أزمة بين مصر وفلسطين بسبب «مؤتمر العين السخنة».. وجدل حول لقاء «أبوالغيط» بالمشاركين
قيادات حركة فتح الفلسطينية فى مؤتمر صحفى سابق «صورة أرشيفية»
أثار مؤتمر المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط حول «مصر والقضية الفلسطينية» الذى دعا له 120 قيادياً وكادراً وأكاديمياً فلسطينياً فى قطاع غزة، والمنعقد حالياً فى منتجع «العين السخنة»، أزمة فى العلاقات بين البلدين، بعد أن أعربت السلطة الفلسطينية عن رفضها للمؤتمر، معتبرة أنه تدخل فى الشأن الداخلى الفلسطينى ودعم لجبهة القيادى الفتحاوى محمد دحلان عضو اللجنة المركزية المفصول، فيما أثارت موجة جديدة من الاحتجاج الفتحاوى على المؤتمر بعد أن تقرر استكمال اليوم الأخير له فى مقر الأمانة العامة للجامعة العربية، اليوم، ولقاء الوفد بأحمد أبوالغيط الأمين العام، الذى أكده بعض المشاركين فى المؤتمر، فيما أعلن أحد المنظمين عدم لقائه بالوفد.
«الشوبكى»: نتواصل مع المسئولين المصريين بخصوص المؤتمر.. وأمين سر «فتح»: «دحلان» صاحب الفكرة.. والمدعوون جاءوا بتنسيق منه
وقال أمين مقبول، أمين سر المجلس الثورى لحركة التحرير الوطنى الفلسطينى «فتح»، إنه «للأسف لم توجه لفتح أى دعوة رسمية لحضور المؤتمر الذى ينظمه مركز دراسات مصرى، ولا يوجد ممثل لفتح حالياً فى القاهرة للمشاركة فيه». وتابع: «يبدو أن صاحب الفكرة وصاحب الدعوة هو محمد دحلان، فمركز الدراسات المصرى استجاب لفكرة دحلان، وعلى ما يبدو أن المدعوين أيضاً جاءوا بتنسيق وترتيب منه». وأضاف «مقبول» فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنه كان من المفترض أن يتم التنسيق مع الجهات الرسمية المتمثلة فى حركة «فتح»، والسلطة الفلسطينية، وليس مع مجموعات أخرى، مؤكداً أن «هذا ليس مؤتمراً ولكنه عبارة عن مجلس أو ندوة أقامها مركز دراسات، ودعا لها بعض الأشخاص لبحث العلاقة الفلسطينية المصرية، كما أن الأسماء التى دُعيت ليست جميعها لها صفة، أو تمثل الجموع الفلسطينية، مع احترامنا لمن حضر». وعن إمكانية استجابة الحركة لنتائج المؤتمر قال: «هذه ندوة وهناك العشرات من الندوات تناقش القضية الفلسطينية، وليست كل ندوة تخرج بنتائج نأخذ بها أو نهتم بها، فعلى ضوء هذه القرارات نرى ما يفيدنا منها».
وأكدت النائبة عن حركة «فتح» نجاة أبوبكر من الضفة الغربية المحتلة، والمقربة من القيادى محمد دحلان، أن هناك عدداً من الشخصيات البرلمانية شاركت فى المؤتمر، مضيفة «نثمن الجهود المصرية تجاه القضية الفلسطينية». وتابعت: «المؤتمر احتوى على كل مكونات الشعب الفلسطينى، والدعوات ليست لأنصار فلان أو علان، ولكن جاءت لكل المهتمين بالقضية الفلسطينية، ومعظمهم من حركة فتح». وقال السفير الفلسطينى جمال الشوبكى، مندوب بلاده الدائم لدى جامعة الدول العربية رداً على سؤاله حول التحفظ الفلسطينى على المؤتمر ورفض مندوبية فلسطين لقاء الأمين العام للجامعة العربية بالوفد المشارك بالمؤتمر: «لا تعليق عندى على المؤتمر ولكن معلوماتى أن الأمين العام لم يشارك فيه ولم يلتق المشاركين الفلسطينيين وكل الأمور أقوم بها بالاتصال مع المسئولين المصريين والأمانة العامة للجامعة العربية، ولا أقوم بالتواصل فى هذا الشأن عن طريق الإعلام».
