أفراح «الفراشة» تنافس قاعات الفنادق: «الجوازة دى مش لازم تتم»
نصبة فرح فى أرض خلاء
من «بلاها شبكة» إلى «بلاها مهر» إلى «بلاها فرح».. رحلة تقشُّف بدأها المصريون فى ظل الارتفاع الحاد فى الأسعار بفعل الدولار والضرائب الجديدة المضافة، كلٌّ يحاول تخفيض نفقات عيشته، قبل أن يتمرّد البعض على البند الأخير، معتبرين أن «بلاها فرح» تعنى «بلاها جواز من الأساس»، مقررين الاكتفاء بالحد الأدنى من التكلفة، واستبدال شوادر وأفراح الشوارع بتلك التى تُقام فى الفنادق، قبل أن يكتشفوا أن «زيد زى عبيد»، وأن أفراح الشوارع هى الأخرى طالها جنون الأسعار، لدرجة أن تكلفتها باتت تقارب، بل تزيد على تكلفة أفراح الفنادق.
«شكرى»: أقل فرح فى الشارع يتكلف 7 آلاف جنيه.. وصاحب فراشة: ممكن ما أكسبش كتير بس حرام أخسر.. وحرام الزبون يستلف علشان يعمل فرح
بين محال الفراشة فى منطقة حلمية الزيتون، تجول شكرى العجيلى، الرجل البسيط الذى يبحث لابنه عن فراشة رخيصة السعر تسمح له بإقامة فرحه فى الشارع، وفقاً للتكلفة المتاحة، الفرح ليس رفاهية من وجهة نظره، خصوصاً أنه لابنه الأصغر، مقرراً أن يفرح ويساوى بينه وبين أشقائه الذين سبقوه فى الزواج ولو بإقامة فرح على نطاق ضيق، قبل أن يكتشف الصدمة: «سمعت أرقام خيالية، كأنى باحجز فى فندق، المشكلة أن الفرح هيتعمل فى ترعة الجبل، يعنى مش محتاج غير كراسى وفراشة وأنوار، وأقل محل فراشة دخلته قال لى 7 آلاف جنيه، والمصحف كنت هاطب ساكت».
يهوّن الرجل الذى تخطى سن الستين على نفسه، يتذكر زيجات أبنائه الاثنين قبل 12 عاماً: «الاتنين الكبار جوزتهم وعملت لهم أفراح فى الشارع، الكرسى وقتها كان بـ2.50 جنيه، الفرح كله على بعضه ماكملش 200 جنيه، دلوقتى الكرسى الواحد بقى بـ25 جنيه غير الكسوة».
بضيق وحزن، استقبل الابن قرار الأب دون جدال، لم يجد بإمكانه حلاً سوى التنازل عن إقامة فرح فى شارعه لزيادة أسعار الأفراح الشعبية، يؤكد «محمد» الذى أتم عامه الـ25 أن أفراح الفنادق بهذه الطريقة أرخص: «حرام الأسعار تضرب كمان فراشات الغلابة اللى زينا، وكل ده على كام كرسى وأعمدة كهربا ملونة وخيمة متغطية على العرسان والمعازيم، حتى الفرحة بيحرمونا منها».
الزيادات التى ضربت سوق الفراشة وأثّرت على روادها من البسطاء ودفعت كثيرين إلى إلغاء احتفالاتهم، سواء فرح أو خطوبة أو شادر نجاح فى ثانوية عامة أو شادر لتوديع حجاج بيت الله الحرام، لم ينفِ محمد الشبح، صاحب فراشة تحمل الاسم نفسه، فى المطرية، أن تكلفتها قاربت على تكلفة أفراح الفنادق: «شادر الفرح ممكن يتقفل بـ30 ألف جنيه، وكل حاجة حسب شغلها»، «محمد» الذى ورث المحل عن والده ويعمل فيه منذ صغره يحاول تخفيض نفقات الحفلات المطلوبة إلى أقصى درجة: «باجى على نفسى كتير، بس كل حاجة غليت، القماش واللمض والمولدات والسولار وبنقلل مكسبنا، بس حرم علينا إننا نخسر، وأكيد مش هقول لزباينى اللى مش قادرين، استلفوا علشان تفرحوا».