أستاذ علوم سياسية: «كلينتون» ستضغط لإعادة إدماج «الإخوان» فى الحياة السياسية
الدكتور محمد كمال
اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور محمد كمال، أن فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية أفضل لمصر على المستوى الثنائى، لكنه خطر على المستوى الإقليمى، وقال «كمال»، فى حواره لـ«الوطن»، إن «ترامب لديه رؤية قريبة إلى الرؤية المصرية فى ملف مكافحة الإرهاب، وسيكون أكثر حماساً للتعاون مع القاهرة، لكن مواقفه من دول الخليج وإسرائيل تشكل خطورة على الاستقرار الإقليمى»، وأكد «كمال» أنه فى حال فوز المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون فإنها ستضغط فى اتجاه إعادة دمج الإخوان فى الحياة السياسية.
■ فى البداية، ما مدى تأثر مصر بالانتخابات الرئاسية الأمريكية ونتائجها؟
- بالتأكيد مصر تتأثر جداً بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية وبمنصب الرئيس، فعلى المستوى الثنائى هناك علاقات قوية بين البلدين على المستويين العسكرى والاقتصادى، وإذا تحدثنا على مستوى الجانب الإقليمى فى العلاقات بين البلدين، فإن الولايات المتحدة فاعل أساسى فى إقليم الشرق الأوسط، وفى عملية السلام، وفى القضايا المتعلقة بالإرهاب وقضايا مثل ليبيا وإيران، والمسألة الثالثة أن الولايات المتحدة دولة كبرى ولها نفوذها فى العالم وفى المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والمؤسسات المالية الدولية كـ«صندوق النقد الدولى»، وهذه المؤسسات لا يمكن لدولة أن تحصل مثلاً على قروض منها دون مساندة أو مباركة من «واشنطن».
محمد كمال: «ترامب» سيتعاون مع مصر.. لكنه خطر على المستوى الإقليمى
■ أعطنا نماذج فى تجارب السابق عكست تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية على مصر؟
- على سبيل المثال فى انتخابات 2000 عندما فاز المرشح الجمهورى جورج بوش (الابن) على المرشح الديمقراطى آل جور، فإن «بوش» هو من تبنى مسألة تغيير النظم فى العالم العربى، وهو من اتخذ القرار بغزو العراق 2003، وهو من تبنى أجندة الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العلاقة مع مصر، حتى إن العلاقات بين البلدين شهدت تدهوراً فى فترة «بوش»، ولهذا نجد أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك لم يزر «واشنطن» لفترة طويلة، أعتقد لو كان فاز آل جور فى تلك الفترة لكانت طبيعة العلاقات أخذت شكلاً مختلفاً.
■ وماذا عن فترة الرئيس «أوباما»؟
- «أوباما» تبنى مسألة دمج الإسلاميين فى النظم السياسية العربية، وهذه المسألة كان لها تأثيرها الواضح فى مساندته جماعة الإخوان، وحتى عندما وقعت أحداث 30 يونيو وما نتج عنها من إسقاط حكم جماعة الإخوان، لم يكن «أوباما» راضياً عن ذلك، ورأينا مثلاً تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية إلى «القاهرة»، وهذه النماذج تعطينا أدلة وتأكيدات على أن منصب الرئيس فى الولايات المتحدة مؤثر جداً وله دور كبير فيما يخص العلاقات مع الدول الأخرى، ومن ذلك مصر.
المرشحة الديمقراطية ستكون أقل نشاطاً فى الشرق الأوسط.. والعلاقات الأمريكية - المصرية لن تشهد تغيراً كبيراً إذا فازت «هيلارى»
■ برأيك، كيف ستتأثر مصر فى حال فازت المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون؟
- «كلينتون» من أنصار ما يعرف بـ«الدبلوماسية التقليدية»، ولا أعتقد أن العلاقات الأمريكية - المصرية ستشهد تحولاً قوياً إذا وصلت «كلينتون» إلى منصب الرئيس، أعتقد أن المرشحة الديمقراطية ستسير إلى حد كبير على سياسات «أوباما»، فهى فى السابق كانت وزيرة خارجيته، ولكن الاختلاف الوحيد بين هيلارى و«أوباما» ربما فى درجة الحماس لجماعة الإخوان.
