«المدارس الخاصة» فى أسيوط: «بيزنس» المدارس مع محلات الملابس تحت اسم «الزى المدرسى» الجديد
ارتفاع أسعار الزى المدرسى والشنط يرهق الأهالى فى أسيوط
مع بداية كل عام دراسى، تبدأ الأسرة فى التجهيز لدخول المدارس، وأول ما يفكر فيه أولياء الأمور هو «الزى المدرسى» الجديد، الذى تحول إلى «بيزنس» أو «صفقة»، بين أصحاب محلات الملابس وأصحاب المدارس، حتى ارتفع سعر زى طلاب بعض المدارس الخاصة والتجريبية بمحافظة أسيوط إلى أسعار فلكية، تصل إلى أكثر من 1200 جنيه للطالب الواحد، وأجمع العديد من أولياء الأمور، لـ«الوطن»، على أن الزى المدرسى ما زال يشكل أزمة حقيقية تواجهها الأسرة المصرية كل عام، بسبب اتجاه معظم المدارس لتغيير الزى سنوياً، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من أولياء الأمور، مع أصحاب المصانع ومحال بيع الزى المدرسى.
«الوطن» تفتح ملف الزى المدرسى فى المدارس الخاصة، من خلال عدد من الأسئلة، أهمها: هل يسمح قانون وزارة التربية والتعليم لأصحاب المدارس الخاصة، بالتعاون مع شركائهم من أصحاب محلات الملابس، بفرض أسعار مبالغ فيها للزى المدرسى على أولياء الأمور، دون رقابة، أو تحديد السعر طبقاً لجودة المنتج ومكوناته؟ وما رد فعل أولياء الأمور الذين يتم إجبارهم على دفع مبالغ خيالية لشراء الزى المدرسى لأبنائهم؟
«ريمون نبيل»، ولى أمر تلميذين بإحدى المدارس الخاصة، قال إنه قام بشراء بعض ملابس الزى المدرسى للتلميذين بحوالى 2500 جنيه، مؤكداً تردى جودة الملابس، التى قد لا تتحمل حتى نهاية العام الدراسى الحالى، وبما لا يسمح بإمكانية استخدامها فى العام المقبل، إلى جانب مصاريف المدرسة الطائلة، والدروس التى تصل إلى 20 ألف جنيه للعام الدراسى الواحد.
وأضاف «فوزى حكيم»، مدرس إعدادى، أن الزى المدرسى هذا العام ارتفع ثمنه مقارنة بالأعوام السابقة، كما أن زى المدارس الخاصة واللغات ليس متوافراً بجميع المحلات، حيث إن هناك محلات بعينها تحتكر بيعه، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل لافت للنظر، وليس أمام أولياء الأمور غير الشراء بهذه الأسعار، التى يفرضها عليهم المحتكرون، فى غياب الرقابة والمتابعة من الأجهزة المعنية. وقالت ماجدة الكامل، موظفة بمصلحة الضرائب: «لدىّ 3 أبناء فى إحدى المدارس الخاصة، وبمراحل تعليمية مختلفة، ولازم أشترى الزى من محل بعينه»، وأضافت: «كنت باشترى كل عام طقمين لكل واحد، إلا أنه نتيجة لارتفاع الأسعار، لم أتمكن إلا من شراء طقم واحد»، مشيرة إلى أنه «كان يوجد محل يبيع بأسعار أرخص، فرفضت المدرسة، وحولتنا إلى محل بعينه، يبيع بأسعار أعلى، مما يؤكد وجود صفقة بين المحل وإدارة المدرسة، والمرتب لا يكفى لسداد جميع المصاريف»، وطالبت المسئولين بالتدخل لمنع هذا «التحكم المطلق» فى الأسعار، من قبل تلك المحلات.
