القضاء الإداري يعيد للدولة 850 فدانا في بحيرة إدكو
المستشار محمد خفاجى
في حكم مهم يحافظ على ثروات البلاد السمكية باعتبارها حقا للمجتمع والمواطن، أعاد القضاء الإداري للدولة 850 فدانا مُتعدى عليها ببُحيرة إدكو بمحافظة البحيرة، ودعا الحكومة إلى سرعة التنفيذ لصالح الشعب وألزمها بإعادتها في مزاد علني، وكشفت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية، عن أوجه فساد ثروات البلاد السمكية بمجرد تأشيرة من وزير الزراعة وهيئة الثروة السمكية، أضاعت على الدولة الحق في الاستغلال لصالح الشعب رغم انتهاء عقد المُدّعى منذ عام 2006 بثمن بخس وقد سبق للمحكمة أن أصدرت 50 حكما في مارس الماضي بإزالة التعديات على آلاف الأفدنة ببحيرة إدكو دون أن يكون لدى الإدارة المختصة آلية لاستعادة ممتلكات الشعب من الثروة السمكية.
وأيّدت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد فتحي وخالد شحاتة، قرار الجهة الإدارية باستعادة 850 فدانا بمزرعة كوم بلاج السمكية بمركز إدكو بمحافظة البحيرة، تعدى عليها المواطن جمعة مرسي كساب، بوضع اليد، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإعلان عنها بالمزاد العلني للحفاظ على مصادر الدولة الاقتصادية.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، إن الحفاظ على الثروة السمكية أصبح حقا للمجتمع والمواطن، والتزاما على عاتق الدولة بمقتضى نص المادتين 35 و40 من الدستور المعدل الصادر في 18 يناير 2014، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى دساتير مصر السابقة، وما من ريب في أن الدافع الذي حدا بالمشرع الدستوري إلى إفراد نص في الدستور يقرر حماية الثروة السمكية، إنما هو نابع من أهمية تلك الثروة باعتبارها مصدرا مهما من مصادر الغذاء، فضلا عن قيمته الاقتصادية إذا ما تم تصديره للخارج وتطهير فتحاتها ومنافذها وإزالة التعديات الواقعة عليها أو على شواطئها بالطريق الإداري.
وأضافت المحكمة، أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هي المنوط بها تنظيم استغلال مناطق الصيد والمراعي والمزارع السمكية بالمسطحات المائية، وإقامة مشروعات التوسع الأفقي والرأسي في هذا المجال ضمن إطار خطة الدولة، كما تختص وحدها بالإشراف على استغلال المسطحات المائية وتحصيل مقابل هذا الاستغلال ولها سلطة استغلال جميع المسطحات المائية الداخلة في البحيرات وكذلك الأراضي المحيطة بها حتى مسافة 200 متر من شواطئها، سواء كان استغلالها لها بنفسها أو بالترخيص للغير باستغلالها ويتعين على تلك الهيئة العمل على صيانة تلك المزارع وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذ المسطحات المائية ومن ثم فإن جميع الأعمال والتصرفات الصادرة من الهيئة في هذا الشأن ينبغي أن تستهدف غاية واحدة وهي تنمية الثروة السمكية، فإن استهدفت غاية أخرى خلاف ذلك أصبحت مخالفة للقانون.
وذكرت المحكمة، أن أموال الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، هي أموال عامة أسبغ المشرع عليها الحماية المقررة لمثيلاتها من أموال الدولة العامة، وأبرز صور هذه الحماية إزالة التعدي الواقع على أي من الأموال الخاضعة لإشراف الهيئة بالطريق الإداري، كما أن الانتفاع بالمسطحات التابعة والخاضعة لإشراف الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، هو من قبيل الانتفاع بجزء من المال العام، وهو انتفاع مؤقت بطبيعته لا يرتب حقا ثابتا للمنتفع، بل يخول له مركزا قانونيا مؤقتا يدور وجودا وعدما مع أوضاعٍ وشروط يترتب على تغييرها أو انقضائها جواز تعديله أو إلغائه لدواعي المصلحة العامة.
وأوضحت المحكمة، أن المُدّعي كان استأجر من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مزرعة كوم بلاج السمكية ومساحتها 850 فدانا، وذلك بموجب العقد المحرر بتاريخ 18/9/1996، وذلك لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ استلام المزرعة، وتنتهي في 24/9/2006 وأن مدة العقد انتهت دون تجديد العقد الأمر الذي لم يعد معه للمدعي ثمة صفة في شغل المزرعة السمكية المشار إليها، ويعد شغل المدعي لتلك المساحة دون سند تعدياً عليها وكان يتعين على تلك الهيئة أن تنهض إلى إعادة إعلانها بالمزاد العلني للحفاظ على ثروات الشعب.
واختتمت المحكمة، أنه لا ينال من ذلك ما حوته الأوراق من تأشيرة وزير الزراعة على مذكرة الهيئة المدعى عليها بطلب المدعي تجديد تعاقده معها، بعبارة (أوافق ويتم إعداد الخطاب على ألا تستكمل الإجراءات إلا بعد سداد كامل المديونية)، ذلك أن موافقة وزير الزراعة لم تتضمن الاتفاق على العناصر الجوهرية التي يتعين الاتفاق عليها في عقد الانتفاع للقول بانعقاده وهي مدة العقد ومقابل الانتفاع، خاصة أن العقد المبرم بين الطرفين والذي انتهى في 24/9/2006 نص في البند السادس منه على أنه يجوز للهيئة المدعى عليها تجديد فترة التعاقد بموافقتها وبناء على طلب المدعي، وأنه في حالة الموافقة على التجديد (يتم الاتفاق بين الطرفين على المدة الجديدة ومقابل الانتفاع ومع مراعاة ما يطرأ على المزرعة من زيادة أو نقص أو تطوير والأسعار السائدة في حينه)، والأوراق قد خلت من ثمة دليل على اتفاق الطرفين (المدعي والهيئة المدعى عليها ) على أي من تلك الأمور السالف ذكرها، ومن غير المقبول أن يكون سعر الفدان المدة من 1996 حتى 2006 هي نفسها عام 2016 الأمر الذي لا يمكن معه الادعاء بانعقاد عقد جديد بينهما بمجرد موافقة وزير الزراعة على ذلك دون أن تتضمن تلك الموافقة تحديد المسائل الجوهرية للعقد.