عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق: مصر مقبلة على ثورة اقتصادية.. و«قطر» ستشارك فى تطوير قناة السويس «بشروطنا»
بهدوئه المعتاد، رفض الدكتور عصام شرف الإجابة عن أى سؤال يخص الحياة السياسية فى مصر، خوفاً من أن يقول أى كلمة تؤلب الأوضاع السياسية، موضحاً أن أى كلمة سيقولها من الممكن أن تثير المشاكل فى الشارع السياسى.
وقال «شرف»، فى حواره لـ«الوطن»: «كل ما أستطيع قوله إننى متفائل، وميدان التحرير موجود فى حالة إساءة الوضع السياسى الحالى لأى من مطالب المواطن المصرى»، مؤكداً أنه يريد أن يركز خلال هذه الأيام فقط على تطوير قناة السويس، والعمل على ما يفيد الاقتصاد المصرى، موضحاً أن قناة السويس هى أملنا الأخير لتغيير نظرة العالم الاقتصادية لمصر.[Quote_1]
* البعض يشتكون من انعدام الشفافية.. وهناك تخوفات من تدخل دولة قطر فى الاستثمار بقناة السويس.. ما رأيك؟
- أولاً أنا دورى فى هذا الموضوع أننى عضو بالمجتمع المدنى، ولو لدى أى شخص تفاصيل فى هذا الموضوع يخبرنى بها وسأكون أول شخص يسانده، فنحن لا نتعامل مع دولة قطر، بل نتعامل مع شركات دولة قطر، مثلها مثل عشرات الدول التى تأتى بشروطنا. ومصر لديها ممر مائى تمر منه التجارة العالمية، التى هى الاقتصاد العالمى، والآن أصبح لها نمط مختلف يحتاج إلى خدمات معينة، وإذا استطعت أن أعمل لها القيمة المضافة للخدمات على ممر قناة السويس، سيتضاعف الدخل من المرور بالقناة.
وقناة السويس لها هيئة محترمة، والمحور الثانى الذى يكون حول قناة السويس هو الخدمات البحرية والمراكز اللوجيستية، والدائرة الأوسع هى العمران، لأننا نحتاج ونحن نعمل هذه الأنشطة إلى تعليم وصحة ومرافق حياتية وإسكان وسياحة ومراكز ترفيهية، لتصبح مجتمعاً متكاملاً، وأؤكد أنها محور تنمية قناة السويس، وأريد أن أقول لأى شخص متخوف مما يقال عن محاولات أى دولة عربية لشراء أرض قناة السويس، إن القناة «عِرض» وليست أرضاً، هى عِرض البلد، وبسببها يمكن أن نزيد القيمة المضافة، ثم نتوسع للإقليم كله، فى سيناء وشمال بورسعيد والسويس، لتحدث بها تنمية، وبالتالى تصبح لدينا تنمية للإقليم ككل، وهذا ما نريده.
* هل مسموح لأى دولة سواء قطر أو غيرها شراء أرض حول قناة السويس لإقامة مشروعات استثمارية حولها؟
- المبدأ العام أن الأراضى لا تباع، هناك حق انتفاع فقط، وما اقترحناه فى المشروع أن تكون له وثيقة، تقول ما هو المشروع وما التصرفات، بمعنى أن الأراضى ستكون حق انتفاع، والشركات التى سنقبلها سيكون بينها تنافس، وبشروط، ولا يوجد مانع أن تأتى قطر وتستثمر على قناة السويس، لكن بشروطنا، مثلها مثل أى بلد آخر، ونحن لا نتعامل مع بلاد نحن نتعامل مع شركات، لكن أن يظن أى شخص أنه سيشترى البلد، هذا هو المستحيل.
* ومتى سيبدأ المشروع؟
- المشروع بدأ بالفعل، لكن الفكرة أننا يجب أن نوسع الدائرة المعلوماتية لدى العالم، وهذا لا بد أن يحدث بعد أن يكون هذا المشروع كياناً له صلاحيات ومرونة، ولا بد أن يحاسب، لأن التجارة العالمية لا تقبل أن تتعطل، فلا بد أن يكون المشروع قائماً على تسهيل حركة التجارة العالمية، حتى لو لم يزد حجم السفن التى تمر من القناة، لكن يكفى تشغيل محتوى التجارة.
