في حقول "أحفاد جيفارا".. الأسلحة أكثر من الفؤوس
صورة أرشيفية
نشأت اسبرينزا ريفيرا في جبال كولومبيا حيث ولدت حركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك)، وكمثيلاتها في معاقل التمرد يبعث اتفاق السلام المبرم مع الحكومة على التشاؤم أكثر من اليقين.
وقالت هذه الفلاحة البالغة من العمر 41 عاما في ساحة بلاناداس البلدة الواقعة وسط البلاد والتي كانت شهدت العام 1964 انتفاضة فلاحين انبثقت منها "فارك" الماركسية الاتجاه "نريد أن يتم توقيع السلام وأن تفوز "نعم" في الاستفتاء حتى يتحول السلام إلى واقع".
وفي هذه المنطقة الريفية ذات الغابات الكثيفة، أشارت اسبرينزا بأسف إلى "نزاع آخر لا أحد يتحدث عنه: "لقد كانت حركة التمرد هنا في الريف تحظى باحترام العصابات، لكن الآن لم يعد لديهم من يخشونه ونجد أنفسنا بلا حماية".
وأضافت "الشرطة لا تصل إلى هذه المنطقة ولا أي قوة نظامية أخرى للدفاع عنا إزاء المجرمين. لقد كان رجال العصابات يهابون كثيرا حركة التمرد ولم يكن أحد يجرؤ على سرقة دجاجة" مبدية الأمل في أن يجلب السلام "المزيد من المساعدة من الحكومة التي تخلت عنهم".
وبعد 4 سنوات من المفاوضات، أبرمت فارك وحكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس في 24 أغسطس اتفاقا تاريخيا لإنهاء أكثر من نصف قرن من النزاع المسلح، لكن تطبيق الاتفاق سيكون رهن استفتاء ينظم في الثاني من أكتوبر.
ممرض "تيروفيجو"
تحت شمس حارقة في بلاناداس يؤكد جورج أرديلا أنه يرغب في السلام لكنه لا يخفي شكوكه حيال مضمون الاتفاق.
وأوضح "لا أعتقد أن هناك في هذا العالم من لا يريد السلام، حتى الذين يمارسون العنف يبحثون عن الأمان والهدوء لهم ولأسرهم، لكن قبل أن أقرر يجب أن أعرف ما هو محتوى هذه الاتفاقات".
وأرديلا (59 عاما) مثل الكثير من سكان هذه البلدة في إقليم توليما، كان على علاقة بفارك بل أن والده كأن "ممرض تيروفيجو" وهو الاسم الحركي لمؤسس فارك وزعيمها التاريخي مانويل مارولاندا الذي توفي لأسباب طبيعية العام 2008.
ويقول "عينوه ممرضا في ماركيتاليا" منطقة انتفاضة الفلاحين التي خرجت من رحمها فارك قبل 52 عاما.
وأضاف متحدثا عن والده بيدرو أنتونيو أرديلا "لم يكن ممرضا لتيروجفيجو فقط بل أيضا للجيش.. لقد خدم الجيش وبشكل سري فارك أيضا".
الأسلحة أكثر من المعاول
يبدي كثيرون تحفظات إزاء الاتفاق المبرم مع فارك. ويقول ايستاسيو خيمينيز إن "السلام في كولومبيا أمر بالغ الصعوبة لأن هناك الكثير من الفقر والبطالة" ولن يكون هناك سلام ما لم تتم معالجة ذلك.
وحذر هذا العجوز (75 عاما) المتشائم من أنه "سيكون هناك المزيد من الدماء" لأنه "لم يعد هناك من يعمل في الحقول".
وخيمينيز الذي عمل طوال عمره في الأرض، يعرف تماما الجبال التي تحيط ببلاناداس وشكلت لعقود "ممرات" لفارك تربط توليما بأقاليم كوكا وفالي ديل كوكا وهويلا.
وهذه الميزة الجغرافية اجتذبت فارك، ولاعبين آخرين في النزاع الكولومبي الذي أوقع 260 ألف قتيل و45 ألف مفقود و6,9 ملايين نازح.
ووجود هذه المجموعات المسلحة يدفع السكان إلى عدم التصريح عما يفكرون به.
وقال أحدهم طالبا عدم كشف هويته "يوجد هنا ثمانية أو تسعة قوانين مختلفة: قانون حركة التمرد وقانون القوات شبه العسكرية وقانون العصابات.. وغيرها".
ولم يستبعد خبراء خطر أن تملأ الفراغ الذي تتركه فارك مجموعات أخرى مثل "جيش التحرير الوطني" (أنصار تشي غيفارا) ثاني حركة تمرد نشأت العام 1964 وما تزال فاعلة، أو عصابات جريمة انبثقت من تفكك ميليشيات شبه عسكرية من اليمين المتطرف بين العامين 2003 و2006.