خبراء المال: الاستفتاء بداية لتحلل «الأوروبى» وانهيار اليورو.. وتأثيره على مصر ضعيف
انهيار البورصات العالمية عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «أ.ف.ب»
دعا خبراء أسواق المال ورجال أعمال إلى الاستفادة من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، خاصة بعد الهزة الكبيرة التى أحدثتها نتائج الاستفتاء، مؤكدين أن التأثير المباشر على مصر سيكون ضعيفاً فى الوقت الراهن باستثناء أسواق المال. قال سامح الترجمان، الرئيس السابق للبورصة المصرية، إن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيكون على المدى البعيد فيما يخص شهادات الإيداع والارتباط المباشر لبورصة مصر بأسواق المال العالمية، إلا أنه قلل من فرص تأثر سوق مصر بما يحدث خارجياً على المدى القصير، لافتاً إلى أن ما يحدث فى الأسواق الخارجية فرصة متميزة لبدء الترويج للثقة فى بورصة مصر التى تعانى من نقص حاد فى السيولة منذ سنوات.
ودعا «الترجمان» القائمين على إدارة السوق فى مصر لاستغلال ما يحدث، لأنه بدون ثقة مصر لن تمتلك شيئاً، حسب وصفه.
«الترجمان»: على إدارة السوق المصرية استغلال الحدث.. «عادل»: لا بد من مراجعة بنود الصادرات المصرية لأسواق أوروبا
وقال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن السيناريو الأفضل الآن هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وأن تتمكن بريطانيا فى أفضل الأحوال من الفوز بوضع مشابه لسويسرا واتفاقية تجارة مع شركائها السابقين فى الاتحاد الأوروبى.
توقع «عادل» أن تعقد بريطانيا اتفاقاً تجارياً مع الاتحاد الأوروبى مباشرةً، مع الحفاظ على الاتفاقيات التجارية مع باقى العالم، مشيراً إلى أن ذلك سيؤدى إلى انخفاضٍ فى الاستثمارات، وتقلّص الناتج الإجمالى المحلّى 3% مع حلول عام 2020، وأوضح أنه فى حال لم توقع بريطانيا اتفاقية تجارية مباشرة مع الاتحاد، فإنها تصبح مُرغمة الالتزام بقوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما سيعيد الحواجز الجمركية، لكن ذلك سيُكبد بريطانيا العديد من الخسائر الاقتصادية.
وأكد أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى لن يقف عند حدود أوروبا، ولكنه سيصل بلا أدنى شك إلى دول عديدة بالعالم من بينها مصر، والتى تتمتع بشراكات تجارية مع الاتحاد الأوروبى، ولكن حتى الآن، فإن هذا التأثير غير محسوبة عواقبه على الاقتصاد المصرى، فهناك تساؤلات حول موقف صادرات الدول المختلفة -ومنها مصر- للاتحاد الأوروبى، ومدى التزام بريطانيا بالاتفاقيات الدولية المبرمة فى إطار الاتحاد الأوروبى ومن أهم اتفاقية الشراكة الأوروبية، وهل سيتم الخروج من لحظة الاستفتاء، أم يؤجل لفترة بعدها.
وتابع نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أن هناك ضرورة لمراجعة بنود الصادرات المصرية للأسواق الأوروبية، وقياس مدى إمكانية إحلالها أرخص نتيجة قرار الانفصال أو وجود فرص أكبر لتصدير سلع وخدمات مصرية مقابل سلع وخدمات إنجليزية كانت تحصل على ميزة تفضيلية نتيجة وجود بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى مع ضرورة مراقبة أداء البورصة المصرية والتعاملات فيها بصورة دقيقة خلال الفترة الحالية، خاصة أن هناك أسهماً مصرية مدرجة ببورصة لندن وإعداد بدائل سريعة للتعامل مع أى اضطرابات محتملة قد تحدث فى حالة صدور القرار البريطانى بالانفصال لتحجيم أثرها على البورصة المصرية.