■ أيهما أكثر حماساً واقتراباً للجماعة؟
- «كلينتون» أقل حماساً لجماعة «الإخوان» من «أوباما»، ومن ذلك أنه بعد أحداث 25 يناير، كانت «كلينتون» لديها قلق وحذر من وصول الإسلاميين إلى الحكم، وعبرت عن ذلك. أعتقد أن «كلينتون» ستركز أكثر على الجوانب السياسية ومسائل حقوق الإنسان، وبصفة عامة فإن هيلارى ستكون سياساتها فى الشرق الأوسط أقل نشاطاً، لأنها بالأساس تتبنى فكرة التوجه نحو آسيا كبديل عن الشرق الأوسط، وأعتقد أنها ستستمر فى هذه السياسات.
■ لكن هناك تحليلات ترى أن وجود «كلينتون» فى منصب الرئيس يخدم الإخوان أكثر من «ترامب»، لأنها تدعم الجماعة بقوة، ما تعليقك؟
- لا أعتقد ذلك بهذه الصورة، «كلينتون» تصريحاتها المكتوبة والمنشورة، حتى فى مذكراتها، أكدت أنها كانت حذرة إزاء مسألة وصول الإسلاميين إلى الحكم، لكنها مقتنعة بضرورة دمج الإسلاميين فى النظم السياسية وعدم إقصائهم، لكنها كانت أقل حماساً من «أوباما» فى مسألة وصول الإسلاميين إلى الحكم، وإنما مقتنعة بضرورة أن يكونوا جزءاً من النظم السياسية.
«ترامب» سينظر إلى المنطقة من وجهة نظر إسرائيل و«القاهرة» تحتاج استراتيجية وأسساً جديدة للعلاقات
■ وهل إذا فازت ستضغط فى اتجاه إعادة الإخوان مرة أخرى إلى العملية السياسية الرسمية فى مصر؟
- بالتأكيد «كلينتون» ستضغط فى اتجاه الاعتراف بالإخوان مرة أخرى كفصيل سياسى، وستضغط باتجاه إعادة دمجهم فى الحياة السياسية، لكن مسألة وجودهم فى الحكم هذا أمر مختلف.
■ هذا بالنسبة لـ«كلينتون»، فكيف ستتأثر مصر فى حال فوز «ترامب»؟
- فيما يتعلق بملف الإسلام السياسى ومواجهة الإرهاب، فإن المرشح الجمهورى دونالد ترامب لديه رؤية أقرب إلى الرؤية المصرية فى التعامل مع هذا الملف.
■ حتى جماعة الإخوان؟
- هو لم يذكر فصيلاً بعينه من تيارات الإسلام السياسى، ولكنه تحدث عنها بالإجمال، وأعتقد أنه كانت له تصريحاته التى تنتقد إدارة الرئيس أوباما، واتهمها بمساعدة جماعة الإخوان فى الوصول إلى الحكم فى دول عربية، ويعتقد «ترامب» أن هذا الأمر كان خطأ من قبل إدارة «أوباما».
■ وبالتالى ربما يكون «ترامب» بعيداً نسبياً عن جماعة الإخوان مقارنة بـ«كلينتون»، أليس كذلك؟
- فى وجهة نظرى «ترامب» سيكون بعيداً عن الإخوان أو التعاطف معهم، أو حتى فى مسألة دمجهم فى النظم السياسية العربية، «ترامب» دوماً يتحدث عن مفهوم «الإسلام الراديكالى»، وهو هنا يقصد به كل تيارات الإسلام السياسى، يراها كلها تيارات متشددة، ولا يعرف مسألة التفريق، كما الإدارة الحالية، بين تيار إسلامى يوصف بأنه معتدل، وتيار آخر يمكن وصفه بأنه متشدد، يضعهم جميعاً فى سلة واحدة، فى حين «كلينتون» تحاول أن تكون هناك تفرقة بين هذا وذاك.
