مؤسس فرقة «999»: دربت شقيق عبدالناصر ولم يحظ بأى ميزة لكونه شقيق الرئيس
اللواء نبيل أبوالنجا، مؤسس فرقة الـ999 بالصاعقة المصرية،
«تعلمت كيف يولد الإنسان بطلاً رغم كل الانكسارات، وأن الانتصارات مقبلة لا محالة».. بهذه الكلمات الحماسية اختصر اللواء نبيل أبوالنجا، مؤسس فرقة الـ999 بالصاعقة المصرية، درسه المستفاد الأكبر من حرب أكتوبر، مشيراً إلى أن جنود الصاعقة كانوا يتنافسون خلال حرب الاستنزاف على المشاركة فى العمليات الانتحارية، ويتباهون بعدد مرات عبورهم القناة لمواجهة العدو.
اللواء نبيل أبوالنجا يروى لـ«الوطن» ذكرياته مع معارك الاستنزاف: كنا نتسابق على العمليات الانتحارية
وروى مؤسس الفرقة الأشهر فى الصاعقة، فى حواره مع «الوطن» ذكرياته عن معارك الاستنزاف وحرب أكتوبر، وموقعة الكمين أو «المهمة المستحيلة» كما وصفها القادة العسكريون، التى كتب عبرها اسمه فى سجلات أبطال مصر. وإلى نص الحوار:
■ الحديث عن نصر أكتوبر، يستدعى أولاً الحديث عن نكسة 5 يونيو 1967، كيف ترى هذه الفترة العصيبة؟
- النكسة كانت ضربة قاصمة كادت تقضى على شعب وجيش مصر، ولكن نتيجة الإرادة والعزيمة القوية استطعنا أن نتغلب على الصعاب، ورجال القوات المسلحة قبلوا التحدى وكانوا يفضلون الموت على الحياة مع الهزيمة، لذا أقسمنا ألا نعود إلا بعد استرداد الأرض والعرض وتطهير الوطن من تدنيس اليهود لأرضه، وكلنا لم نرغب فى الحصول على إجازة إلا بعد تحقيق الانتصار، حتى إن أمى ذهبت للفريق سعد الدين الشاذلى لتشتكى أنها لم ترنى لمدة 18 شهراً، فعاقبنى بالجزاء، وقال لى إن «أمى هى الوطن الأكبر»، وخلال فترة معارك الاستنزاف التى بدأها الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، كان لدينا ضعف إمكانيات، ولكننا تعلمنا معانى الوطنية والتضحية، حتى إن شقيق ناصر الملازم طارق عبدالناصر حسين كان تحت قيادتى، ولكنه لم يطلب فى يوم ميزة له، وكان أقل واحد فينا، وأكثرنا تواضعاً، وكنا كلنا نتسابق على العمليات الانتحارية لنيل الشهادة. كما كنا نتسابق خلال فترة البطل العظيم أنور السادات، للحصول على نوط العبور.
■ وما نوط العبور؟
- هو نوط الشرف بالنسبة لأى جندى ويأخذه بناء على عدد مرات عبور قناة السويس للمشاركة فى العمليات ضد جنود الاحتلال، وكنا نضعه على الجانب الأيسر من الصدر، ونتصارع على من يمكنه أن يتفوق على الآخر فى مرات العبور، ورغم قلة الإمكانيات فى ذلك الوقت لدرجة أن هناك بعض الناس كان تسليحها عبارة عن «شومة» لعدم وجود أسلحة، لكن الرئيس جمال عبدالناصر قال إن المهم هو العزيمة والقوة والإصرار، وأتمنى أن تعود هذه المشاعر الجميلة، وأتذكر عندما كنا فى التدريب كنا نقوم بخلع الرتب حتى يكون المجند والقائد سواء ولا ميزة أو تفضيل لأحد منا وكنا نتصارع على أن نفدى بعضنا بأرواحنا.