وأشار إلى أن قرار الانفصال قد يؤدى إلى خروج استثمارات من بريطانيا للبحث عن ملاذات آمنة، ومن ضمنها استثمارات خليجية قد يكون متاحاً لمصر فى حالة إعداد خطة عاجلة أن تجتذب جانباً منها منوهاً بأن اتساع الفجوة التضخمية بين مصر وشركائها التجاريين الرئيسيين بالاتحاد الأوروبى، من شأنه أن يؤدى إلى مزيد من ارتفاع سعر الصرف الفعلى الحقيقى، وبالتالى استمرار إيذاء الصادرات السلعية لهذا فإنه يجب الإسراع فى الإجراءات الاقتصادية على فترة زمنية مناسبة للتحسين من بيئة الاستثمار ككل بشكل ملحوظ. وأكد أنه وفقاً لتقارير دولية، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد سيحرمها من الحقّ فى اتخاذ قرارات مهمة فى الشأن التجارى، وستكون أقلّ جاذبية لاستقطاب الاستثمار الخارجى ولن يؤخذ برأيها فى قرارات السوق الأوروبية المفتوحة للخدمات الإلكترونية والمالية والتجارية وغيرها. والخروج من الاتحاد سيزعزع الاستقرار فى أوروبا التى تظل بريطانيا سوقها الأساسية، لكن المصوتين لصالح الانعزال يجدون أن فى إمكانهم التباحث مباشرة فى معاملاتهم التجارية مع الجهات المعنية من دون اللجوء إلى المركزية الأوروبية ويعتقدون أن الشركات البريطانية ستتحرر من عبء أحكام السوق الأوروبية، فيما رجح هانى توفيق، الرئيس الأسبق للجمعية المصرية للاستثمار المباشر، أن يكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى بداية لانحلاله وانهيار اليورو، مؤكداً أن الاستقالة المحترمة لرئيس وزراء بريطانيا «ديفيد كاميرون» وانخفاض كافة بورصات أوروبا والجنيه الإسترلينى واليورو ١٠٪ تقريباً، ومعظم بورصات العالم نتيجة انسحاب إنجلترا من الاتحاد الأوروبى، هو مقدمة لانحلال الاتحاد الأوروبى واليورو. وأضاف أن السبب فيما حدث من جانب بريطانيا هو وجود سياسة نقدية مركزية وموحدة، بينما هناك ٢٨ سياسة مالية متروكة فى أيدى بلاد تختلف فيما بينها جزرياً، ولا يجمع بينها أى تشابه سياسات مالية وضرائب وقوانين عمالة ومعاشات وتأمين صحى، وسيؤدى فى النهاية حتماً إلى رجوع كل دولة إلى عملتها الأصلية، والتى ستتحرك صعوداً وهبوطاً طبقاً لظروفها الخاصة. وبالنسبة لتأثير ذلك على مصر، فقال «توفيق»: إن هذه حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل على المدى القصير سيستفيد المستوردون من دول أوروبا ويتضرر المصدرون إليها والقطاع السياحى لارتفاع الجنيه المصرى أمام العملة الموحدة، وكذا للمزيد من التباطؤ فى الاقتصاد الأوروبى.
وقال هانى برزى، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن هناك حالة من القلق فى أوساط المصدرين للسوق الأوروبية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، خاصة أن السوق البريطانية تعد إحدى أهم الأسواق لصادرات السلع المصرية. وأضاف: الخروج من الاتحاد الأوروبى سيكون له تأثيره المقلق للاقتصاد المصرى، موضحاً أن المخاوف لا تتوقف عند بريطانيا، لكنها تمتد لتشمل إمكانية تفكك الاتحاد الأوروبى وانفراط عقد أوروبا الموحدة.
وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة، فإن السوق البريطانية تأتى ضمن أهم الأسواق للصادرات المصرية، حيث تتجاوز قيمة الصادرات المصرية حاجز الـ6 مليارات جنيه وفقاً لأحد الإحصاءات، وتأتى صادرات السلع الهندسية والكيماويات ومواد البناء والسلع الغذائية على رأس السلع المصرية المصدرة إلى بريطانيا.