أصحاب المخابز يلجأون إلى العسل الأسود.. والحلوانية: لا بديل عن السكر
المخابز تبحث عن بديل «السكر» لحل الأزمة
لم يسلم أصحاب المخابز والحلويات من أزمة اختفاء السكر وارتفاع سعره إلى أكثر من الضعف، التى طالت كل شىء، حيث عانوا كما يقولون أشد المعاناة لأنهم يعتمدون على السكر بشكل كامل فى كل منتجاتهم الغذائية، بعضهم وجد صعوبة كبيرة فى الحصول عليه، والآخرون قاموا بشرائه من السوق السوداء بأسعار مضاعفة حتى يستطيعوا استكمال عملهم.
يجلس رزق جمال، صاحب محل مخبوزات، أمام مدخل محله على كرسى خشبى ويشغل باله من أين سيأتى بكميات من السكر لسد العجز لديه وتغطية وردية المساء، يقول: «كل حاجة غليت علينا فى كل مكونات المخبوزات من سمنة وخميرة وعجوة ودقيق، وقبل كدة كانت الحاجات بتغلى بس على الأقل كنا بنلاقى سكر وبنعرف نعيش وناكل، لكن دلوقتى مش بنلاقيه وكأنى باشترى مخدرات، وبنخاف وإحنا شايلين كميات منها، وأنا باستهلك 50 كيلو سكر فى اليوم الواحد، وشغلى كله معتمد عليه والحكومة عارفة ده كويس أوى، وبقالى 26 سنة فى المجال ده وعمرنا ما حصل لنا كده وبقينا بنترحم على أيام زمان».
أحد الصنايعية: لو مالقيناش سكر بناخد بعضنا ونمشى.. وسكر البودرة خلى العيش سايح
ويتعجب «رزق» من عدم تخصيص حصص محددة من السكر كالذى يحدث معهم مع الدقيق قائلاً: «أنا باضطر أوزع الصنايعية اللى عندى على المجمعات الاستهلاكية كل واحد فيهم بيجيب 2 كيلو سكر، بس للأسف مش بيكفونا طبعاً واضطريت أكمل الباقى من السوق السوداء بسعر 9 جنيه، وأول إمبارح ماشتغلتش خالص وماكنتش لاقى سكر أشتغل بيه واضطريت أجيب عسل أسود عشان أعجن بيه، ورجعنا لأيام زمان، وكمان صفيحة العسل الأسود غليت أوى».
ويضيف «رزق» فى نبرة غلب عليها الإحباط: «التجار بتبقى عندها كميات من السكر بس بيقولوا مش هنقدر نديك عشان السوق السودا والحكومة مشددة عليهم وخايفين أحسن يتمسكوا وهما جايين يوصلوا لنا وباخد منهم الكيلو بسعر 9 جنيه وببقى خايف وأنا ماشى بيه فى الطريق كأنى ماشى ومعايا مخدرات مخبيها، ومحدش بيبيع سكر حر ووصل سعره دلوقتى إلى 12 جنيه للكيلو الواحد، والصنايعية عندى هى أكتر ناس بتتئذى، ومع كل أزمة بيزيد غضبهم من الحكومة لأن أساليب إدارتها للأزمات صفر».
«رزق»: اضطريت أعجن بالعسل الأسود.. والتجار بيخافوا يمشوا بالسكر كأنه «مخدرات»
ويتابع «رزق» غاضباً: «السوبر ماركتات الكبيرة والمشهورة وليها سلاسل كتيرة مين اللى بيجيب لها السكر بالكميات الكبيرة دى؟ وإزاى وإشمعنى هما يجيلهم سكر وإحنا لأ؟ وأنا اللى المفروض أروح أتحايل عليهم وهما أصلاً مش بيبيعوه للغلابة بسعر 5 جنيه ولكن بيتباع بطرق تانية، وأنا عن نفسى جبته من سوبر ماركت شهير مش هقول اسمه بسعر 9 جنيه، بس هعمل إيه أنا لازم أتصرف عشان المحل يشتغل والصنايعية يلاقوا كميات من السكر يشتغلوا بيها فى المخبوزات».
ويوضح «رزق» أن تلك الأزمة حدثت بسبب غياب الرقابة على كافة المجالات وأن أزمة ارتفاع السكر ونقصانه من السوق المصرية نتيجة سوء فى التنظيم وحل الأزمات، وأنه إذا حاول رفع سعر المخبوزات بسبب ارتفاع أسعار المكونات بالكامل سينقلب عليه الزبائن وسيعتقدون أن أصحاب المخابز هم من يرفعون الأسعار من أنفسهم، وأنه يحاول دائماً إقناع الزبائن بأن السبب يكمن فى زيادة أسعار جميع المكونات.
ويلتقط منه أطراف الحديث «محمود جمال» أحد الصنايعية بالمخبز الذى يقع بشارع سليمان جوهر بمنطقة الدقى، قائلاً: «إحنا صنايعية يوم شغالين ويوم لأ ولو جينا ومالقيناش سكر بناخد بعضنا ونمشى على طول، وكيلو السكر بقى بـ12 جنيه وكمان مش موجود، والصنايعية بتاخد مرتباتها باليومية والمخبز بيعتمد بشكل أساسى على السكر لأنه بيدخل فى كل المخبوزات».
