عمال «أسيك» للأسمنت بعد الفصل التعسفى: «خدونا لحم.. ورمونا عضم»
اجتماع العمال المفصولين
فى قرار وصفه عمال الشركة العربية السويسرية «أسيك» بـ«الصادم»، ودون سابق إنذار، وجهت الشركة إلى 74 من عمالها خطابات عن طريق البريد، تخطرهم من خلالها أن الشركة استغنت عن خدماتهم، لما تمر به شركة «أسيك» من أزمة مالية لا تمكنها من دفع أجور عمالها، «الوطن» حاورت العمال المفصولين فى مقر النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص للوقوف على التطورات الأخيرة للأزمة.
فصل 74 عاملاً بدون سابق إنذار.. «بدوى»: لو الشركة بتخسر مستعدين نشتغل ببلاش.. و«مجدى»: ولادى ميعرفوش يعنى إيه لحمة
بدوى جمعة، يعمل فنى لحام أول بالشركة، أكد أنه بدأ عمله فى شركة أسيك منذ 2006، حيث ظل على قوة الشركة ضمن العمالة المؤقتة لمدة عامين، لتقوم الشركة بعد ذلك بتعيينه على قوة مشروع أسمنت حلوان لمدة عامين آخرين، ثم عام ثالث، على قوة مشروع أسمنت القومية، وفى الأخير، ثلاثة أعوام على قوة أسمنت قنا، يقول «بدوى»: «من 2014 الشركة عملت حاجة اسمها إدارة العمرات، ودى إدارة جمعوا فيها كل المهن اللى موجودة فى الشركة عشان نكون مسئولين عن الصيانة فى أى موقع تابع لشركة أسيك، عشان نوفر بدل ما نجيب مقاول يعمل هو الكلام ده، وفضلنا على الوضع ده لحد ما اتفاجئنا من نحو 3 أسابيع إن فيه جوابات بتتبعتلنا بيبلغونا فيها إن احنا عقدنا انتهى فى الشركة ابتداء من 1 أغسطس، وكان السبب اللى مكتوب فى الجواب، إن احنا قاعدين فى البيت من 2014 وبناخد المرتب، وإن الشركة بتمر بأزمة مالية، ومش هتقدر تدفع مرتباتنا، بالرغم إن إحنا على قوة إدارة العمرات اللى هى بتبقى على وضع الاستعداد إنها تتحرك فى أى وقت لأى مكان فى موقع تابع للشركة، ومعانا الكارنيهات اللى تثبت ده».
وتابع «بدوى»: «طبعاً كل اللى جالهم جوابات طلعوا بعدها مباشرة على الإدارة وقابلنا ساعتها مدير الشئون القانونية الأستاذ ممدوح عبدالخالق، اللى رد علينا رد غريب ولقيناه بيشبه شركة أسيك بحجمها وتاريخها بالسوبر ماركت، وبيقولنا هو انتو لو عندكم سوبر ماركت وخلاص هيتقفل وكان فيه 3 عمال هتسيبوهم ولا هتمشوهم؟»، ويكمل «بدوى» حديثه متسائلاً: «طيب منين الشركة بتخسر ومنين هما جايبين عمالة جديدة وبيمشوا الناس اللى بقالها أكتر من 15 سنة فى الشركة؟»
رغم قرارات الفصل التى اتخذتها الإدارة بصورة مفاجئة، ورغم حالة الصدمة التى عاشها العمال، فإن رد فعل المفصولين كان نابعاً من ارتباطهم بهذه الشركة التى قضوا فيها عمرهم، ومن خوفهم على مستقبل أسرهم التى أصبحت «مشردة» على حد قولهم، يقول «بدوى»: «أنا واحد من الناس قلت للمستشار القانونى لو الشركة فعلاً بتخسر وانتوا بتمشونا عشان كده، احنا ممكن نستحمل شهر أو اتنين أو حتى خمس شهور من غير مرتب لحد ما الشركة تقف على رجليها تانى، بس للأسف قالنا كمان لو مش عاجبكم قدامكم المحاكم روحوا اشتكوا».
يعول «بدوى» أسرة مكونة من 4 أطفال وزوجة، بالإضافة إلى والدته التى تركها له والده بعد أن فارق الحياة منذ 10 أعوام، «أنا عندى إصابة فى رجلى وكنت قاعد سنة فى الجبس بسبب الشغل، وبالوضع اللى أنا فيه أظن مش هلاقى حاجة أعرف أشتغلها عشان أصرف على عيالى غير إنى أبيع مخدرات أو أسرق، لأن من ساعة ما قعدنا وأنا مش لاقى أصرف ومقضيها شحاتة»، ويكمل بدوى حديثه: «الغريب إن إحنا فى 25 يناير اللى كنا بنحرس الشركة وكانت الخزن بتاعة الشركة فيها فلوس، وبعد ده كله وبعد 13 سنة ليَّا فى الشركة ييجوا بين يوم وليلة يقولوا لنا امشوا؟».
