مصرفيون: إضافة اليوان الصينى لـ«سلة العملات» يقلل الطلب على الدولار.. وتوقعات بإدراجه ضمن مكونات الاحتياطى النقدى
ضم «اليوان» الصينى إلى سلة العملات يعزز التعامل به على المستوى العالمى والمحلى
قالت مصادر مصرفية مسئولة إن إضافة اليوان الصينى إلى سلة العملات العالمية بصندوق النقد الدولى لن تمثل إضافة كبيرة إلى الأسواق المحلية إلا باعتباره يضيف عامل التنوع لسلة العملات، لتشمل عملة خامسة تضاف إلى الدولار الأمريكى واليورو والين اليابانى والجنيه الإسترلينى، مكونات سلة عملات حقوق السحب الخاصة.
وأضافت المصادر أن إضافة اليوان إلى سلة عملات حقوق السحب الخاصة كان لا بد منه باعتبار الصين ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، لافتة إلى أن التأثير المنتظر لإضافة اليوان إلى سلة العملات العالمية يتمثل فى تقليل الطلب على الدولار، وإضافة اليوان كمكون للاحتياطيات الأجنبية لدى الدول.
وأوضحت أن هذه الخطوة فى حد ذاتها لا تحل أزمة نقص العملات الصعبة فى مصر، لأن نقصها يرتبط بعجز ميزان المدفوعات المصرى لصالح الدول الأخرى، وبالتالى ليس لدى مصر موارد إضافية تساعدها فى الحصول على اليوان أو العملات الأخرى، والحل هو تعزيز الصادرات المختلفة وعودة السياحة وزيادة الاستثمار المباشر.
«النقد الدولى»: نتوقع زيادة تداول العملة الصينية وتقليل الطلب على الدولار عالمياً
وقال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، لـ«الوطن» إن إدراج اليوان الصينى لسلة العملات لن تكون له تداعيات على الاقتصاد المصرى، وما تخيله البعض بأن مصر ستتعامل باليوان «من بكرة الصبح» بدلاً من الدولار غير صحيح، ولكن سيكون لليوان وزن نسبى كمكون لوحدات حقوق السحب الخاصة، وبالتالى يمكن إدراجه كأحد مكونات الاحتياطى النقدى الأجنبى، وذلك يقف عند مدى الرغبة فى التعامل بالعملة الصينية.
واعتبرت الدكتورة هالة السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن وحدات حقوق السحب الخاصة عبارة عن أصل احتياطى دولى تم تدشينه عام 1969، وهو مكمل للاحتياطيات الرسمية وخاص بالدول الأعضاء، لافتة إلى أنه منذ إضافة اليورو عام 1999، فإنه يتم ولأول مرة إضافة عملة جديدة إلى سلة حقوق السحب الخاصة، وهى اليوان الصينى، مؤكدة أن ذلك إضافة مهمة للصين والنظام النقدى بشكل عام.
وتابعت «هالة» لـ«الوطن» أن تلك الإضافة تزيد من تنوع مكونات سلة العملات المكونة للاحتياطيات الدولية وتكون أكثر تمثيلاً لعملات دول العالم فى سلة العملات، خاصة أن الصين تعد ثانى أكبر شريك تجارى وعملت حزمة من الإجراءات الإصلاحية فى البنية التحتية المالية لديها، وأصبحت تمثل 16% من حجم التجارة العالمية بالإضافة إلى أنها تخطط لتستحوذ على 30% من التجارة العالمية فى 2018.
وأضافت «هالة» أن ضم اليوان الصينى إلى سلة العملات يعزز التعامل به على المستويين العالمى والمحلى، خاصة أن الصين من أبرز شركاء مصر التجاريين، ومن الوارد أن يتم ضمه لمكونات الاحتياطى النقدى الأجنبى، لافتة إلى أن استخدامه سيقلص الضغط على الدولار، لكن يحل مشكلة توافر العملة الصعبة بشكل عام. وشددت على أهمية أن تكون لدى مصر استراتيجية متكاملة وواضحة لزيادة صادراتها فى إطار العمل على ترشيد الاستيراد وتنمية موارد العملة الصعبة الأخرى لتقليص عجز ميزان المدفوعات.
كان كل من مدير إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة بصندوق النقد الدولى «سيدارث تيوارى» ومدير إدارة المالية بالصندوق «أندرو تويدى»، قد نشرا على الموقع الإلكترونى للصندوق تصريحات مفادها أن «إدراج اليوان علامة مهمة على مسار اندماج الاقتصاد الصينى فى النظام المالى العالمى»، ويأتى قرار الصندوق باعتبار اليوان عملة قابلة للاستخدام الحر انعكاساً لتوسع الدور الذى تقوم به الصين فى التجارة العالمية والزيادة الكبيرة فى استخدام اليوان وتداوله على المستوى الدولى.
مصادر: التأثير فى مصر سيكون محدوداً.. و«حسن»: لن يغنى عن الدولار.. و«السعيد» حل أزمة العملة زيادة الموارد وترشيد الاستيراد
وأضاف المسئولان أن هذه الخطوة إقرار بـ«التقدم الذى تحقق فى الإصلاحات التى تجريها الصين فى النظام النقدى ونظام سعر الصرف والنظام المالى»، واعتراف «بإنجازاتها فى تحرير الأسواق المالية وإدماجها فى الاقتصاد العالمى وتحسين بنيتها التحتية»، وتوقعا «أن يؤدى إدراج اليوان فى سلة حقوق السحب الخاصة إلى مزيد من الدعم لاستخدامه وتداوله المتناميين بالفعل على الصعيد الدولى»، وأوضحا أنه عادة ما يحقق مُصدِرو عملات الاحتياطى مستويات عالية من الشفافية، رغم أن الإفصاح عن البيانات لا يمثل معياراً رسمياً لإدراج العملات فى سلة حقوق السحب الخاصة، وأن السلطات الصينية اتخذت مؤخراً خطوات جديرة بالترحيب لزيادة الإفصاح عن البيانات وتعزيز التزامها بمبادرات البيانات متعددة الأطراف، مثل إبلاغ الصندوق بتكوين عملات احتياطياتها، وتواصل السلطات الصينية العمل مع بنك التسويات الدولية أيضاً بشأن إعداد إحصاءات القطاع المصرفى الصينى، وستؤدى هذه التطورات إلى زيادة قبول اليوان لدى الحائزين الرسميين لاحتياطيات النقد الأجنبى.
