريق الكورنيش، فصدر قرار جمهورى بنقل السوق إلى الساحل، وأصبح فى هذه المنطقة أكثر من 250 محلاً ملكية خاصة وعقود إيجار طبقاً لقانون الإيجار، وطوال الوقت الحى يرسل لنا خطابات مستمرة تفيد أن هناك نية لنقل السوق، وتم إنشاء سوق أخرى فى العبور بديلة لسوق الساحل، ويطالب الحى التجار بأنه يجب عليهم الانتقال للعبور لحجز محلات لهم فى السوق الجديدة».
«طلعت»: 5 رجال أعمال وراء نقل السوق.. و«أنور»: الحكومة عايزة تستفيد من 30 ألف متر على الكورنيش وتبيعها للمستثمرين
وتابع: «عام 2001 قرر محافظ القاهرة، الدكتور عبدالرحيم شحاتة، نقل السوق، فطالبنا بمقابلته، وبمجرد أن عرف أن السوق بها ما يزيد على 200 محل ملكية خاصة تفهم الموقف وتراجع تماماً عن فكرة نقل السوق لمكان آخر، وفى 2008 جاء محافظ القاهرة عبدالعظيم وزير وأراد نقل السوق، لكنه تراجع عن القرار بسبب أن هذه السوق ملكية خاصة، ولا تضر البلد فى شىء».
ويضيف: «ما يحدث حالياً هى عشوائية فى اتخاذ القرارات، لأن نقل السوق من منطقة الساحل سيرفع أسعار البقوليات وعلى رأسها الفول بنسبة كبيرة جداً، لأن السوق توفر احتياجات 60% من سكان القاهرة الكبرى، إضافة إلى عمل حوالى 30 ألف عامل وصاحب محل وسواق وشيال وشباب متخرجين من الجامعات بيشتغلوا فيه، والناس دى كلها هتتشرد ومش هتلاقى شغل».
ويتابع: «سوق الساحل للغلال مش هو الوحيد الموجود فى القاهرة، هناك أسواق أخرى فى الجيزة والعتبة ومصر القديمة وبعض التجار المنتشرين فى مناطق متفرقة من العاصمة، لكن سوق الساحل أكبر سوق، ولو تم نقله للعبور فمن المستحيل هنلاقى زبون يجيلنا هناك، كمان هيكون هناك ضغط على الأسواق الأخرى وهذا سيتسبب فى ارتفاع أسعار السلع البقولية كلها».
ويتابع «عزت»: «منطقة الساحل أكبر منطقة على مستوى الجمهورية كان فيها نسبة تصويت على الدستور وانتخابات الرئيس السيسى ومجلس النواب، وقسم الساحل لم يشهد واقعة جنائية أو إرهابية خلال الـ5 سنوات الماضية، بسبب إن هناك استقراراً فى المنطقة ولا بد الدولة تراعى هذا الاستقرار، وإذا تم قرار نقل السوق من هذه المنطقة ستتحول لوكر للبلطجية والخارجين عن القانون لأن البطالة ستزيد».
«رجب»: «من 50 سنة بشتغل فى الساحل.. ولو سوق الغلال اتقفل هجوع أنا وولادى»
ويؤكد «طلعت»: «نعرف من وراء نقل السوق من الساحل، فيه مجموعة تجار أصبحوا رجال أعمال حالياً عددهم لا يزيد عن 5 اشتروا أراضى فى العبور، وبنوا محلات، وعايزين السوق يتنقل علشان يبيعوا المحلات بأسعار غالية، وده طبعاً عمره ما هيحصل أبداً، ونستغيث بالرئيس السيسى لمنع نقل السوق».
ويقول دسوقى محمد، صاحب محل: «معظم سكان المنطقة عندهم محلات تحت البيت، والمحلات دى ملكية خاصة، الدولة ملهاش أى علاقة بيها وبندفع الضرايب والتأمينات وعندنا سجل تجارى وبطاقة ضريبية لكل المحلات».
ويقول عماد السقا، صاحب محل: «السوق أنشئ بقرار جمهورى سنة 1954، يعنى سوق رسمى ومعترف به من الدولة، والأهم أنه ملكية خاصة لأصحابه، ولا يمكن نقله من هنا لأى مكان آخر، نقلنا من المكان ده هيكون سبب فى موتنا». ويتابع: «المفروض إننا فى دولة قانون وبيحكمنا القانون، ومفيش قانون فى العالم يقدر ينزع ملكية أى شخص، لأن المحلات ملكنا، الحى كل فترة يهددنا بنقل السوق ويقول هنبعت لكم الأمن المركزى يفضى السوق، وبقالنا 17 سنة تقريباً كل فترة يبعتولنا التهديدات دى».