من جانبه، يقول مجدى عبدالمحسن، الرجل الخمسينى الذى كسا الشعر الأبيض رأسه ولحيته، والذى أتى مقبلاً من محافظة المنوفية إلى نقابته ليبحث عن حل: «أنا دلوقتى راجل كبير عمرى عدى الخمسين سنة وبعول 6 أفراد، ولما أتفصل فصل تعسفى زى كده بدون وجه حق، وبدون سابق إنذار هصرف على بيتى منين وإزاى؟ وبعدين أنا معملتش حاجة عشان أتفصل، بالعكس أنا بقالى 16 سنة فى الشركة مشرف أمن صناعى وشايف شغلى على أكمل وجه بشهادة الناس كلها، وأظن من أبسط حقوقى إنى أرجع شغلى تانى».
وأضاف «مجدى»: «الشركة بقالها فترة مقعدانى فى البيت على قوة توزيع، وبيدونى القبض الأساسى بس اللى هو 2000 جنيه، ودلوقتى زى ما انت عارف كل حاجة أسعارها ارتفعت بشكل جنونى، سواء بقى أسعار الكتب أو أسعار ملابس الأطفال أو حتى أسعار الأكل، يعنى أنا كنت مدخر لبناتى مبلغ تحسباً للظروف ولجهاز بنتى الكبيرة وفضلت أسحب من الفلوس دية لحد ما اتصرفت كلها ودلوقتى وصلت لمرحلة إنى بقيت أستلف فلوس عشان أكمل مصاريف العيال، وبعد ده كله جايين يفصلونى خالص ويرمونى فى الشارع من غير حتى مكافأة نهاية خدمة».
وتابع: «أنا مش عارف هما عايزين يحولونا لإيه بالظبط، يعنى أنا جالى السكر والضغط وانزلاق غضروفى من شغلى فى الشركة، مين دلوقتى بعد ما اتفصلت هيرضى يشغل حد عنده الأمراض دية كلها، وبعدين أنا ولادى ما يعرفوش يعنى إيه لحمة، كل فين وفين لما نجيبها مرة، وبالرغم من كده راضيين وعايشين، ييجوا هما بقى يقطعوا عننا مصدر رزقنا الوحيد؟! طيب أنا ولادى دول هأمن لهم مستقبلهم إزاى ولا هجهز بنتى اللى على وش جواز دية إزاى؟».
ويقول خالد محمد، فنى الصيانة الميكانيكية بالشركة، الذى يعمل بها منذ 1997: «بعد 20 سنة شغل فى الشركة رمونى فى الشارع بعد ما بقى عمرى خمسين سنة، والعقل بيقول إن أنا لو رُحت لأى صاحب شغل دلوقتى عشان أشتغل استحالة يرضى يشغلنى وأنا فى سنى ده، وبالتالى كده أنا اتشردت أنا وعيالى الأربعة، ده غير إن احنا الأسمنت عدمنا، عارف يعنى إيه بنى آدم يقعد 20 سنة مرمى فى طواحين أسمنت وتراب وقرف، أكيد الموضوع هيبقى منتهى، احنا معظمنا مرضى كلى وكبد ده غير الأمراض التانية، وييجوا هما بقى بعد ده كله يفصلونا حتى من غير ما يدونا حقنا عن عمرنا اللى ضاع معاهم».
وأضاف «خالد»: «لما رُحنا نتكلم معاهم المستشار القانونى بتاع الشركة سب لنا الدين، وقالنا لو الواحد فيكو ليه عندى 10 آلاف جنيه أنا مستعد أصرف قصاده مليون وبرضه مش هديله حاجة»، متابعاً: «صاحب الشركة طالع فى التليفزيون يقول إن أقل عامل عنده فى الشركة بيقبض 3000 جنيه، وأنا آهو واحد من الناس اللى عنده وبقالى 20 سنة فى الشركة ومرتبى 1800 جنيه، وبرضه كنا راضيين ويا ريته تمر فيهم».
لم يختلف «محمد إبراهيم»، الذى يعمل براد صيانة بالشركة عن بقية زملائه، من حيث خطابات الفصل التى وصلتهم عن طريق البريد، إلا أنه كان من أصحاب الأمراض الذين كانوا ضحية العمل وسط أتربة الأسمنت لأعوام طويلة، يقول: «أنا شغال فى الشركة من سنة 2002، وكنت داخل الشركة سليم وماكانش فيَّا أى مرض ومعايا اللى يثبت ده، ودلوقتى بقى عندى تليف كبدى من الدرجة الرابعة، وأنا مش لوحدى اللى كده فيه ناس كتير جداً جالها أمراض بسبب الأسمنت، وهتلاقى اللى عنده الكلى وفيه اللى عنده الكبد وفيه اللى جاله تحجر رئوى وفيه اللى جاله أمراض جلدية وفيه اللى مركب شريحة واللى مركب مسمار وكل ده ناتج عن أضرار الأسمنت».
وأضاف «إبراهيم»: «أنا ماشى على علاج شهرى وغالى جداً مش عارف دلوقتى بعد ما بقيت فى الشارع هجيبه منين ولا هعمل إيه، يعنى هما خدونا واحنا لسة شباب صغيرين عشان نزق عجلة الإنتاج ونشتغل ونتعب ونخش الأفران والسخونية والحرارة وييجوا فى الآخر يرمونا فى الشارع بشكل لا يرضى ربنا ولا يرضى حد».