الأزمة الاقتصادية تؤثر على الانتخابات الرئاسية في قبرص أكثر من التقسيم
ينتخب القبارصة يوم الأحد رئيسا جديدا للبلاد، على أمل أن يتوصل سريعا إلى خطة إنقاذ دولية للجزيرة المقسمة، التي تتخبط في أزمة اقتصادية خطيرة.
ولأول مرة منذ استقلال قبرص عن بريطانيا عام 1960، تراجع الجدل المحتدم حول طريقة توحيد البلاد المقسمة منذ نحو 40 عاما إلى المرتبة الثانية في الحملة الانتخابية، في حين وصلت المفاوضات الجارية بهذا الهدف إلى طريق مسدود.
وقرر الرئيس الشيوعي ديمتريس خريستوفياس، الذي جعل عندما انتُخِبَ في 2008 من تسوية "المشكلة" القبرصية أكبر أولوياته، عدم الترشح لولاية ثانية.
ويُتوقع فوز نيكوس أناستاسيادس، زعيم حزب "ديسي" (يمين)، أكبر حزب معارض، خلفا له إثر اقتراع دُعِيَ إلى المشاركة فيه 545 ألف قبرصي.
ورجحت آخر استطلاعات الرأي فوزه بفارق 15% على المرشح المستقل ستافروس مالاس، المدعوم من الحزب الشيوعي "أكيل"، على أن تنظم دورة انتخابية ثانية في 24 فبراير في حال عدم حصول أي من المرشحين على أكثر من 50% من الأصوات في الجولة الأولى.
ويدعو أنستاسيادس، الذي أعرب عن استعداده لإجراء إصلاحات كبيرة من أجل النهوض بالاقتصاد، إلى تبني خطة تقشف مقابل خطة إنقاذ دولية.
غير أن رئيس الوزراء السابق، يورجوس ليليكاس، المرشح المستقل الذي يدعمه الاشتراكيون ويحل في المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي، هو الوحيد بين المرشحين الثلاثة (من أصل 11) الذي يعارض تلك الخطة، ويريد استعمال احتياطي الغاز الضخم الذي اكتُشِفَ مؤخرا قبالة السواحل للنهوض بالاقتصاد، رغم أن استغلاله سيستغرق عدة سنوات.
وقال هوبرت فوستمن، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيقوسيا، إنه "أيا كان الرئيس الذي سيُنتخب، سيتعين عليه التوقيع على خطة إنقاذ أو سيواجه إفلاس الدولة.. ليس من خيار ثالث".
وتخوض قبرص منذ نهاية يونيو مباحثات مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي حول هذه الخطة، وتقول إنها بحاجة إلى 17 مليار يورو، منها عشرة مليارات لدعم مصارفها المنكشفة على أزمة الديون اليونانية، لكن المفاوضات متعثرة، وتبنت السلطات خلال الأشهر الأخيرة إجراءات تقشف؛ مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة، لكنها رفضت القيام بعمليات الخصخصة المطلوبة منها.
وفضل الاتحاد الأوروبي انتظار نتيجة الانتخابات الرئاسية للبت في سلسلة من المساعدات لهذا البلد، الذي ازدادت فيه نسبة البطالة بأكثر من الضعف في السنتين الماضيتين، لتصل إلى 14.7% عام 2012.
والقضية الثانية التي تُطرح عادة في قبرص هي تقسيم الجزيرة إثر اجتياح الجيش التركي الثلث الشمالي للبلاد في 1974، ردا على انقلاب نفذه قبارصة يونانيون مدعومون من النظام العسكري في أثينا، بغرض ضم الجزيرة إلى اليونان.
ولا يعترف المجتمع الدولي إلا بجمهورية قبرص، التي تبسط نفوذها فقط على جنوب الجزيرة.
وساند أناستاسيادس خطة الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة عندما طُرحت في اسفتاء في 2004، لكن أغلب القبارصة اليونانيين رفضوها، رغم أن القبارصة الأتراك وافقوا عليها.
وبعد ذلك انضمت الجزيرة منقسمة إلى الاتحاد الأوروبي في مايو من السنة ذاتها.
وينظر المجتمع الدولي إلى أناستاسيادس على أنه الشخصية الأكثر مصداقية لإيجاد حل لتقسيم الجزيرة.
واعتبر سوفرونيس سوفرونيو، المعلق السياسي، أن أناستاسيادس هو الأوفر حظا للفوز، لأن القبارصة يريدون طي صفحة خمس سنوات من حكومة الشيوعيين "العقائدية"، مضيفا أنهم "لم يتوقعوا الأزمة الاقتصادية، ويعتقدون أنه من الممكن النهوض بالأوضاع بفضل مقاربة اقتصادية مختلفة".