أزمة فى جامعة القاهرة: أستاذة «علوم سياسية» تكشف إجبارها على تخفيض تقديرات الطلاب.. و«نصار»: أحلت الأمر للتحقيق
كلية اقتصاد وعلوم سياسية التى تشهد أزمة «التقديرات»
أثارت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، حالة من الاستياء بين أعضاء هيئة التدريس بالكلية بسبب ما نشرته على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» أمس الأول، وقالت فيه إنها «تم إجبارها من قبَل إدارة الكلية على تخفيض نسبة التقديرات التى حصل عليها الطلاب لتتماشى مع إرشادات الجامعة».
نورهان الشيخ لـ«الوطن»: لم أتوقع أن يتضخم الموضوع بهذا الشكل.. ونشرته على «فيس بوك» لكى «يستريح ضميرى»
وذكرت «الشيخ»، حسب مستند موقّع من وكيلة الكلية لشئون الدراسات العليا حصلت «الوطن» على نسخة منه، أنه بموجب هذه «الإرشادات» فإن نسبة «الامتياز» لا تتعدى الـ10%، فيما أكد عدد من أساتذة الكلية، رداً على ذلك، أن هناك «منحنى طبيعياً» فى تقدير الدرجات، وأن هذا المنحنى لا يتضمن أى نسبة رسوب لأن حدوث مثل هذا الأمر يُعد «مخالفة قانونية». وقالت «الشيخ» لـ«الوطن» إنها «تعجبت من رد الفعل بعد كتابتها على صفحتها الشخصية فى موقع فيس بوك، وخاصة رفض الكنترول تسلم نتيجة الامتحان إلا بعد تعديل نسب التقديرات»، مشيرة إلى أنها لم تتوقع أن يتضخم الأمر بهذا الشكل، ولم تكن تقصد إثارة البلبلة، ولكن «الموضوع كان موجهاً للطلاب بشكل خاص وليس للأساتذة، ليكونوا على علم بما حدث، وضميرى يكون مستريح».
وأضافت «الشيخ» أنه «دائماً ما كانت توجد ورقة استرشادية لتوزيع النتيجة منذ سنوات، توزع على كل الأساتذة بالكلية، وفقاً لما يسمى بمتطلبات الجودة، وتوزيعها يكون 20% مقبول و40% جيد و20% جيد جداً و10% امتياز، ومفهوم ضمناً أن هناك 10% نسبة رسوب، غير أننا لم نكن نلتزم بهذه الورقة الاسترشادية خلال السنوات الماضية».
وأوضحت أستاذ العلوم السياسية: «فوجئت أمس برفض الكنترول تسلم النتيجة بدعوى أن النسبة غير مطابقة، ولأن نسبة (امتياز) وصلت 28%، وأيضاً نسبة (جيد جداً) كانت عالية، وحاولت التفاهم معهم، فطلبوا منى الذهاب إلى رئيسة القسم التى أخبرتنى أنه (ما باليد حيلة وأنا زيى زيك) أى أنه ليس من سلطتها عمل أى شىء وأنها ليست الحالة الأولى، فقد سبق وجاءت النسب متفاوتة مع الدكتور محمد سالمان والدكتور أحمد يوسف».
وأشارت إلى أنه «كان لا بد أن تعدل النتيجة بالشكل الذى يتفق مع النسب المرسلة حسب تعليمات الجامعة فى كل المواد، وهذه التعليمات كانت موجودة فى التيرم الأول لكنهم لم يشددوا عليها، علماً أن الـ 28% من الطلاب فعلاً يستحقون الامتياز فكيف نقلل درجاتهم؟»، منوهة إلى أنه «بناء على ذلك أخبرتهم بأننى سأخفض درجات كل الطلاب حتى تكون هناك مساواة، ورفضت تخفيض درجات الطلاب الحاصلين على (امتياز) فقط، بل خفضت درجات كل الطلبة»..
وأكدت أن الأمر أثار استياءها لأنه تدخل شديد فى عمل أعضاء هيئة التدريس، و«بالنسبة للطلاب لماذا أمنح الطالب (جيد جداً) وهو يستحق (امتياز) فهل هذا عدل؟»، مشيرة: «طلبت نتيجة الشعبتين الفرنسية والإنجليزية، لكنهم رفضوا مبررين ذلك بأن الأعداد قليلة فى الشعبتين وأن الأمر سيطبق على الشعبة العربى فقط، فشعرت بالضيق بسبب هذا الموقف الغريب، فلماذا التدخل بهذا الشكل؟ ليس لدىّ تفسير لفكرة تقليل التقديرات، مع العلم أن الكلية أكدت أن ذلك بناء على تعليمات من الجامعة لأنها من متطلبات الجودة».
