قاعدة أنجرليك تفتح الباب لتوتر جديد بين أنقرة وواشنطن بعد الانقلاب
صورة أرشيفية
رأى خبراء أن تركيا قد تلجأ إلى استخدام قاعدة أنجريك الاستراتيجية التي يتم فيها تنسيق الغارات الجوية ضد تنظيم "داعش" كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة على خلفية التوتر المستجد بين الطرفين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
استخدمت الولايات المتحدة منذ عام 2015 قاعدة أنجريك في جنوب محافظة أضنة كمنصة لانطلاق مقاتلاتها التي تشن غارات جوية ضد تنظيم "داعش" في سوريا.
وقبل حصولها على إذن من تركيا لاستخدام قاعدة أنجريك لشن ضربات جوية إثر مفاوضات صعبة، كانت المقاتلات الأمريكية تستخدم قواعد بعيدة في الأردن والكويت.
لكن الانقلاب الفاشل الذي نفذ الجمعة وحمل الرئيس التركي رجب طيب أروغان المسؤولية عنه إلى الداعية الإسلامي فتح الله كولن الذي يعيش في منفاه في الولايات المتحدة، أجج مشاعر العداء لواشنطن في أنقرة.
وما يثير غضب المسؤولين الأتراك هو أن الولايات المتحدة أدارت حتى الآن أذنها الصماء للمطالب التركية بتسليم كولن إلى أنقرة، في وقت اعتبر وزير العمل التركي سليمان صويلو أن واشنطن "تقف وراء الانقلاب".
وأثار ذلك مخاوف من أن تستخدم أنقرة قاعدة أنجرليك ورقة للضغط على واشنطن لتسليم كولن ومحاكمته في تركيا.
وقال أوزغور أونلوهيسارجيكلي مدير مكتب صندوق مارشال الألماني في أنقرة أن التوترات بين تركيا والولايات المتحدة مرتفعة أصلا بسبب دعم واشنطن الميليشيات الكردية في سوريا.
وأضاف لوكالة فرانس برس أن "الوضع سيزداد سوءا إذا لم ترد واشنطن على طلب تسليم كولن".
وكولن داعية إسلامي يبلغ 75 عاما ويعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة منذ عام 1999، لكن تأثيره كبير جدا في المجتمع التركي، ولديه مؤيدون في وسائل الإعلام والشرطة والقضاء.
ولم تظهر الولايات المتحدة حتى الآن اهتماما كبيرًا بمطالب تركيا المتكررة لتسليمه منذ فضيحة فساد كبيرة هزت حكومة أردوغان في عام 2013 واتهمت أنقرة كولن والموالين له في الشرطة والقضاء ايضا بالوقوف وراءها.
وقال سونر جاغبتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أن تركيا سترتكب خطأ إذا استخدمت قاعدة أنجرليك لتسريع تسليم كولن.
وأضاف لفرانس برس "برأيي أن إقدام تركيا على ذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية"، موضحا أن "الوصول إلى قاعدة (أنجرليك) مهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لكنه ليس ضروريا".
وأردف "واشنطن تمكنت من استخدام القاعدة فقط في العام 2015، وقبل ذلك كان يتم تنفيذ العمليات الاميركية لمكافحة الارهاب من دون استخدام أنجريك او سواها من القواعد التركية".
وشدد جاغابتاي على أن "واشنطن قادرة على اللجوء الى هذا الخيار مجددا اذا اجبرتها تركيا" على ذلك.
تضم قاعدة أنجريك 1500 جندي اميركي وتبعد 70 ميلا فقط (110 كيلومترات) عن الحدود السورية. وتنتشر فيها خصوصا طائرات بلا طيار ومقاتلات براولر المخصصة للحرب الالكترونية، واخرى من طراز أ-10 تستخدم في الحرب ضد "داعش".
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري السبت ان واشنطن ستساعد تركيا في التحقيق في محاولة الانقلاب الفاشلة، داعيا انقرة الى تقديم الادلة التي في حوزتها ضد كولن.
وأشار أونلوهيسارجيكلي إلى أن استخدام قاعدة أنجرليك كورقة ضغط قد يقيد اعتماد واشنطن على تركيا كشريك في عملية مكافحة تنظيم "داعش" ويدفع الأمريكيين إلى البحث عن بديل لأنقرة. وقال لـ"فرانس برس" إن "هذا لن يكون (خيارا) ذكيا".
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت الأحد، أن "هناك تساؤلات تطرح" حول ما اذا كانت تركيا "جديرة بالثقة" كشريك في التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية.
وبعد محاولة انقلاب الجمعة، اغلقت تركيا قاعدة انجرليك فترة وجيزة، ما اضطر حلفاءها في حلف شمال الاطلسي الى تعليق الغارات على مواقع المتطرفين في سوريا موقتا.
واعتقلت السلطات التركية في قاعدة انجرليك ايضا احد كبار جنرالات سلاح الجو وعشرات تشتبه في دعمهم الانقلاب الفاشل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية بيتر كوك الأحد، إن العمليات ضد تنظيم الدولة الاسلامية قد استؤنفت انطلاقا من قاعدة أنجريك بعد إعادة فتح مجالها الجوي.
وبعد أن اتهمت لفترة طويلة بأنها لا تبذل جهودا كافية في المعركة ضد الجهاديين، لعبت تركيا دورا اكبر في اطار التحاف الدولي بقيادة واشنطن لمكافحة تنظيم "داعش" وشنت ضربات ضده.
وقال مسؤول تركي إن "تركيا عضو فاعل في التحالف الدولي".
لكن تركيا عبرت عن أسفها بسبب التأخير في تسليمها راجمات صواريخ متعددة من نظام "هيمارس" المدفعي الصاروخي الأمريكي، التي تنوي نشرها على طول حدودها لمحاربة "داعش".