كما أكد «عماد ألفونس»، أحد أولياء الأمور، أن «هذه الممارسات الاحتكارية تتم نتيجة بيزنس يتم بين إدارات المدارس الخاصة والتجريبية وأصحاب هذه المحلات»، مشيراً إلى أن «كل هذه الأمور تتم بتنسيق تام ومحكم بين المدارس الخاصة وأصحاب هذه المحلات، فلا يستطيع ولى الأمر تفصيل الزى فى مكان آخر، لأنهم يقومون باختيار أزياء ألوانها متداخلة مع بعضها، ووضع علامات محددة على الزى، لإجبار ولى الأمر على الشراء من المكان المذكور، لعدم توافر تلك العلامات فى الأسواق».
وذكر «خالد محمود» أنه «لا يحق لأى مدرسة التدخل فى مكان شراء الزى، أو إجبار ولى أمر على شرائه من مكان بعينه، بل يقتصر دورها طبقاً للقانون على اختيار الزى، مع ترك المنافسة للسوق بالنسبة للخامات والسعر، ولكن ما يتم فى أسيوط نوع من أنواع الفساد، الذى يتم على مرأى ومسمع من الجميع»، بينما قال «محمد البرى» إنه «لا بد من وجود قوانين رادعة لحماية الأسرة المصرية من هذا الابتزاز والاستغلال، مؤكداً أن الزى المدرسى أصبح يشكل عبئاً كبيراً على أولياء الأمور كل عام، وأضاف أنه «من العجيب أن هناك قرارات وزارية منظمة لتغيير الزى، وعدد السنوات التى يتم فيها التغيير، من أجل رفع المعاناة عن الأسرة، ولكن للأسف الوزارة تعيش فى غيبوبة»، مشيراً إلى أن بعض المدارس قامت بإجبار أولياء الأمور على شراء نوع معين من الزى المدرسى بمواصفات فى اللون ونوعية الأقمشة، لا تتوافر إلا فى مصنع واحد فقط، مما يضطر أولياء الأمور إلى الشراء منه.
من جانب آخر، قال «جرجس م»، بائع بأحد محلات الملابس، إن الأسعار ترتفع باستمرار كل عام، ويأتى الارتفاع هذا العام نظراً لغلاء أسعار الأقمشة، مشيراً إلى أن زى كل مدرسة يباع فى محلات بعينها، فهناك محلات يتوافر فيها الزى ولا يتوافر بأخرى، نافياً وجود احتكار لأى من المحلات لزى بعينه، مؤكداً أن «الجودة فى المنتج هى الفيصل فى كل شىء»، بحسب قوله.
وأكد مسئول بمديرية التربية والتعليم بأسيوط أن عملية تغيير الزى فى المدارس الخاصة ليست مطلقة لأصحاب المدارس، مشيراً إلى أن هناك تعليمات لأصحاب المدارس بمراعاة الظروف الاقتصادية للأسرة، وعدم تغيير الزى إلا فى أضيق الحدود، وفى ظل الاحتياج الفعلى، وطبقاً للقرارات الوزارية المنظمة لذلك، محذراً من أن «أى مدرسة لا تلتزم بتنفيذ القرارات الوزارية تواجه عقوبات كبيرة»، مشيراً إلى أن «سلبية أولياء الأمور ورضوخهم لجبروت أصحاب المدارس الخاصة، هما سبب ارتفاع المصاريف بهذه المدارس، وتغيير الزى كل عام، وبالتالى المديرية لا تستطيع أن تتخذ أى قرار، لعدم وجود دليل تحت يديها، أما فى حالة الإبلاغ، فيتم وقف كل هذه التجاوزات».
وذكر مصدر أمنى أن عدداً من الشكاوى تلقتها الأجهزة الأمنية، تتضمن تضرر بعض أولياء أمور طلاب إحدى المدارس الخاصة من قيام المدرسة بتغير الزى المدرسى، واحتكار بيعه وقصره على محلات بعينها، مما يشكل عبئاً مادياً عليهم، مشيراً إلى أن هذا يُعد مخالفاً لأحكام القانون رقم 163 لسنة 1950، والقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، وكذا قيام المحل القائم بالبيع بتحديد أسعار عالية، لعدم وجود منافسين آخرين له، ويجرى التحرى عن هذه الشكاوى والتعامل معها على الفور.