ونوهت بإنها لم تلتزم بنسبة الرسوب الـ10% فى المادة التى تدرسها وهى (آسيا فى السياسة الدولية): «ولا داعى لاستفزاز الناس، لا الطلاب ناقصين ولا الأساتذة أيضاً، خاصة أن طلاب الشعَب العربى يعانون لأسباب كثيرة، وردود أفعال الطلاب كانت تعبر عن الانزعاج الشديد، وبعضهم كان له تعليق مفاده أن هذه أول مرة يتم مصارحتهم بهذه النسبة».
من جانبه، قال الدكتور جابر نصار، رئيس الجامعة، إنه أمر بإحالة الموضوع إلى التحقيق من خلال الشئون القانونية لمعرفة ملابسات القضية.
وأضاف «نصار» لـ«الوطن» أنه «من الناحية القانونية فإن ما تروجه الدكتورة (الشيخ) على مواقع التواصل الاجتماعى غير صحيح بالمرة، وإذا كان قد حدث شىء من هذا القبيل معها فلماذا لم تلجأ إلى إدارة الجامعة حسب الأعراف الجامعية»، مؤكداً أنه «إذا ثبت صحة ما تدعيه الدكتورة فإن الجامعة ستحاسب المسئول عن ذلك فوراً. أما إذا ثبت عدم صحته فستحاسب هى لترويجها معلومات غير صحيحة تضر بسمعة الجامعة العلمية، وإنا لمنتظرون ولكل حادث حديث، والجامعة تتعامل بحسم مع هذه القضية وهى تقدر قيم المحاسبة».
من جهة أخرى قالت الدكتورة أمانى مسعود، الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن «ما حدث كان بناء على معايير وضعتها إدارة الجامعة، فقد طُلب من أساتذة الجامعة مراعاة ما يسمى (منحنى النجاح)، الذى يتم من خلاله وضع نسب تقديرات معينة فى المواد من مقبول حتى امتياز»، موضحة أن «الأخذ بمنحنى النجاح هو أمر طبيعى يؤخذ به من قبَل أساتذة المادة، لكن أن يُطلب من الأستاذ نسبة رسوب، فهذا هو الأمر غير الطبيعى على الإطلاق»، حسب تعبيرها.
وشددت «مسعود» على أنها «لم تسمع من قبل عن وضع نسبة لرسوب الطلاب، وأن هذا أمر مبالغ فيه ولا يمكن حدوثه أبداً، وهذه التعليمات كانت موجودة فى السنوات السابقة، ولكن لم يتم تطبيقها سوى فى هذا العام، وهناك بعض الكنترولات رفضت تسلم الأوراق بعد تصحيحها من أستاذ المادة حتى يتم تطبيق هذا المنحنى».
فيما قال أحد أساتذة الكلية، رفض ذكر اسمه، إنه «على مدار 7 سنوات فى الكنترول لم ير مثل هذا على الإطلاق، فهناك بعض المواد التى تصل نسبة النجاح فيها إلى 70% بتقدير امتياز، ولكن الكلية تتدخل فى حالة واحدة، وهى أن تكون نسبة الرسوب عالية، فيتم وضع درجات لرفع تقديرات الطلاب وتوزيعها بصورة طبيعية عليهم، ولكن لم يحدث أن تم فرض توصيات على أحد الأساتذة بوضع نسب معينة فى المواد، وحتى إذا حدث ذلك فإن له كل الحق فى الرفض، ولا يستطيع الكنترول رفض تسلم الأوراق منه». فيما قال الدكتور أحمد يوسف، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية: «هناك منحنى طبيعى لتوزيع الدرجات يجب أن يتم تطبيقه»، موضحاً أنه «لم يحدث أن وُضعت لطالب درجة رسوب بتطبيق هذه القواعد، ففى بعض الأحيان تكون النتائج سيئة، ويتم التدخل من قبَل لجنة الامتحانات حتى يجرى تحسين النتيجة النهائية»..