الصنايعية تحولوا إلى سائقين وقهوجية
محمد فهمى يعمل على تروسيكل
بين ليلة وضحاها تحولت حياة صناع، أفنوا ما يزيد على ربع قرن من عمرهم فى العمل كصناع أثاث، ولكن تبدل بهم الحال بعد تدهور صناعة الأثاث وتحكم الحيتان فى الصناعة ورفعهم أسعار الخامات بصورة مبالغ فيها وتراكم الديون عليهم، فاضطروا لترك المهنة بعدما اتخذوا قراراً هو الأصعب من نوعه فى حياتهم وتحولوا لمهن أخرى كسائقين أو بائعى خضار وفاكهة أو قهوجية فيما تحول آخر لرسام.
«محمد»: أنا صنايعى «أويما» وآخرتها أشتغل سواق تروسيكل علشان أسدد ديونى
بوجه بائس ونبرة حزينة يستقل محمد فهمى، 52 عاماً، «تروسيكل» بعدما ترك مهنة الأويما وتحول لسائق تروسيكل ينقل البضائع والأثاث، بعدما قضى ما يزيد على خمسة وثلاثين عاماً فى حرفة الأويما. يقول «محمد»: «بعد تعبى وشقاى لسنوات عدة وعمرى الذى أفنيته فى مهنتى التى طالما أحببتها ورغم عشقى لها، لم أتمكن من العودة إليها مرة أخرى فقد تركتها بسبب ارتفاع أسعار الخامات يوماً تلو الآخر، وبت مديوناً للتجار وحينها خشيت أن أكون من أرباب السوابق وأنا أب لطفلين، فقررت ترك المهنة لأصبح سائق تروسيكل وأتمكن من سداد ديونى»، مضيفاً «نحو 50 بالمائة من صناع الأثاث فى دمياط تركوا مهنهم وتحولوا لأخرى كبائعى خضار، وصيادى أسماك، وقهوجية وسائقين».
وناشد «محمد» المسئولين النظر بعين الرحمة لصناع الأثاث، مضيفاً «لو صناعة الأثاث وقعت يبقى دمياط قتلت اقتصادياً وعلى المسئولين سرعة التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».
وقف صلاح على، 40 عاماً، نجار، أمام ورشته المغلقة بقرية الشعراء ينظر لورشته التى قضى فيها سنوات عمره فى تصنيع قطع مختلفة الأشكال من الخشب بعدما أغلقها قبل شهر بسبب ارتفاع أسعار الخامات. ويقول «صلاح»: «بعدما بات الأمر مأساوياً وبت عاجزاً عن شراء الخامات أو دفع أجور العمالة، قررت إغلاق ورشتى وسرحت 4 عمال كانوا معى وأبلغتهم فى أواخر شهر رمضان أننى لن أستطيع العمل فى ظل الوضع المتذبذب والركود الذى تشهده المحافظة، وبالفعل بدأت العمل كرسام فى محاولة منى لتنمية موهبتى وتوفير مصدر دخل لأسرتى»، مضيفاً «الوضع بات صعباً للغاية، فالأسعار فى تزايد مستمر وتجار الأخشاب والخامات يرفعون الأسعار يوماً تلو الآخر، وفى الآخر نحن كصناع نتحمل النتائج والمستهلك النهائى». ويرى «صلاح» ضرورة تدخل الدولة لخلق حالة من الاستقرار فى الأسعار وعودة السوق لحالة الرواج التى كانت عليها قبل ثورة 25 يناير».
وبملامح حزينة وعين دامعة وقف السيد سادات، 57 عاماً، مع أحد أصدقائه يتحدث عن أحوال المهنة بإحدى ورش قرية الخياطة. ويقول «السيد»: «اضطرتنى الظروف لترك مهنتى التى قضيت فيها نحو 40 عاماً بسبب تدهور ظروف المهنة وارتفاع أسعار الخامات، حتى بت مديوناً بنحو 30 ألف جنيه لتجار الخامة، وأنا أب لخمسة أبناء، مما دفعنى للعمل كسائق كى أسدد ديونى وأربى أبنائى بدلاً من قضائى باقى عمرى بين قضبان السجن»، مطالباً بضرورة تدخل الدولة لمراقبة التجار وضبط الأسعار خاصة بعد ما بات التجار يتحججون بارتفاع سعر الدولار ليل نهار بينما هم يخزنون الخامات فى مخازنهم قبل شهر.