«اقتصاديون»: الدولة تتعامل مع الطبقة الوسطى باعتبارها «منبع ضرائبها»
يمنى
أكد اقتصاديون أن المنظومة الضريبية المطبقة حالياً لا تحقق العدالة التى تزعم الحكومة التأكيد على تحقيقها فى أكثر من مناسبة، وقالوا إنها تخدم الأغنياء دون غيرهم من باقى فئات المجتمع، لا سيما الطبقة المتوسطى، مؤكدين أن الدولة تنظر لمواطنى هذ الطبقة، وعلى رأسهم الموظفون، باعتبارهم «منبع» الضرائب، ورسوم تغذية الخزانة العامة للدولة.
«عيسى»: المنظومة الضريبية لا تحقق العدالة.. و«عبده»: الموظفون يدفعون ضرائبهم قبل تلقى رواتبهم.. و«فاروق»: ضريبة الأغنياء فى حكم الملغاة
وقال رضا عيسى، الخبير الاقتصادى، إن المنظومة الضريبة المطبقة حالياً تمثل عبئاً على المواطنين، وأن 65% من إجمالى الحصيلة الضريبية يتحملها الموظفون وغيرهم من الطبقة المتوسطة. وأكد «عيسى» أن أصحاب رأس المال الخاص لا يتحملون نصيباً يذكر من تمويل الأعباء الضريبية فى مصر، وأن بيانات الموازنات العامة تشير إلى أن الضرائب على أرباح شركات الأموال مثلت نحو 24% فقط من إجمالى إيرادات الدولة الضريبية بين 2008 و2012، ونحو 47% من إجمالى حصيلة الضرائب المباشرة للفترة ذاتها. وأوضح «عيسى» أن هيئتى «البترول» و«قناة السويس» أسهمتا بنحو 70% من الضرائب على الشركات، بالرغم من أنهما هيئتان عامتان مملوكتان للدولة ولعموم الشعب المصرى، ما يعنى أن الدولة تدفع ضرائب لنفسها، تحت مسمى «ضرائب الشركات». ولفت «عيسى» إلى أن الدولة تتجه إلى الضرائب غير المباشرة، التى يتحملها متوسطو ومحدودو الدخل، كالضريبة المضافة، والضرائب على السجائر، لتمويل موازنتها دون الإضرار بالاقتصاد المصرى، فى حين «رضخت» لضغوط المستثمرين، وأجلت ضريبة البورصة، مضيفاً أن الحكومة لا تلقى بالاً إلى الضرائب غير المباشرة، وهى ضرائب استهلاكية تتحملها القاعدة الواسعة من المواطنين، خاصة الطبقة المتوسطة، ولا يكون فرضها على القدرة على الدفع بل على الاستهلاك، وبالتالى فهى أدوات ضريبية لا تحقق العدالة الاجتماعية من قريب أو بعيد، بقدر ما تحقق للدولة حصيلة إيرادات عالية. ووصف «الخبير الاقتصادى» توقعات وزارة المالية بشأن الحصيلة الضريبية للعام المالى 2015 - 2016، التى اعتمدتها بزيادة تقدر بقيمة 105 مليارات جنيه، عن العام المالى الماضى، بـ«التوقعات غير الواقعية»، وقال إنها لا تمت للواقع بصلة، فى ظل الأوضاع الاقتصادية التى تشهدها البلاد فى الوقت الراهن، متسائلاً: «من أين ستأتى وزارة المالية بهذه الحصيلة بعد أن أجلت ضريبة الـ10% على الأرباح الرأسمالية للبورصة، وخفضت الضرائب على الشركات إلى 22.5% فقط، بعد أن كان يتوقع وصولها إلى 25%، وفرضت ضريبة 5% على الأغنياء، قبل أن تُلغيها؟ فهل ستعتمد على ضريبة القيمة المضافة، المستهدف تطبيقها بدلاً من ضريبة المبيعات؟ ما يعنى أن الفقراء ومحدودى الدخل هم من سيتحملون تبعات تدبير تلك الحصيلة»، متوقعاً ارتفاع الأسعار فور تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وطالب على لطفى، رئيس وزراء مصر الأسبق، بإجراء إصلاحات جذرية على المنظومة الضريبية، التى تتبعها الحكومة فى الوقت الحالى، بما لا يزيد من العبء على الطبقة المتوسطة، مشيراً إلى أن الاستمرار فى هذه السياسة يُمهد مناخاً خصباً للتهرب الضريبى، الذى يضيع على مصر أكثر من 7 مليارات دولار سنوياً، خاصة مع تجاوز المتأخرات الضريبية نحو 82 مليار جنيه، معظمها على الشركات الكبرى، فى حين تطالب المواطنين بسداد مئات الجنيهات قد تشكل عبئاً عليهم. وأكد رئيس وزراء مصر الأسبق أن الطبقة الفقيرة والمتوسطة هم الأولى بالحصول على حوافز ضريبية لتخفيف العبء عنهم، منتقداً ما سمّاه «الرضوخ الحكومى» للمستثمرين ورجال الأعمال فيما يتعلق بإقرار ضريبتى القيمة المضافة، على أصحاب الدخول المرتفعة، بالإضافة إلى ضريبة الأرباح الرأسمالية على الأغنياء والبورصة، بالرغم من أن الحصيلة من هاتين الضريبتين لا تتجاوز 7 مليارات جنيه، فى حين يتحمل الموظفون وغيرهم من الطبقة المتوسطة ومحدودى الدخل الجزء الأكبر من العبء الضريبى، مطالباً بتعديل المنظومة الضريبية، بما يجذب الاقتصاد غير الرسمى، ويجعل المواطن يقبل بالضريبة دون تذمر. من جهته، قال الدكتور عبدالخالق فاروق، رئيس مركز النيل للدراسات الاقتصادية، إن الاقتصاد المصرى لا يزال فى عنق الزجاجة، على حد قوله. وتابع «فاروق»: وزير المالية أشار فى بيانه المالى إلى اعتماده على الإصلاحات الضريبية التى قام بها، وهذا غير منطقى، فجميع الإصلاحات الضريبية التى تحدث عنها من ضريبة الـ5% -ضريبة الأغنياء- وضريبة 10% على الأرباح الرأسمالية للبورصة، باتت فى حكم الملغى، ولم يتبق غير ضريبة القيمة المضافة، وهناك تخوفات من تسببها فى زيادة الأسعار، وهذا هو سبب ترددهم فى الإعلان عن موعد تطبيقها حتى الآن. وقال «فاروق» إن الطبقة المتوسطة هى الأكثر قدرة على حفظ التوازن فى المجتمع، ويقدر تعدادهم بنحو 12 مليون مواطن، ويمتلكون 3 ملايين سيارة.
من جانبها، أكدت الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن الطبقة المتوسطة هى أكثر طبقة متضررة من ارتفاع الأسعار، نظراً لالتزاماتها، وقالت إنه من الصعب اختفاء تلك الطبقة من المجتمع، ولكنها من الممكن أن تتدنى وتتراجع إلى مستوى الفقر، مؤكدة أن وجودها مهم لإحداث توازن بين الفقراء والأغنياء.