الخواجة «جورج»: الله يرحم أيام زمان
جورج داخل محله
وكأنه فنان يمسك بريشة ألوان وليس ترزياً يعمل بالخيط والإبرة، يجلس «جورج جاستيان مارديك»، وهو ترزى من أصل أرمنى، داخل محله فى الإسكندرية يعمل فى تفصيل الملابس بطريقة يدوية، وهى حرفة انقرضت منذ سنوات عدة، بعد ظهور مصانع الملابس الجاهزة، التى وصفها «جورج» بلكنته الأجنبية نوعاً ما بـ«غير مظبوط المصانع دى». فى المحل الذى فتح أبوابه منذ 90 عاماً، بعد الهروب من مجازر الأتراك للأرمن، بدأ والد «جورج» مهنة تفصيل الملابس لكبار العائلات فى الإسكندرية، واستكمل «جورج» مسيرة والده بالطريقة نفسها وحتى يومنا هذا، مع الاستمرار مع الزبائن القديمة، وحتى مع أولاد الصنايعية القُدامى.
ترزى سكندرى من أصل أرمنى يفصّل الملابس يدوياً
لا يعتمد «جورج» على ماكينات الخياطة، كل ما يعمل به هو الإبرة والخيط والأقمشة، بداية من القماش وحتى «عراوى» البنطلون والجاكت: «كله يدوى، مفيش مكن خالص». ومبرره فى ذلك: «التفصيل ده أهم مهنة وحرفة يدوية، علشان كل إنسان ليه تفصيلة معينة، زى بصمة الصوابع تمام». يترحّم «جورج» على مهنته قديماً: «كانت لها أهمية حتى الدولة كانت تصرف لكل ترزى على البطاقة القماش للشغل، دلوقتى بنحارب علشان نلاقى قماش نفصله فى السوق، بسبب قلة الاستيراد، ومصر مش بتصنّع القماش». قديماً كانت لمحل «جورج» سمعة كبيرة، وكان يتعامل مع كبار العائلات من الأجانب والمصريين: «كنا بنفصل على الموضة العالمية، واللى كانت بتطلع فى مصر الأول، خصوصاً من قلب إسكندرية»، لكن دوام الحال من المحال، فمع انتشار مصانع الملابس الجاهزة أصبح الطلب على الملابس التفصيل منعدماً والحرفة فى طريقها إلى الاختفاء: «الحرفة هتختفى علشان محدش عايز يشتغل فيها، خصوصاً بعد ظهور المصانع الجاهزة، واللى مش بتعمل لبس يناسب كل الناس، ويكون مش مظبوط زى التفصيل». يلفت «جورج» إلى أن العمالة أيضاً أصبحت تستسهل العمل فى المصانع الجاهزة: «الصنايعى اللى عندى بيشتغل من السبعينات، لو مات محدش هيرضى يشتغل».