وحول معايير الإدراج فى سلة حقوق السحب الخاصة، قال «تويدى» أن هناك معيارين رئيسيين لإدراج أى عملة فى سلة حقوق السحب الخاصة، الأول هو معيار الصادرات الذى يتطلب أن تكون عملات السلة صادرة من أكبر البلدان المصدِّرة فى العالم. ويمثل هذا جزءاً من منهجية حقوق السحب الخاصة منذ سبعينات القرن الماضى ويهدف إلى ضمان أن تكون العملات المؤهلة للإدراج فى السلة هى الصادرة عن بلدان أعضاء أو اتحادات نقدية تساهم بدور مركزى فى الاقتصاد العالمى.
أما المعيار الثانى، فهو اشتراط أن يقرر الصندوق اعتبار العملة المعنية «قابلة للاستخدام الحر» - أى واسعة الاستخدام فى أداء مدفوعات المعاملات الدولية وواسعة التداول فى البورصات الرئيسية. وقد أصبح هذا المعيار جزءاً من منهجية حقوق السحب الخاصة فى عام 2000 لمراعاة أهمية المعاملات الدولية فى الاقتصاد العالمى.
وعن التأثير المتوقع لإضافة اليوان على النظام النقدى الدولى، قال «تيوارى» إن هناك عدة منافع تعود على النظام النقدى الدولى، أولاً، إدراج اليوان فى سلة حقوق السحب الخاصة يعزز عملية تدويله، ويفرض تدويل العملات اشتراطات قوية على أسواقها ومؤسساتها، وتوضح التجربة أن من هذه العوامل إنشاء أسواق مالية عميقة، وتحقيق درجة أكبر من الانفتاح فى الحساب الرأسمالى، وتحقيق نتائج اقتصادية كلية يمكن التنبؤ بها، وإيجاد مؤسسات قوية وموثوقة، وتأمين نزاهة الأسواق - بإرساء حكم القانون على نحو يعتد به، على سبيل المثال. وهكذا، فمن خلال تدعيم وتقوية عملية تدويل اليوان يمكن المساعدة فى تقوية الاقتصاد الصينى، ومن ثم الاقتصاد العالمى، وثانياً، فإن إدراج اليوان فى سلة حقوق السحب الخاصة يؤدى إلى زيادة جاذبيته كأصل احتياطى دولى، مما سيساعد فى تنويع الأصول الاحتياطية العالمية.
وأشار إلى أن إدراج اليوان ليس علامة مهمة فى مسيرة الصين فقط، بل فى مسيرة حقوق السحب الخاصة ذاتها. فهذه أول مرة تضاف فيها عملة جديدة إلى السلة منذ أن حل اليورو محل الفرنك الفرنسى والمارك الألمانى فى 1999. وضم اليوان يزيد من تنوع سلة حقوق السحب الخاصة ويجعل تكوينها أكثر تمثيلاً للعملات الرئيسية فى العالم، ولذلك فمن المتوقع أن تؤدى هذه الخطوة إلى زيادة جاذبية حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطى دولى. وأكد أن اعتبار اليوان عملة قابلة للاستخدام الحر يغير ما للصين من حقوق والتزامات تجاه الصندوق وينطوى على انعكاسات مهمة بالنسبة لعمليات الصندوق المالية، فعند اختيار مُصْدرى العملات القابلة للاستخدام الحر للمشاركة فى معاملات الصندوق، يُتوقع منهم تقديم عملاتهم فى عمليات الشراء (أى الإقراض الذى يقدمه الصندوق)، وتلقيها من المقترضين فى عمليات إعادة الشراء (أى السداد للصندوق). ويعنى هذا أنه عند اختيار الصين للمشاركة فى هذه المعاملات، سيحصل البلد المقترض على قرضه بالعملة الصينية ويُتوقع منه السداد بها. وإذا طلب المقترضون إلى الصين تحويل اليوان إلى أى عملة أخرى قابلة للاستخدام الحر، ستكون الصين ملزمة بأن تتعاون وتبذل قصارى جهدها للمساعدة فى تحويل عملتها إلى عملة أخرى قابلة للاستخدام الحر، مثلما هو الحال مع غيرها من مُصْدرى هذه العملات، وفى المقابل، حين يقوم أعضاء آخرون لم يتقرر أن عملاتهم قابلة للاستخدام الحر بتقديم موارد فى عمليات الصندوق المالية، يكونون ملزمين بتحويل عملاتهم إلى عملة قابلة للاستخدام الحر.
وأضاف أنه ينبغى أن يكون لعملات السلة أسعار صرف مناسبة لأغراض تقييم حقوق السحب الخاصة، وأن يكون لها سعر فائدة مرجعى مناسب. وينبغى أن يتاح للبلدان الأعضاء فى الصندوق ووكلائها وغيرها من حائزى حقوق السحب الخاصة الحصول على أدوات مقومة بعملات قابلة للاستخدام الحر لأغراض إدارة الاحتياطيات والتحوط للمخاطر.