ويتابع: «السوق هنا من عشرات السنين منذ أنشئ فى الخمسينات قديماً على النيل مباشرة، حيث كانت المراكب تأتى عبر النيل محملة بالغلال من شتى أنحاء الجمهورية وخارجها، وعندما تم افتتاح كورنيش النيل نقلت الحكومة التجار لمنطقة الساحل حتى يكونوا قرب النيل حيث مراسى المراكب، وده طبعاً كان بقرار جمهورى».
«دسوقى»: أسعار الفول والعدس و20 سلعة أخرى سترتفع للضعف إذا انتقلنا للعبور
ويقول أنور حنفى، صاحب محل: «أكثر من 2000 أسرة ستتضرر من نقل السوق لأن حياتها ترتبط باستمرارها، فالسوق تضم أكثر من 200 محل تجارى وشون غلال منها 80% من المحلات دى أملاك خاصة والباقى محلات وشون أملاك دولة، وفى كل منها يوجد على الأقل 3 شركاء إضافة لأعداد العاملين بهذه المحال فكل محل يعمل به ١٠ عمال على الأقل».
وأضاف: «الحكومة عايزة تنقل السوق علشان تستفيد هنا من ٣٠ ألف متر مربع على الكورنيش مباشرة، هى مساحة السوق لبيعها فيما بعد للمستثمرين بمليارات الجنيهات، لأن سعر المتر على الكورنيش غالى جداً».
الحاج محمد عبدالباسط، أحد التجار بالسوق، وصف القرار بأنه «موت للناس وليس انتقالاً»، وقال: «سوق الغلال مثل المخابز لا بد أن تكون وسط الناس وليس بعيداً عنهم، وإحنا نتاجر فى أكثر من ٢٥ نوعاً من أنواع الغلال، ٨٠% منها مصدر غذاء الطبقة الفقيرة وهى الفول بأنواعه والعدس بأنواعه والفاصوليا واللوبيا وغيرها من الحبوب الغذائية، وما ستفعله الحكومة معنا بإجبارنا على الانتقال من السوق، سيجبر المستهلك أن يأتى إلينا ليشترى هذه السلع، واحتمال كبير جداً منلاقيش حد ييجى يشترى أساساً، لأن مفيش مواطن هييجى العبور يشترى مننا شكارة فول أو عدس، مين اللى هيتحمل تكاليف المواصلات دى».
الحاج سيد رجب، سائق سيارة نقل فى منطقة سوق الغلال، قال: «بقالى أكتر من 50 سنة بشتغل فى السوق وأولادى بيشتغلوا معايا، ولو السوق اتنقل من هنا كل بيوت الناس هتخرب، السوق ده فاتح بيوت ناس كتير، فيه شوية رجال أعمال عايزين السوق يتنقل علشان يستفيدوا بالأرض الموجودة على الكورنيش، يعنى كدا عايزين يحتلوا بيوتنا وأرضنا ويقطعوا رزقنا من المكان ده».
وبصوت مرتفع ويد ترتعش يقول سيد الخضرى: «المفروض الدولة تحارب ارتفاع الأسعار وتوفر فرص عمل للشباب وكمان تحارب البطالة والإرهاب، لو السوق ده اتنقل من هنا أسعار السلع الأساسية كلها هترتفع والمتضرر من نقل السوق ده مش التجار الموجودين فى الساحل فقط، لكن المواطن العادى اللى بيشترى سندوتش الفول بجنيه هيشتريه بـ2 جنيه، الفلاح البسيط الذى يسوق محصوله فى الساحل لن يجد مكاناً لتسويق محصوله، الشباب اللى بتشتغل بقى فى السوق والتجار والسواقين وغيرهم مش هيلاقوا شغل والبطالة هتزيد».
وتابع: «لا يمكن نقل السوق من مكانه، سوق الغلال فى الساحل لم يتسبب فى أى مشاكل للدولة، بمعنى إننا مبنعطلش المرور، ولا بنضر البيئة ولا عاملين زحمة فى الشارع، ولا أى مشاكل، يبقى ليه الدولة عايزة تنقل السوق من مكانه؟».