للكبار فقط .. سومة العاشق يحاور سومة العاشق
كلاهما يعشق، محمد مرسى يعشق الإخوان والسلطة، وعمرو الليثى يعشق الشو والإعلام، تلاقى عشقهما فى حوار فريد من نوعه، الليثى يسأل -أو هكذا يبدو- والرئيس يجيب -أو هكذا يدعى- والناس نياما، بعد لطعة استمرت قرابة 8 ساعات أمام «المحور».. تلك القناة الفضائية ذائعة الصيت «قبل الثورة» الفطيس «بعدها» والمملوكة لرجل الأعمال التعليمى الأسمنتى البارز حسن راتب، وفى قول آخر «حسن البنا راتب».[Image_2]
الحالة ليست فريدة، رئيس أى جمهورية عربية دائما ما يختار من يحاوره، لكن أن تورد الرئاسة المصرية فى معايير اختيار المذيع الذى يجرى الحوار أنه «الأكثر مهنية وحيادا والتزاما» فالأمر لا يعدو كونه ممارسة التضليل على أصوله، بهدف «الشىء لزوم الشىء» فالمقولة يجب أن تسبق وصف المحاور، للإيحاء النفسى لكل المشاهدين أن المحاور سيقطع بأسئلته من يحاوره، ويزنق عليه.
زنق الليثى على الرئيس مرسى بالفعل مرتين، أولاهما حين سأله عن الحارة المزنوقة بالفعل، وللحق لم يجب الرئيس من فرط زنقته، والثانية حين سأل الليثى عن قطر، وتطوع المونتير الذى قام بمونتاج الحوار بقطع الإجابة لاعتبارات عدة جميعها وليس كلها أنه أراد رفع الحرج عن الرئيس مرسى وإنقاذه من زنقة الليثى، ثانيتهما أنه -أى المونتير- استشعر أن الإجابة زى عدمها، من منطلق «لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم» فقرر أن يكتفى من الموضوع بالسؤال فحسب.
لا يغيب عن عاقل المصير الذى ينتظر مونتير حوار سومة العاشق ونظيره سومة العاشق؛ فأمامه خيار من ثلاثة وكلها واحد، إما: التنكيل، وإما الإقصاء وإما الانتقام، وفقا لمعايير الإخوان فى التعامل مع خصومهم، فى أفضل الأحوال سيكون حوار الرئيس آخر عهده بالمونتاج، سيحال بعدها للتقاعد، شاء أم أبى، قد يكون تقاعده فى جزيرة بعيدة كما فعل السلف الصالح أحمد شفيق، وقد يتقاعد تقاعد الحسينى أبوضيف ومحمد الجندى وغيرهما الكثير فى مقابر الصدقة.
الدروس المستفادة من الحوار الليثى، عفوا الليلى، مع الرئيس كثيرة لا تعد ولا تحصى، أولها «يا بخت من بكّانى وبكى علىّ ولا ضحكنى وضحك الناس علىّ» مستحواة مما قاله تامر أمين، زعيم مدرسة «المهنية والحياد»، كما تفهمهما الرئاسة؛ فقد استفز حوار الرئيس كل من تابعه، لدرجة أن تامر أمين نفسه علق على الحوار، باعتباره مواطنا قبل أن يكون إعلاميا مهنيا متمرسا فى هذا اللون من الحوارات الـ«وان واى» الذى حاول الليثى أن يقدمه وفشل فيه؛ إما لأنه لم يتعلم أو يأخذ خبرة سلفه أمين، وإما لأنه فى قرارة نفسه لا يقتنع بأداء هذا الدور مع شخص الرئيس مرسى «مستكترها عليه يعنى».. استأجر تامر «ساعة مصرية» ووجها للتعليق على حوار نظيره الإعلامى «الفت التت»، موجها كلامه إلى الليثى تارة: «انت خسرت من رصيدك الإعلامى»، وتارة إلى الرئيس بذات نفسه: «الشعب انتظر إجابات أخرى، وفى الآخر ما فهمناش حاجة وقولنا عروستى».
يتصور البعض أن ما يقال فى هذا السياق نفسنة من مذيعين طالما حلموا بلقاء الرئيس ومحاورته، لكنه حق يراد به باطل، فلا الحوار بقى حوارا ولا الرئيس بقى رئيسا ولا البلد «بقت لا مؤاخذة بلد»؛ لذا فالأمر كله على بعضه «طق حنك».. تسبب الحوار الليلى فى انطلاق عاصفة الهجوم صوب الرئيس ومحاوره، دون تدقيق فى المعانى التى تركها الليثى ومرسيه كخلاصة لحوارهما، بداية من موعد الحوار الذى أجله الرئيس حتى ينام الأطفال باعتباره -أى الحوار وتعليقات المصريين التى أعقبته- للكبار فقط، وصولا إلى الإجابات المبتورة التى قصد منها تنشيط ذكاء المشاهد باستكمال العبارات والإجابات المبتورة دون أن يتيح لهم الاختيار من متعدد، ما هو «أحمد.. يا عمر».