خبراء: شروط «الصندوق» ستكون «قاتلة» إذا فشلت الإصلاحات
رئيس الوزراء خلال اجتماعه بالمجموعة الاقتصادية «صورة أرشيفية»
قال خبراء الاقتصاد الكلى ببنوك الاستثمار إن صندوق النقد الدولى لا يضع شروطاً على الدول بل ضوابط معينة، مؤكدين أن المخاطر التى يتحدث عنها البعض فى التعامل مع الصندوق تتعلق بالمرحلة التى تتحول فيها الضوابط إلى شروط وتدخلات تصل فى بعض الأحيان إلى «تدخلات قاتلة»، وهو ما يتوقف على قدرة الدولة على تنفيذ برنامجها الإصلاحى بعد أن تتسلم أول شريحة من القروض.
وقال محمد أبوباشا، محلل الاقتصاد الكلى فى المجموعة المالية «هيرميس»، إن الفترة التى سبقت قدوم بعثة الصندوق لمصر شهدت مجموعة من التحركات داخل البرلمان تشير إلى أن مصر بدأت بالفعل فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، أبرزها إقرار البرلمان قانون الخدمة المدنية الذى سينظم جانباً كبيراً من بند الأجور، وتوقع أن يقر البرلمان قانون القيمة المضافة، الذى سيسهم بدوره فى زيادة الإيرادات الضريبية للدولة التى تعانى أيضاً من تشوهات كبيرة، نتيجة عمليات تهرب ضريبى، وليس بالضرورة كما هو شائع أن تفرض الدولة ضرائب جديدة من أجل الحصول على القرض، لكن هنا نقول إن الدولة تسعى إلى معالجة التشوه الضريبى لعودة الانضباط إلى هذا البند بالنسبة للموازنة العامة للدولة التى تعانى عجزاً كبيراً.
وأشار «أبوباشا» إلى أن هناك ضوابط أخرى تتعلق بسعر الصرف، وهى مشكلة مستمرة منذ 5 سنوات، متوقعاً أن تستمر الدولة فى الاتجاه نحو التعويم المُدار للعملة، وهى الطريقة الأنجح لتجاوز مشكلات الخلل الواضح فى سعر صرف الجنيه، وهذا بشكل عام، وليس رضوخاً لمطالبات من إدارة الصندوق كما يشاع.
وقال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار، إن صندوق النقد الدولى هدفه تمويل الأعضاء لإجراء الإصلاح الاقتصادى وتخفيف إهدار الموارد وزيادة دخول الدولة، وأضاف أن مصر رفعت حصتها فى صندوق النقد الدولى خلال يناير الماضى، مشيراً إلى أن مصر من الدول المؤسسة للبنك وحصتها تبلغ نحو 800 مليون دولار فى البنك. وأوضح «عادل» أن استراتيجية الصندوق تعتمد على تنمية إيرادات الدولة، وخفض حاد للإنفاق، وإعداد برنامج لاستغلال الأصول غير المستغلة.
وأكد أن قرض صندوق النقد الدولى وتمويل «البنك الأفريقى» والبنك الدولى سيسهم بشكل كبير فى حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تواجهها مصر، وأضاف أن تلك القروض ستحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، كما أن تحرك الحكومة لحل الأزمة جيد ومطلوب.
وشدد على أن خطوات الحكومة بداية جيدة لتحريك ملف «إصلاح اقتصادى شامل»، مؤكداً أن التخوف الذى ينتاب البعض من التعامل مع الصندوق هو الصورة الذهنية لبعض أخطاء الصندوق مع بعض الدول، والصندوق لا يضع شروطاً على الدول التى يتعامل معها بل المسمى الطبيعى لها هو «ضوابط»، وليست شروطاً.
وقال «عادل» إن مصر مقبلة على حزمة تمويلية دولية تقدر بنحو 20.5 مليار دولار ليس من صندوق النقد فقط، بل هناك مفاوضات على 12 مليار دولار من الصندوق و3 مليارات من البنك الدولى و1.5 مليار دولار من البنك الأفريقى للتنمية و3 مليارات دولار عبر طرح السندات، و2٫5 مليار من طرح حصص من الشركات الحكومية فى البورصة، الأمر الذى يقودنا إلى طرح سؤال أكثر أهمية من التعامل مع الصندوق وهو «ما طبيعة برنامج الحكومة للإدارة المرحلة المقبلة؟، هل هى سياسة توسعية تعتمد على التنمية أم التحرك نحو برنامج تقشف؟»، الإجابة بالتأكيد، وفقاً لما أعلنه الرئيس خلال اجتماعه مع وزيرَى الاستثمار والبترول، الأسبوع الحالى، هى سياسة توسعية وليست تقشفية، ما يؤكد أن الحكومة لن تتجه لرفع أسعار المحروقات بل ستتخذ إجراءات فيما يتعلق بمخصصات الدعم عبر تنقية بطاقات الدعم التموينية، فليس منطقياً أن يكون هناك 88% من الأسر فى مصر لديها بطاقات تموين ولا بد من تنقية هذا الرقم وتوجيه الدعم لمستحقيه.
وقال الدكتور هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادى، إن هناك بندين فقط تستطيع الإدارة فى مصر التدخل فيهما فقط هما الدعم وتكلفة خدمة الدين، للوصول إلى بداية مرحلة الإصلاح التى يرغبها الصندوق من الدول التى يتعامل معها، فالبند الأول قد تتجه الحكومة إلى ترشيد الإنفاق على مخصصات الدعم وليس بالضرورة رفع أسعار المحروقات على الجميع. واستبعد توقيع اتفاق نهائى بسهولة مع الصندوق، مؤكداً أنه لا بد من تقييد الاستدانة من الخارج بعيداً عن الصندوق لتقليل تكلفة خدمة الدين، لافتاً إلى أن هناك ضوابط تتعلق بالدين الخارجى والأجور لن تستطيع الإدارة فى مصر التعامل معها، وفقاً لضوابط الصندوق حتى إذا توسعت الدولة فى تحويل بعض الهيئات التى تملكها إلى هيئات اقتصادية، واصفاً الحديث عن الحصول فعلياً على أموال من الصندوق بـ«الفنكوش».
وقال تونى كمال، مدير كبار العملاء بشركة «بايونيرز القابضة»، إن توصل الحكومة لاتفاق مع صندوق النقد الدولى ليس تركيعاً للدولة كما يردد البعض، لافتاً إلى أن التوقيع يشجع كثيراً من المستثمرين الأجانب على دخول السوق المصرية فى ظل اشتراط الصندوق على الحكومة المصرية إتاحة وسهولة التخارج وتحويل الأرباح للخارج.