■ رجال الصاعقة كانوا قوة النخبة من الجيش فكيف كان يتم اختيار عناصرها؟
- أتذكر الرقيب «سارى» وهو نموذج رائع لرجال الصاعقة وأحد أبناء «إسنا» من الصعيد، وكنت أفضل أن أجمع كل أفراد وحدتى من الصعايدة لأنهم رجالة، وأتذكر أن أول شهيد فى وحدة الصاعقة بعد النكسة هو دفعتى الملازم سامى وديع ميخائيل فى موقعة رأس العش وبعد الخسائر التى حصلت عدنا إلى أنشاص كان ممسكاً بقنبلتين فى يده وأثناء التدريب رمى واحدة وكانت الأخرى فى يده وتعثر فى الأرض وسقط بالقنبلة فانفجرت فيه، وتدريباتنا لم تكن سهلة وكنا نخسر فيها زملاء كثراً.
■ وكيف كانت لحظات الانتصار فى حرب أكتوبر؟
- تحملنا العديد من الإهانات، وكان الصبر مفتاح النصر والعزيمة والقوة، وكان الجنود اليهود يسخرون من الجيش المصرى ويتساءلون مستهزئين: أنتم مش هتحاربونا ولا إيه؟
ولكن كان لدينا الحماس ولم نفقد الأمل فى النصر رغم طول الانتظار للحظة الصفر، لدرجة أنه بعد الانتصار العظيم أصبح شعارنا فى 1973 «جيش الدفاع الإسرائيلى الذى لا يُقهر إلا من مصر»، وبدأ اليهود يسمونه السبت الحزين لما أصابهم من ذهول ويأس من قدرة الجيش المصرى وعزيمته على الانتصار، ولم ولن ينسى أى إسرائيلى حرب 1973 وبسالة أبناء وكل جندى فى هذا الجيش العظيم الذى يعد واحداً من أعظم جيوش العالم.
■ كيف جاء تأسيس الفرقة 999؟
- قمت بتأسيس الفرقة 999 لكى تقوم بمهام صعبة، وتعد هذه الفرقة أقوى فى تخصصها من الـ777، حيث إن الأخيرة تهدف لتحرير بعض الأماكن التى يتم السيطرة عليها من جانب الإرهابيين، أما وحدة الـ999 فلها مهام أخرى أكبر وأعمق بكثير، ولى الشرف أننى قمت بتأسيسها.
وأؤكد أن رجال الصاعقة عناصر غير اعتيادية داخل صفوف الجيش، فهم عناصر مميزة بلا شك، وبالرغم من أننى تركت الجيش منذ أكثر من 20 سنة، وتركت الصاعقة منذ 30 سنة، فإن كل أولادى فى الصاعقة على اتصال دائم بى، لدرجة أننى أجد «تورتة عيد ميلادى» تُرسل إلى بيتى فى كل عام، وهذا دليل على المحبة والوفاء فيما بيننا، ومنهم اللواء أحمد نعيم واللواء مراد موافى واللواء مصطفى أبوالوفا، فالحب والصداقة والروح الطيبة هى التى تبقى بعد هذا المشوار الحافل.
وأتمنى أن يحصل كل مصرى على فرقة صاعقة، بل إننى ناديت بهذا الأمر فى كل لقاءاتى الإعلامية، فهو يتعلم حب الوطن ويقدر ترابه والانتماء لله ومن بعده الوطن دون فصيل أو جماعة أو حزب.
■ ماذا عن كتابك «رحلة إلى جهنم» الذى حصلت من خلاله على جائزة الدولة التشجيعية؟
- «رحلة إلى جهنم» هو اسم الكتاب الذى سجلت فيه رحلتى من خلال 203 صفحات، وقد اعتكفت على كتابته وحتى الانتهاء منه فى 7 ساعات فقط.
ويحكى الكتاب كيف قمنا بالسير فى صحراء سيناء 70 كيلومتراً خلف خطوط العدو؛ لتوصيل المؤن والذخائر لإحدى الوحدات فى رأس سدر، وكيف اخترقنا خطوط العدو باستخدام الجمال التى حملت المؤن والذخيرة، بعد فشل محاولتين.