يوسف زيدان: خبث الإعلاميين والعناوين المستفزة وراء تهيج الناس ضدي
يوسف زيدان
أصدر الكاتب الدكتور يوسف زيدان، بيانًا، عبر حسابه الشخصي على "فيس بوك"، للرد على الانتقادات الموجهة إليه، على خلفية ماورد في محاضراته حول الثقافة واللغة العربية، التى ألقاها فى مهرجان"ثويزا" بالمغرب مؤخرًا.
قال زيدان: "أن الضجة المفتعلة المثارة ضدي في بعض دول الخليج، خصوصاً السعودية، ناشئة عن سوء فهم أو سوء قصد، و قد وجد فيها نفر من الإعلاميين فرصة لنفث سموم الكراهية التي تعتمل بصدورهم، أو مناسبة لشدّ الأنظار إليهم. و عموماً، فإن بيان الأمر كالتالي: كنت قد قلت في لقاء مع قرائي بالمغرب، أن الثقافة العربية نتاجٌ لأعراقٍ وجماعات كثيرة، وأن اللغة العربية هي السمة الأولى التي تحدّد شخصيتنا الحضارية، فسألني أحد الحاضرين عن أصل اللغة العربية، فأوضحتُ له ما ذكرته في كثير من مؤلفاتي -وذكره كثيرون من كبار الباحثين- أن اليمن هي أصل العرب، وبعد انهيار سد مأرب في حدود سنة ألف قبل الميلاد، انتقلت قبائل عربية إلى منطقة الشام والعراق، وعاشوا هناك".
وتابع البيان: "قال لي أحدهم: اللغة العربية نشأت في قلب الجزيرة، فقلت له: لا، قلب الجزيرة قبل الإسلام لم يكن يسكنها إلا عدد قليل، يتقاتلون فيما بينهم ويُنظر إليهم باعتبارهم: سُراق إبل (راجع، يوليوس فلهوزن: أحزاب المعارضة السياسية في فجر الإسلام، الخوارج والشيعة. ترجمة د. عبد الرحمن بدوي"
وأوضح :"و أضفتُ، أن ذلك لا يعيب مواطني المملكة السعودية اليوم، وبالعكس السعودية هي ثاني أكثر بلد عربي قارئ لمؤلفاتي، بعد مصر، وأنني أعتزُّ كثيراً بأهلنا هناك -قلت ذلك بالحرف- وفجأة، تم اقتطاع جزء من كلامي وإهمال الجزء الآخر، ونُشر الموضوع المفبرك تحت عناوين مستفزة لتهييج الناس ضدي بلا داع، بل وكذب بعضهم فجعل كلامي هجومًا على "دول الخليج" عمومًا، ولا أدري دافعهم لذلك، أو أدري ولا أريد إعلانه حفاظًا على ما بقي فيهم من انسانية .
مضيفًا: "المهم الآن، أن العبارة المجتزئة من كلامي، لتشويهه، كان الكلام فيها عن قبائل قلب الجزيرة قبل ظهور الإسلام، وهي منطقة لم يخرج منها عالمٌ واحد من علماء اللغة العربية في تراثنا القديم، وليس هناك أصلا ما يدعوني للهجوم على أي دولة عربية، خليجية أو غير خليجية، وصحيحٌ أنني أتجنّب التعامل مع السياسيين وأصحاب السلطة هناك وهنا"
وانتقد زيدان تناول الإعلام للموضوع: "ولخبث مقصد هؤلاء الإعلاميين، غير المسؤولين، جمعوا في هجمتهم عليّ بين كثير من الآراء والأفكار التي طرحتها موخرًا، مما يصعب على العوام قبوله لأول وهلة، لتهييج الرأي العام ضدي، واتهامي بأنني أميل إلى اليهود واحتقر الثقافة العربية والتراث، واستهين بما يسمونه المقدسات الدينية، يعني جمعوا كل المثالب، وعكسوا مواقفي بالكامل، ليضمنوا إثارة الناس الذين لا فرصة أمامهم كي يدقّقوا ويفحصوا كل اتهام علي حدة، وهي حيلة حقيرة".
واختتم البيان بقوله "وأخيراً يقولون إنني جاهل بالثقافة العربية ! فكيف إذن أنجزت أعمالي و نشرت الثمانية والستين كتابًا، أغلبها تراثي، ويقولون إنني أجهل طبيعة الحياة قديمًا في الجزيرة العربية، فكيف كتبتُ "النبطي" ولماذا لم يكتبوا مثلها ماداموا هم العالمون، ويقولون إن رواية "عزازيل" ماخوذة من قصة وعظية كتبها قسيس إنجليزي منذ مائة وخمسين سنة، فكيف غاب ذلك عن قراء الرواية في خمس وعشرين لغة تُرجمت إليها، وكيف فازت بجائزتين كبيرتين في إنجلترا، بلد الإنجليز، أم تراهم يعرفون عن الأدب الإنجليزي أكثر مما يعرف اهله. أقول إجمالًا : لن تعوقني هذه الترهات عن استكمال طريقي للارتقاء باللغة والثقافة العربية في هذا المنحني الحرج، وهذه المرحلة التاريخية الصعبة التي نمرُّ بها جميعًا، ومعروفٌ أن الزبد يذهب جُفاء، ولا يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس".