قصة أكبر ضبطية فى الصعيد منذ التسعينات.. والمتهم: «مش أول مرة»
الإقبال على شراء السلاح يدفع المهربين إلى مضاعفة عمليات التهريب
فى أواخر أغسطس الماضى وجهت مديرية أمن قنا وقطاع الأمن العام ضربة موجعة إلى تجار المخدرات فى الصعيد، خاصة فى مركز «دار السلام»، بعد نجاحها فى ضبط كمية كبيرة من الأسلحة، حتى وصفت العملية بأنها «أكبر ضبطية سلاح» فى تاريخ وزارة الداخلية بمحافظات الصعيد، منذ تسعينات القرن الماضى.
دليل: رحلتان إلى السودان أسبوعياً لتلبية الطلبيات.. وأكبر شحنة لم تضبط كان بها 5000 بندقية ومليون طلقة.. وقنابل وقذائف مضادة للطائرات
وأسفرت عملية المداهمة، التى تردد أن أحد كبار تجار السلاح فى قرية «البلابيش» هو من أبلغ الشرطة، عن ضبط 92 بندقية آلية، و44 ألف طلقة متنوعة الأعيرة، وعدد كبير من خزن الذخيرة، كما قتل أحد مهربى الأسلحة فى الاشتباكات مع قوات الأمن، وحملت اعترافات «سمسار» وناقل الشحنة «حسام. ص»، الكثير من المفاجآت.
وقال «حسام»، وهو مقيم فى قرية «البلابيش»، لضباط مباحث مديرية الأمن والنيابة العامة فى قنا، بعد إلقاء القبض عليه فى أحد الدروب الجبلية قبالة قرية «الجزيرية»، وبحوزته سيارة ربع نقل محملة بالأسلحة، إن «هذه الشحنة ليست الأولى التى يتولى نقلها، ولكنها الأكبر بالنسبة له ولشريكه، الذى قُتل خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة».
«حسام» سمسار الشحنة: تسلمتها فى أسوان من مهرب كبير جلبها من السودان.. ونقلتها عبر المدقات الجبلية شرق النيل
وأضاف أنه تسلم شحنة الأسلحة فى أسوان، بعد قيام أحد كبار المهربين بجلبها من السودان، وقام وشريكه «القتيل» بمحاولة نقلها لصالح عدد من التجار بمحافظتى سوهاج وأسيوط، عبر المدقات الجبلية شرق النيل.
وقال: «لم نكن نتوقع أبداً أن تصل إلينا قوات الأمن، كنا طوال الطريق نتنقل بين أكبر عدد من المدقات التى نعرفها تماماً، وكنا نظن أن أجهزة الأمن لا يمكنها الوصول إلى هذه المناطق شديده الوعورة»، وتابع: «منذ سلوكنا تلك الدروب بين سلاسل جبال البحر الأحمر لم يعترضنا أحد، ولم نقابل سوى عرب ومهربين آخرين». أما «ن. م. ع»، أحد تجار السلاح فى إحدى القرى الجبلية بمركز نجع حمادى، فقال إن «الدروب الصحراوية فى سلاسل جبال البحر الأحمر لها عدة مداخل فى قوص، ومركز قنا ناحية قرية الجزيرية، وأبودياب شرق فى دشنا، وحمردوم وأبوحزام وعزبة البوصة فى نجع حمادى، حتى مركز دار السلام فى سوهاج، وممتدة إلى أسيوط، وليس عليها أى رقابة، وجميع تحركات التجارة غير المشروعة، من تهريب السلاح والمخدرات والخطف، تتم عبرها».
وكشف أحد قصاصى الدروب الجبلية «الدليل»، وعدد ممن يتعاملون فى تجارة الأسلحة بمحافظة سوهاج، لـ«الوطن»، عن أن الشحنة التى كانت فى طريقها إلى أحد التجار فى قرية «البلابيش»، وأن كمية الأسلحة المضبوطة ليست الأكبر بين شحنات أخرى تم نقلها دون ضبطها من قوات الأمن، مؤكدين أن الشحنة الأكبر تمت عقب ثورة 25 يناير 2011، وتم نقلها من السودان باستخدام 8 سيارات دفع رباعى، وضمت 5000 قطعة سلاح آلى، ومليون طلقة نارية، إضافة إلى قنابل، وقذائف مضادة للطائرات، ولفت «الدليل» إلى أن بعض تجار الأسلحة يقومون برحلتين أسبوعياً، نظراً لشدة الإقبال على السلاح، خاصةً فى محافظتى قنا وسوهاج، فى ظل حالة «الانفلات الأمنى»، التى كانت سائدة فى معظم محافظات الصعيد خلال الفترة الماضية.
وطالب مصدر أمنى قوات حرس الحدود بزيادة إحكام السيطرة على الدروب والمسالك الجبلية، التى يصب بعضها على طريق «القاهرة - أسوان» الزراعى، وطريق الجيش، مشيراً إلى أن هناك شحنات أخرى تم ضبطها أثناء قدومها إلى البلاد عبر موانئ البحر الأحمر، بخلاف تلك الشحنات التى يتم تهريبها من السودان، وأكد أن ضبطيات الأسلحة التى تقوم بها الأجهزة الأمنية تؤكد أن الصعيد ما زال أرضاً خصبة لتجار السلاح، نظراً للصراعات العائلية والنزاعات القبلية والخلافات الثأرية، التى تشهدها معظم المحافظات، وبصورة متزايدة. ووفق إحصائيات مبدئية ومصادر أمنية فإن محافظة قنا يوجد بها ما يقرب من 400 ألف قطعة سلاح نارى متنوع، بحوزة عائلات توجد بينها خلافات ثأرية، بالإضافة إلى كميات الأسلحة الموجودة لدى التجار، والتى لا يمكن حصرها على وجه الدقة، وأن قرى «أبوحزام، وحمردوم، ونجع سعيد، والسمطا، والحجيرات»، هى أكثر القرى التى ينتشر فيها السلاح بمحافظة قنا.