حكايات من «بيوت المغتربات»: وحشتنا اللمة.. والأكل أصعب مشاكلنا
معاناة شديدة تعيشها الطالبات المغتربات فى السكن الجامعى والخاص «صورة أرشيفية»
فرحة «ولاء» بقبول رغبتها الأولى فى الالتحاق بكلية الهندسة كانت منقوصة، فكيف يتسنى لها إقناع والدها «الصعيدى» بالعيش بمفردها فى القاهرة، وبعد تفكير طويل هداها تفكيرها إلى اللجوء لأعمامها، وشرح الأمر لهم لمساعدتها فى إقناع الوالد.
غادرت ولاء أحمد، محافظتها التى لم تفارقها طيلة عمرها، والتحقت بكلية الهندسة وعاشت حياة لم تكن صعبة عليها، فهى شخصية اجتماعية، تهوى السفر والاعتماد على النفس. عاشت فى شقة تجمع عدداً من الفتيات المغتربات، حيث كانت تأخذ حذرها فى أول أسبوعين من إقامتها لحين التأكد من أخلاق وطباع جيرانها فى الشقة، ثم تنفتح عليهم، وتمارس هوايتها فى الطبخ.
«ولاء» عانت لإقناع والدها الصعيدى بالالتحاق بكلية الهندسة والعيش بمفردها فى القاهرة و«فاطمة» مكبلة بالالتزامات المادية ومستاءة من قلة التجهيزات فى السكن الطلابى
على العكس من «ولاء» كانت تجربة فاطمة أشرف، الطالبة فى كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، فبالرغم من تشجيع والديها لها لمغادرة محافظة المنوفية، والانتقال إلى القاهرة لاستكمال تعليمها، جاء الرفض منها فى بداية الأمر، فكيف لها أن تعيش فى بيت طالبات وتنام وحدها وتختلط مع الآخرين، إلى أن رضخت للأمر الواقع على مضض. التحقت «فاطمة» ببيت طالبات فى شارع السودان، يبعد نحو ربع ساعة عن مقر كليتها فى الجيزة، لكنه يعانى من قلة الخدمات والقدم الشديد، ولا يتسنى لـ«فاطمة» أن تطبخ أو تحضر وجبات من بيت أسرتها لعدم وجود بوتاجاز أو ثلاجة أو أى تجهيزات فى الغرفة، بل كان مشرفو البيت يجبرون الطالبات على عدم اصطحاب غلاية بالكهرباء فى الغرفة أو استخدام أكثر من «فيشة» ترشيداً للنفقات. التزامات مادية كبيرة تتحملها «فاطمة» أيضاً للإقامة فى بيت الطالبات، حيث تدفع سنوياً 2250 جنيهاً، يضاف إليها 150 جنيهاً شهرياً نظير الأكل والسكن وخلافه. أما «فاطمة أحمد»، فكانت ترفض السكن فى شقة مغتربات أو مدينة خاصة منذ أن التحقت بكلية العلوم جامعة الأزهر، لعدم توافر الأمان وغلاء الإيجارات، لكنها اضطرت لذلك فى السنة الأولى لها فى الكلية لتأخرها فى تقديم أوراقها للمدينة الجامعية الخاصة بجامعة الأزهر، وواجهت تحديات عديدة منها الاعتماد على النفس، وحسن التصرف مع جيرانها فى السكن، الأمور التى لم تكن تتخيل أن تتحلى بها وهى تعيش فى بيت أسرتها.
معاناة «فاطمة» فى السكن الخاص جعلها تقرر الالتحاق بالمدينة الجامعية فى باقى سنوات الدراسة، لتصطدم بمشكلة أخرى تعيشها الآن، فالدراسة بدأت ولا تزال المدينة الجامعية مغلقة، وهى لا تعرف ماذا تفعل؟ هل تنتظر إلى أن يتضح لها الموقف، أم تكرر تجربة السكن الخاص المؤلمة؟!