ويحكى «محمود» عن أزمة الصنايعية اليومية مع عدم توافر كميات من السكر بالمخبز قائلاً: «إمبارح لما جينا المخبز مالقيناش سكر والمعلم صاحب المخبز كان بيدور على سكر عشان نشتغل بيه، فخدنا بعضنا وقعدنا على القهوة من الساعة 8 الصبح لغاية العصر تقريباً على أمل أنه يجيب سكر نشتغل بيه، وفى الآخر ماقدرش يجيب وخدنا بعضنا ومشينا لأننا بنعتمد عليه وكل حاجة بتتعجن بيه، ومفيش فى المنطقة كلها حد بيبيع سكر، حتى الجمعية بتدى كل مواطن 2 كيلو سكر ودى أقصى كمية يقدر يحصل عليها، وإحنا هنا كمخبز بلدى بنحتاج 50 كيلو فى 24 ساعة لأن شوال الدقيق بيحتاج 12 كيلو سكر ولما بنعجن شوالين أو تلاتة بنبقى محتاجين سكر كتير».
ويتابع صاحب الثلاثين عاماً: «مش بنقدر نقلل الكميات عشان المخبوزات ما تجيرش وجربنا نشتغل بالسكر البودرة طلع معانا العيش سايح، وكمان السكر البودرة سعره 9 جنيه ونص وبكده كلها حصلت بعضها، والمشكلة دى بقالها 12 يوم وده حالنا من ساعتها وصاحب الفرن بيلف يلم فى السكر من واحد 5 كيلو ومن التانى 10 كيلو، وإمبارح جمعنا 15 كيلو ومشينا بيهم نفسنا، ولو المعلم مالقاش سكر بيكلمنا ويقول لنا ماحدش ييجى النهارده تعالوا بكرة».
ويؤكد «محمود» أن تلك الأزمة ما زالت مشتعلة حتى الآن، وأن كمية السكر التى يمتلكونها حالياً تكفيهم حتى المساء فقط ولو لم يستطيعوا تدبير كميات أخرى من السكر لن يقوموا بالخَبز وسيكتفون بالمخبوزات الجاهزة من قبل بالمحل، حتى يتم الحصول على السكر مرة أخرى، وأنه ليس لديهم حل آخر، ودون السكر المخبز سيتوقف عن العمل بشكل كامل، وأنهم لا يعلمون من أين سيأتون بالسكر فى اليوم التالى، مشيراً إلى أن «المخبز بيتحمل الزيادات دى كلها لأن السوق نايم ومش حمل زيادة فى الأسعار على المواطنين».
وعلى الجانب الثانى معاناة من نوع آخر بسبب أزمة السكر يعيشها أصحاب محلات الحلويات والعاملون بذلك المجال، حيث إن جميع منتجاتهم تعتمد على السكر بشكل كامل، يقف حسين محمد، 20 عاماً، داخل محل الحلويات الذى يعمل به، ويختص بتقديم المثلجات والحلويات بأنواعها، قائلاً: «أقل سعر دلوقتى للسكر 11 جنيه ده لو لاقيناه كمان وفى الجمعية بسعر 5 جنيه بس أكتر كمية أقدر آخدها منهم 2 كيلو ودول مايكفوش حاجة، لأن السكر ده حاجة مهمة ليا وماقدرش أشتغل من غيره فى أى حاجة، وللأسف لازم أجيبه مهما ارتفع سعره لأن شغلى كله معتمد عليه سواء كان آيس كريم أو حلويات، ولازم يبقى عندى مخزون أشتغل بيه حتى لو مش كبير، وحاولنا مانرفعش سعر المنتجات فى الفترة دى».
ويتفق معه مؤمن محمد، 24 عاماً، ويعمل مدير فرع لمحل حلويات بشارع وزارة الزراعة بميدان الدقى، قائلاً: «فى بداية أزمة السكر اتعاملنا مع ناس عندها مخازن وجيبنا منها بس طبعاً بسعر أعلى من السوق، وفى معاناة كبيرة إننا نلاقيه أصلاً، وإحنا بنشترى السكر بكميات كبيرة لأن كل منتجاتنا بيدخل فيها السكر سواء كانت شرقية أو غربية، ومع ظهور الأزمة بدأت تظهر أنواع من السكر أقل جودة بس لو اشتغلنا بيها شغلنا هيتئذى، فبنضطر نستنى لحد ما نلاقى النوع الأفضل حتى لو بسعر عالى لأننا محل معروف وله اسمه ولازم نقدم أفضل منتج من الحلويات، والجودة عندنا هى الأساس فى كل حاجة».
ويتابع «مؤمن»: «سعر السكر بقى أعلى من سعره فى شهر رمضان اللى أصلاً كل حاجة بتغلى فيه، وأنا ما أقدرش أرفع الأسعار عشان الدنيا ماتقعش منى أكتر من كده، وخلال الفترة دى الأسعار ثابتة ماتغيرتش واتحملنا ارتفاع أسعار معظم المكونات لكن ما أضمنش لو استمرت الأزمة هنعمل إيه».