وقال الدكتور أيمن الرقب، القيادى بحركة «فتح» المشارك فى المؤتمر، إن المركز القومى رأى أن تكون هناك دعوة لمجموعة أكاديميين من غزة لمناقشة حالة الركود فى الساحة الفلسطينية، وخاصة أن غزة تهم مصر بصورة أساسية من ناحية الأمن القومى، لكن المشكلة أن رام الله ربطت الموضوع بحراك اللجنة الرباعية العربية للمصالحة الفلسطينية مع مصر والأردن والسعودية والإمارات، ومن هنا بدأت الحساسية وادعت السلطة أن «دحلان» سيشارك بالمؤتمر وهذا لم يحدث. وتابع «الرقب»: «ماذا سيضر السلطة من مخرجات مؤتمر أكاديمى، حيث شارك به شخصيات اعتبارية وأكاديمية وأعضاء من البرلمان والمجلس الثورى لحركة فتح»، وأوضح أنه رغم أن كل المشاركين من غزة، فإن المؤتمر دعا لمشاركة أطياف أخرى، مستنكراً رفض السلطة للمؤتمر الذى يعقد فى مصر وتهديد المشاركين فيه بالفصل من فتح، فى حين أنها شاركت فى مؤتمر هرتزيليا الإسرائيلى الأمنى فى تل أبيب، «فهل مصر أصبحت عدواً؟.. مصر ليست عدواً ولها الحق فى التحرك من مقتضيات أمنها القومى»، مؤكداً أن مخرجات المؤتمر ليست ملزمة لفتح ولا للسلطة، وتابع: «هل ممنوع أن نتحدث عن خليفة أبومازن أو يكون له نائب وهو عمره 82 سنة، وإذا توفى سوف تنتقل السلطة لرئيس البرلمان من حماس».
وأصدر أمناء سر أقاليم حركة التحرير الوطنى الفلسطينى (فتح) فى أوروبا، بياناً أمس، تعرب فيه عن رفضهم لمؤتمر «العين السخنة»، معتبرة أنه «تدخل فى الشأن الداخلى الفلسطينى»، و«غطاء لمحاولة مصادرة القرار الوطنى الفلسطينى المستقل تحت ذرائع الإصلاح، رغم كون الداعين لهذا اللقاء (من الجانب الفلسطينى) رموزاً للفساد والاعتداء على حرمة وحياة المواطنين وسرقة المال العام والارتماء فى أحضان دويلاتٍ تغرق فى الفساد حتى النخاع»، وأعرب البيان عن الرفض المطلق لعقد هذا اللقاء، معلناً فى الوقت نفسه عن الدعم للشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبومازن، كما أكد التمسك بالمؤسسات والأطراف الشرعية المنتخبة لحركة فتح. وقال البيان فى ختامه: «ندعو الإخوة فى القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى وقف هذه المهزلة ورفع الغطاء المصرى عن الأيادى العابثة بالشأن الفلسطينى والمسيئة إلى العلاقات الأخوية التى تربط الشعبين الفلسطينى والمصرى».
وقال الدكتور عبدالمنعم المشاط، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الاستقلال، إن المؤتمر يهدف إلى إعادة إحياء القضية الفلسطينية من جديد، مشيراً إلى أنه يدور حول محورين، الأول التركيز على وحدة الصف الفلسطينى -فى إشارة إلى الخلاف بين حركتى «فتح» و«حماس» ودفع المصالحة الداخلية بينهما- أما المحور الثانى فهو مدى إمكانية تنظيم مؤتمر دولى برعاية مصر لإعادة القضية الفلسطينية فى مقدمة الاهتمامات الدولية، نظراً للصعوبات العالمية والدولية الموجودة حالياً. وأضاف «المشاط» الذى شارك فى المؤتمر بصفته الشخصية، فى تصريحات خاصة، لـ«الوطن»، أن المؤتمر ضم أكثر من 70 فلسطينياً مثلوا جميع تيارات الشعب الفلسطينى سواء كانت سياسية أو اجتماعية بمنظماته، لافتاً إلى أن هناك عدداً من القيادات من الشعب الفلسطينى من قطاع غزة شاركوا فى المؤتمر، وشمل الوفد الفلسطينى «إعلاميين، دارسين فلسطينيين للدكتوراة والماجستير، وغيرهم»، مستطرداً: «هناك عدد كبير من قطاع غزة شارك فى المؤتمر». وتابع «المشاط» قائلاً: «أشاد الإخوة الفلسطينيون بدور الشعب المصرى تجاه القضية الفلسطينية، ومصالحهم المشروعة، بل قالوا شعراً»، لافتاً إلى أن المؤتمر يهدف أيضاً إلى توحيد جهة التفاوض مع إسرائيل، مؤكداً أن المؤتمر ليس حكومياً أو رسمياً، ولكن كل من حضر، حضر بصفته الشخصية والمهنية، مشيراً إلى أنه عقد تحت عنوان: «مصر والقضية الفلسطينية».