بلاغات «للشهرة».. والنيابة العامة لا تعترف إلا بالقرائن والأدلة فقط
بحيرى - ناعوت
على الرغم من كفالة القانون لحق التبليغ عن الجرائم والأفعال التى توجب معاقبة مرتكبيها لكل المواطنين، فإنه يجرِّم أيضاً الإبلاغ الكاذب والكيدى الذى يكون بغرض الانتقام أو التشهير أو إحداث الضرر بالمبلَّغ ضده.
وفى كل الأحوال، فإن البلاغات التى تقدم للنائب العام تأخذ الشكل القانونى وتُدرج برقم فى سلسلة بلاغات طويلة تحت مسمى «عرائض»، حتى تصل فى النهاية للنيابة المختصة بالأمر للتحقيق فى وقائع البلاغ وإثباتها أو نفيها.
مواقع التواصل والفضائيات مصادر جديدة لبلاغات السب والتحريض و«الخيانة العظمى»
ولا تصل كل البلاغات المقدمة للنائب العام أو للنيابات بشكل مباشر مرحلة التحقيق فيها، إلا بعد ظهور بوادر جدية فى البلاغ المقدم، مع إرفاق المستندات والأدلة القاطعة على صحة ما ورد فيها من اتهامات بحق المبلغ ضده، وهو ما يوجب على المحقق الشروع فى التحقيق فيها، بعد أن تحال تلك البلاغات بدورها إلى النيابة المختصة من حيث النطاق المكانى لوقوع الجريمة أو محل إقامة أطراف الواقعة، وبعدها يبدأ التحقيق فى الوقائع باستدعاء المبلِّغ أولاً وسؤاله عن الاتهامات التى أوردها ضد المشكو فى حقه وعن الأدلة والبراهين التى من الممكن تقديمها لتدعيم موقفه.
«ناعوت» و«البحيرى» أبرز ضحايا هذه البلاغات والمحكمة حبستهما
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى والتكنولوجيا وتعدد القنوات الفضائية، بدأت بلاغات من نوع جديد تطرأ على الساحة القضائية، وهى تلك المتعلقة باتهامات السب والقذف والتشهير على شاشات الفضائيات وعلى مواقع الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وهو الأمر الذى زاد من أعداد البلاغات المقدمة، وأيضاً أصبحت الأدلة المقدمة بها جانب تكنولوجى كأسطوانة مدمجة «سى دى» يقدمها شخص تعرض للسب من المبلغ ضده مسجل عليها حلقة البرنامج أو المناسبة التى تعرض فيها للسب، فضلاً عن كروت الذاكرة «الميمورى» التى تحوى أيضاً مقاطع الفيديو وغيرها من الوسائل التكنولوجية، التى استدعت أيضاً ضرورة التأكد من هذه المحتويات بواسطة فنيين متخصصين فى هذا المجال لفحص مدى التلاعب فيها أو التعديل، بالإضافة أو الحذف، ليصبح المحتوى موصلاً للغاية التى قدم البلاغ من أجلها.
ولا تأخذ النيابة العامة كل تلك البلاغات على محمل الجدية إلا بوجود القرائن والأدلة التى تؤكد ما ورد بالبلاغات، وتشرع النيابة بعدها فى استدعاء المشكو فى حقهم وسؤالهم عن الاتهامات المسندة إليهم وتستدعى الشهود الذين يذكرهم المبلغ، وبعد ذلك تقرر فى ضوء ما خلصت إليه التحقيقات إما إحالة البلاغ إلى المحكمة المختصة سواء محكمة الجنايات أو الجنح، وتكون النيابة العامة هى الأمينة على الدعوى وتلعب دور محامى المجتمع الذى يطالب بتوقيع العقوبة على الجانى، إضافة لإعادة حقوق المجنى عليهم، أو أن تقوم النيابة بحفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة أو عدم ثبوت الاتهامات الواردة فى البلاغات. ويتعرض عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين خلال الفترة الأخيرة لكمية ليست بالقليلة من البلاغات التى تتهمهم باتهامات الخيانة والعمالة والتحريض على العنف والسب والقذف وازدراء الأديان، مقدمة من مواطنين عاديين أو من محامين مشهورين بتقديم البلاغات. وفى كثير من الأحيان تصل تلك البلاغات إلى المحكمة وتصدر فيها أحكام بالحبس، ومن بينهم الإعلاميان أحمد موسى ومصطفى بكرى اللذان قُدمت ضدهما بلاغات مؤخراً بتهمة الخيانة العظمى بسبب قضية «تيران وصنافير»، وأيضاً الكاتبة فاطمة ناعوت، التى صدر ضدها حكم بالحبس لمدة 3 سنوات بسبب ما كتبته على موقع «فيس بوك» عن ذبح الأضاحى واتهمت بازدراء الأديان العام الماضى، والباحث ومقدم البرامج إسلام بحيرى الذى صدر ضده حكم بالحبس بنفس التهمة.