* هل لحكومة «مرسى» يد فى تحريك المشروع؟
- بالتأكيد لها يد، كما أن هشام قنديل رئيس الوزراء استدعانى منذ فترة، وعرضت عليه آخر تطورات المشروع، ولا بد فى النهاية أن يتدخل رئيس الجمهورية لتنظيم المشروع وحمايته لأنه ليس مشروعاً عادياً، ولا بد أن تكون له مواصفاته الخاصة جداً.
* فى ظل ارتفاع الأسعار والمستوى الاقتصادى السيئ.. هل ترى أن مصر تستطيع إنجاز مشروع ضخم كهذا؟
- هناك معادلة، لا بد أن نخرج من ضيق التكلفة إلى رحاب العائد، فأول شىء فى مثل هذه المشروعات، أن تكون مصر مسئولة عن البنية الأساسية، ولا بد أن تبدأ حتى يرى العالم أن هناك جدية فى المشروع، لكن ما ستنفقه مصر سيكون جزءاً من جزء من الاستثمارات، لأننا سنكون فى حاجة إلى بنية أساسية وطرق، لكن جميع الأنشطة التى ذكرتها ستكون من خلال رجال الأعمال أو بالشراكة مع القطاع الخاص الأجنبى أو الشركات العالمية، وأنا غير قلق من الوضع الاقتصادى الضعيف فى مصر، كما أن المشروع سيتم على سنوات كثيرة، كل ما نحتاج إليه الآن حتى تبدأ الشركات العالمية فى استثمار على ممر قناة السويس، أن نكوّن تكتلاً اقتصادياً عالمياً، ولا داعى للقلق من التكلفة، لأن كل ما يتطلبه المشروع من القطاع العام هو وضع حجر الأساس، حتى تشعر جميع الشركات العالمية بجدية المشروع، وهى التى ستنفق على المشروع بعد ذلك.
* ما حل أزمة انهيار الجنيه المصرى أمام الدولار؟
- جزء من الحل فى الاقتصاد والجزء الآخر معنوى، فإذا استطعنا أن نتعامل مع قدراتنا ونتعامل مع الموجود لدينا، والأصول التى نضعها للعالم، وعندما نجد أن العالم بدأ يهتم بنا، أعتقد أن هذا سيعطى روحاً معنوية أخرى لنا وللمتعاونين والمستثمرين.[Quote_2]
* هل توافق على الدعوة لعودة رجال الأعمال والتصالح معهم التى أطلقها رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك؟
- لا أستطيع أن أحكم عليها، لكن من يحكم عليها هم المتخصصون، وليس شرط عودة رجال الأعمال والتصالح معهم أن يفيد ذلك الاقتصاد المصرى، لأن الاقتصاد ليس أموالاً فقط، لكن الاقتصاد مجموعة متكاملة.
* وهل لدى الحكومة المصرية القدرة والقرار والإرادة لبدء مثل هذا المشروع؟
- الرغبة الحقيقية لا تأتى بمجرد التمنى، لكن بفكرة الإمكان ورأس المال الحقيقى، والانتظار ليس فى صالحنا، لا بد من تنفيذ المشروع على أسرع وجه، ولا خوف مما تردد حول وجود قطر فى الموضوع، لأننا نتعامل مع شركات ولا نتعامل مع دول، كما جاء من السفارة الهولندية ومن المعروف أن هولندا من الدول المتطورة جداً فى شئون المياه وتطوير الممرات التى تكون بجانب ممرات المياه، جاءوا لى وقالوا إنهم لا يتدخلون لكنهم يقدمون المساعدة، كما أن من يسيطر على اقتصاد العالم شركات وليس دولاً، حتى فى أمريكا الآن الذى يسيطر على الاقتصاد شركات، لدرجة أن أمريكا بدأت تهتم بالشركات وتدعمها حتى على المصالح الخارجية على حساب المصالح الوطنية، وهذا مسجل فى «الكونجرس».
كما أن هذا المشروع فرصة للنهوض بالاقتصاد المصرى، وتعاملنا سيكون عادلاً مع الكل، وخلال 3 أشهر ستظهر وثيقة لهذا المشروع، وهى وثيقة عابرة للحكومات، وستوجد شروط لأى دولة تريد المشاركة، وبالتأكيد ستكون هناك خطوط حمراء، وهى الأمن القومى المصرى.
