«القاهرة» و«الرياض» مفترق طرق فى علاقة استراتيجية
السيسي وسلمان
«السعودية شعباً وحكومةً تقف مع مصر ضد الإرهاب والفتنة والضلال، وتجاه كل مَن يحاول المساس بشئونها الداخلية وعزمها وقوتها وحقها الشرعى لردع كل عابث ومضلل».. بهذه الكلمات عبَّر العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن موقف بلاده من ثورة 30 يونيو، ليصبح أول قائد عربى وعالمى يعلن تأييده صراحة للإطاحة بنظام الإخوان من الحكم فى مصر.
من الملك «عبدالله» إلى «سلمان».. السعودية أداء متذبذب
آنذاك، كان الدعم السعودى الموجَّه إلى مصر غير مشروط، فقط تحكمه علاقات الأخوة والود بين البلدين، لم تكن هناك شروط لحصول مصر على الدعم السعودى، لا بضمان التزامات معينة ولا بضمان التزام سياسات المملكة فى القضايا الإقليمية المختلفة. مع وفاة الملك عبدالله، تباينت التكهنات حول نوايا الملك سلمان بن عبدالعزيز تجاه مصر، ولكن سرعان ما تبددت شائعات الخلاف بإعلان اتفاقيات مشتركة كبيرة بين البلدين، إلا أن تلك الاتفاقيات دوماً ما كانت تتضمن التزامات أو شروطاً غير مباشرة، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمة اليمنية أو الوضع المتأزم فى سوريا، حتى بات البعض يتهم الحكومة المصرية بأنها تتبنى وجهات نظر المملكة السعودية فى القضايا الإقليمية بغض النظر عن المصالح السياسية والإقليمية المصرية. ورغم تلك الاتهامات، فإن القرار المصرى الأخير بتأييد مشروع القرار الروسى بشأن «حلب»، الذى جاء خلافاً للموقف السعودى، جاء ليثبت أن مصر مستقلة فى قرارها ولا يمكن الضغط عليها أو إجبارها على سياسات معينة. تاريخ الخلاف بين البلدين ليس وليد اللحظة، حيث إن الأزمة تفجَّرت بالفعل بسبب تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسى، ولكن الحقيقة هى أن أزمة خافتة تلوح فى الأفق بين البلدين منذ عدة أشهر، بسبب الخلاف فى عدد من القضايا الإقليمية على رأسها اليمن الذى رفضت مصر التورط فيه، إضافة إلى الخلاف حول الموقف المصرى فيما يتعلق بالإطاحة بنظام الرئيس السورى بشار الأسد باستخدام الحلول العسكرية، وهو ما يراه خبراء ودبلوماسيون على أنه بداية لمرحلة جديدة فى تاريخ العلاقات بين البلدين، تثبت أن القرار المصرى مستقل لا يخضع لشروط أو ضغوط خارجية، وإنما يهدف إلى الحفاظ على المصالح المصرية فى المقام الأول.