«أثر النبى».. مسجد بلا أى أثر
«أثر النبى».. مسجد بلا أى أثر
مجرد اسم على أوتوبيس، هكذا أضحى الحال مع مسجد «أثر النبى» التاريخى، الذى سُميت المنطقة باسمه، «هو فين مسجد أثر النبى؟» سؤال يبادر به الزائرون، فيشير السكان إلى مسجد «عثمان بن عفان»، القريب من موقف الأوتوبيس، فيعيد الزائر سؤاله: «لا أثر النبى مش عثمان بن عفان»، وهنا تبدأ التخمينات والاقتراحات مشيرة إلى مسجد بعيد لا يؤمه الكثير من أهل المنطقة «تقصد القديم اللى هناك ده؟!».
بداية غير موفقة لزوار «أثر النبى» الذى سمى بهذا الاسم لاحتوائه على أثر لقدمين قيل إنه ينتمى إلى الرسول، حيث يعجزون عن تمييز المسجد المحاط بكثير من الأسوار التى طمست معالمه تقريباً، تخبر لوحة التأسيس داخله، أن المسجد الذى بنى على الضفة الشرقية للنيل، كان عند إنشائه الأول مقراً لإقامة الفقراء والمتعطلين، عُرف فى ما بعد بـ«رباط الآثار» لأنه شُيّد بالأساس لإيداع آثار نبوية اشتراها الوزير «تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين» من بنى إبراهيم فى ينبع، ونقلها إلى مصر وبنى لها الرباط.
سكان المنطقة لا يعرفونه.. وقبل عامين زاره «خواجة» ليُعرّف أهالى المنطقة بأهميته
كومة ضخمة من القمامة تحيط بالمسجد فى أرض فضاء ملاصقة له: «دى أرض تبع الأوقاف، بقت مقلب زبالة وكل ما ننضفها الأهالى يرجعوا يرموا فيها تانى»، يتحدث أحد مسئولى الآثار بالمنطقة، مؤكداً: «كان فيه إهمال الأول فى المكان، بس قريب هيخُش فى ترميمات القاهرة التاريخية، آخر ترميم ليه كان فى 2007، واللى مخلى أوضاعه كده، إنه تبع أكتر من جهة، زى الآثار والأوقاف».
يحاول بعض الزوار دخول «الحجرة النبوية» التى تبارت كتب التاريخ فى وصف جمال «القيشانى» المزخرف بها، لكن المشهد يبدو مؤلماً للزائرين، «قيشانى» متهالك رغم جماله، وحجرة فى حالة يُرثى لها، على الأرض أطباق لطعام، وفى السقف مصباح متهالك، وفى موضع القدم الكثير من الغبار الذى يكسو الغرفة بالكامل، فضلاً عن كراكيب متناثرة فى الأركان.
لا يحرص القائمون على المسجد من «الآثار» و«الأوقاف» على شىء بقدر المنظر الخارجى، رغم الحال البائس فى الداخل، يُحذر عامل المسجد الزوار: «ممنوع التصوير»، معللاً الرفض: «أصل كان فيه حاجات بتتهرّب قبل كده، العمال اللى كانوا هنا مهملين شوية، وكانوا بيدخلوا الناس تصور مقابل فلوس».
على مسافة ليست بعيدة، يقف محمد على، داخل الكشك الخاص به، لا يعرف شيئاً عن المسجد: «كل اللى أعرفه أنه مبنى أثرى فضل مقفول سنتين تلاتة، وبعدين عملوا له باب حديد وأسوار وفتحوه، ولو فيه حالة وفاة بيصلوا بالميت جوه».
عمر سعيد، شاب ثلاثينى، كثيراً ما يتأمل، متذكراً «بترو»، الخواجة الأجنبى الذى جاء قبل عامين ليجتمع حوله أهالى المنطقة: «كان بيورينا صور حلوة للجامع من 100 سنة فاتت، ماكنتش مصدقه، بس قعدت أعد شبابيك المسجد ولاقيته عنده حق، والصور اللى على الكمبيوتر حقيقية للمسجد»، لا يعلم «عمر» إذا كان بالمسجد أثر للنبى فعلاً أم لا، وكثيراً ما سأل مسئولى المسجد، فيؤكد بعضهم وينكر الآخر، أما هو فلا تبارح ذهنه الصورة القديمة للمسجد: «كان حواليه أرض زراعية، والجبل من وراه باين، لا بيوت تغطى عليه ولا أسوار تخفيه، عرفت أنه مهم من كلام الخواجة اللى قال إن العمدان جواه عليها رموز، وقعد يفكها لينا، كنت مبسوط أوى وأخدت منه صورة للمسجد على موبايلى، بس الغريب أن الخواجة كان يعرف عن المسجد أكتر مننا كلنا».