أبى.. هل سنرى الجماهير يوماً فى مصر؟!
على صلاح
اعتدتُ على مشاهدة مباريات دورى أبطال أوروبا (تشامبيونز ليج) وسماع آهات مجاذيب كرة القدم فى كل ملاعب أوروبا -الصغيرة قبل الكبيرة منها- عند زوج أختى مساءَ كل ثلاثاء وأربعاء كما جرت العادة فى البطولة الأوروبية الأعظم والأقوى.
لم يلفت انتباهى وقتها ما تقدمه أختى مِن حلوى وعصائر -لزوم القعدة- أو أسئلتها المتكررة عن أمّنا، وعن أحوالها، وأحوال والدى وإخوتى خاصةً، وهل تغير البيّت بعد رحيلها عموماً أم لا! لم يشغلنى قط ماذا كان يرتدى زوجها، ولا تلك الروائح والأصوات التى اعتاد إصدارها أثناء جِلستى! لم يجذبنى قط سوى جُملةٌ ظلت تتردد فى أذنى باستمرار قالها ابن أختى: «بابا.. مش هنشوف جماهير زى دى فى مصر؟!».
وقفتُ كثيراً عند تلك الجملة، ورأيت أنها تُعبر كثيراً عن واقعنا السيئ.. ستة أعوام كاملة بلا جماهير قط!! أشباحُ مجالس إدارات فقط.
لماذا يقسون على مجاذيب الأهلى والزمالك فى مصر؟! لماذا يقضون على آمال جماهير تحتفل بصعود فريقها إلى الممتاز مرةً كل عقدين أو أكثر؛ ليس من أجل مشاهدتهم فى التلفاز فقط، إنما لأنهم سيرون لاعبى الزمالك حينما يقدِمون لمواجهة فريق مدينتهم فى يوم من الأيام، وتظل تلك ذكرى لن تُنسى أبداً وستتحاكاها الأجيال يوماً بعد يوم.
إذا ما نظرنا لأسباب عدم وجود الجماهير فى المدرجات ليومنا هذا، ستجد أن السبب الرئيسى هو عدم القدرة على احتواء حماس الشباب، واستغلال قدراتهم فى ما يفيدهم، ويفيد فى المقام الأول مصر. القصة تمتد إلى بضع سنوات.. تصل إلى تواطؤ قوات الأمن فى عدم منع «مجزرة بورسعيد»، وصولاً إلى مقتل العشرين أيضاً فى حادثة «الدفاع الجوى» بسبب عدم قدرة الأمن على احتواء الألتراس، ولا الحرص على حياتهم؛ بالطبع ليس كل رجال الأمن مُذنبين، ولا كل جماهير الكرة ملائكة.. كلنا خطاءون!
ولكن ألن نصل إلى حل يضع حداً للكراهية ما بين الجمهور والأمن، الجماهير وبعضها، الجماهير ومجالس الإدارات؟! ألن نصل أبداً إلى نقطة اتفاق من أجل الصالح العام؟
على الدولة أن تضع حلاً جذرياً وبسرعة من أجل مُساندة المنتخب والأندية المصرية المُمثلِة لمصر فى المحافل الأفريقية والعالمية على حد سواء.
نطرح بعض هذه الحلول لعل أصواتنا تصل إلى مسامع مسئولى الكُرة والأمن فى مصر.. لِمَ لا نستعين بشركات أمن خاصة ونستعيض بهم عن قوات الأمن؛ ريثما يقل الاحتقان ما بين الجماهير والأمن؟!، لِمَ لا تقام حملات توعية للجماهير وما هو التشجيع المثالى وكيف يكون؟! لِمَ لا تُسند مهمة التأمين إلى الجيش وهو الخط الأحمر لدى جموع الشعب؟! لِمَ لا يُكلف روابط الألتراس بالتنظيم وتأمين الملاعب؛ فهم أكثرُ الناسِ درايةً بشئون جماهيرهم وكيفية السيطرة على حماسهم؟!
أعيدوا إلينا الجماهير.. يحضرنى مقولة لمدرسى فى الثانوية العامة حينما كان يقول عن «قاعدة أرشميدس»: (امتحان الفيزياء من غير أرشميدس زى صينية الفراخ المشوية من غير بطاطس، والطبيخ من غير لحمة)، كذلك هى كُرة القدم.. مُتعة كُرة القدم لن تكون كاملةً بدون عاشقيها.