تصريحات «ترامب» الحادة تجاه السعودية ودول الخليج وإيران لا تخدم الاستقرار فى المنطقة
■ هل تتوقع أن يكون هناك تعاون أكثر بين «القاهرة» و«واشنطن» فى مسألة مكافحة الإرهاب إذا فاز «ترامب»؟
- أعتقد أن التعاون فى مسألة مكافحة الإرهاب مع الدول التى تخوض تلك المواجهة فى المنطقة ستستمر بشكل أكبر فى حال فوز «ترامب»، وأعتقد كذلك أنه لن يكون هناك مشروطية فى مسألة التعاون العسكرى، أعتقد أن «ترامب» سيكون أكثر حماساً للتعاون مع «القاهرة»، ولكن الأمر ربما يكون مختلفاً نسبياً على المستوى الإقليمى، فربما تمثل سياسات «ترامب» خطورة على مصر.
■ لكنك قلت إن العلاقات ستكون أفضل بين البلدين فى حال فوز المرشح الجمهورى، وضح لنا؟
- سياسات «ترامب» ستكون أكثر خطورة على استقرار المنطقة من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن «ترامب» أكثر دعماً لإسرائيل، مقارنة بـ«كلينتون»، وبالتالى أرى أن «ترامب» ستكون له وجهات نظر تجاه المنطقة تأتى من المنظور الإسرائيلى وسيتبنى وجهات نظر «تل أبيب»، وهذه مسألة تهدد استقرار المنطقة ككل، كذلك فإن تصريحات «ترامب» الحادة تجاه السعودية ودول الخليج وإيران لا تخدم الاستقرار فى المنطقة، وهذا بالتأكيد سينعكس على مصر.
■ إذن ما توصيفك النهائى للعلاقات الأمريكية - المصرية فى حال فوز «ترامب»؟
- سيكون أفضل مع مصر ولكن على صعيد العلاقات الثنائية، ولكن خياراً أسوأ لها على المستوى الإقليمى، لأن سياساته ستولد مزيداً من عدم الاستقرار على المستوى الإقليمى، الذى بالتأكيد ينعكس على مصر.
■ هل يكون «ترامب» أكثر ميلاً لمسألة التدخل العسكرى فى المنطقة؟
- سيكون أكثر ميلاً لهذا التصور ولكن ليس فى كل المسائل، سيكون فى مسائل معينة على رأسها مسألة مكافحة الإرهاب، لكنه مثلاً لن يكون متحمساً لمسألة السلام مع إسرائيل، أو مسائل التعاون الاقتصادى مع المنطقة والشرق الأوسط، لكن فى ملف الإرهاب «ترامب» يريد أن يكون لـ«واشنطن» دور أكبر.
■ دور مصر الإقليمى بالتأكيد هو محدد مهم لطبيعة العلاقات بن البلدين بصرف النظر عن شخصية الرئيس، هل تتفق معى؟
- هذا أمر مؤكد، مكانة مصر وعلاقاتها الإقليمية وفى المنطقة تحدد بشكل كبير سياسة أمريكا تجاه «القاهرة»، لأن «واشنطن» مقتنعة بأن مصر دولة كبيرة وتلعب دوراً قيادياً، وأنها تملك الضوء الأخضر بين الدول العربية، وهى لاعب رئيسى فى كثير من القضايا التى تواجه المنطقة، وبالتأكيد فإن وجود مبادرات أكثر لدى مصر ودور أكثر فاعلية فى المنطقة، بالتأكيد سينعكس على طبيعة العلاقات بين «القاهرة» و«واشنطن».