يجب أن نرسل رسائل للعالم بأن مصر ستبدأ فى المشروع، لأن العالم لن ينتظرنا، لأنهم أصحاب مصالح، لو 75% من السفن التى تمر عبر قناة السويس تذهب إلى كيب تاون، بالتأكيد قناة السويس هى الأفضل لها، لأن الاقتصاد العالمى يفكر بطريقة أكثر تحضراً، وهى الخدمة الصناعية والتجميعية لمنتجاتهم، وإذا استطاعت مصر أن توفر لهم هذه الخدمة سيختلف وضع الاقتصاد المصرى عالمياً.
* هل ترى أن قناة السويس هى مخرج مصر من حالة الاقتصاد السيئة التى نعيش فيها؟
- بالتأكيد هى مخرجنا الحقيقى والأمثل فى ظل ظروف البلد الاقتصادية والسياسية السيئة، كما أن تغيرات الإدارة العالمية اختلفت، ولا بد أن تختلف وجهة النظر المصرية هى الأخرى، كما أن التجارة العالمية لا يجوز تطبيق التشريعات والقوانين العادية عليها، والعالم ما زال ينظر إلى قناة السويس باحتياج شديد. وأنا أؤكد أن مصر أرسلت رسائل رسمية وشعبية خاطئة، وكانت من ضمن الرسائل الخاطئة ما يحدث فى «العين السخنة»، الذى يجب أن ينتهى ويحدث الاستقرار، فـ«العين السخنة» هى 22 كيلومتراً مربعاً، فيها 3 كيلومترات مربعة هى التى عليها مشكلة مع «موانئ دبى»، ولكن لدينا 19 كيلومتراً لا بد أن يعاد تخطيطها، بينهم وبين المنطقة الصناعية، ولا بد أن تتنوع الشركات التى تدخل فى التطوير، سواء كانت وطنية أو غير وطنية، ولا بد أن نقول يجب ألا يغلق الميناء.
* دائماً ما نشيد بتجربة ماليزيا.. ما الاستفادة السياسية والاقتصادية التى حققناها منها؟
- أنا قابلت «مهاتير محمد» عندما جاء إلى مصر، وتحدثت معه عن مشروع تنمية قناة السويس، فقال اعلموا أن مشروع قناة السويس هو مشروع القرن بالنسبة لمصر اقتصادياً، والعالم أجمع سيستفيد منه، ومصر مقبلة على مشروع يساوى مشروع حفر قناة السويس من جديد، ومقبلة على ثورة اقتصادية حقيقية، ولا بد أن يتكاتف العالم لتطوير أنشطة قناة السويس.[Quote_3]
* ما التحديات الداخلية والخارجية لمشروع تطوير قناة السويس؟
- التحديات الخارجية إقليمية ودولية، مثلاً هناك مشروع «خط السكة الحديد الإسرائيلى»، الذى يقال إنه سيربط بين إيلات وأشتوت، والإعلام كلة تحدث عن هذا الخط قائلاً إنه سيأخذ السفن التى تمر من قناة السويس، ولكننى أقول إنه مهما أخذ هذا القطار ليلاً ونهاراً، فإنه لن يأخذ شيئاً من قناة السويس، لكن الفكرة أن إسرائيل ستقدم خدمات سياحية ومطاراً وصناعات، والمشروع الإسرائيلى سيأخذ أهم شىء لدينا، وهو الموقع، لا بد أن نستغل الموقع بأسرع ما يمكن، فمصر تعد الدولة رقم 90 من أصل 132 دولة فى مدى سهولة مرور البضائع عن طريقها، والعالم معترف بموقع مصر المميز، الذى يجب استغلاله، ومصر عضو فاعل فى منظومة النقل البحرى، لذلك يعد النقل البحرى هو الوجه الآخر للتنمية، وبعض الموانئ المصرية ترتيبها أعلى من موانئ أوروبية، وأهم نتائج الاقتصاد العالمى على المستوى الاستراتيجى الآن هو بدء التحرك القطبى فى مسارات التجارة العالمية، بعيداً عن الباسفيك والأطلنطى، ما سيعطى أهمية لموقع قناة السويس، كملتقى لحاويات العالم.