خبير صحة نفسية: الضحايا يتحولون إلى جناة إذا لم يتم تأهيلهم بشكل سليم
محمد هانى، خبير الصحة النفسية
يعقب تعرض الطفل لحادث اغتصاب آثار نفسية مؤلمة، قد يتغاضى عنها بعض الأهالى، ويراهنون على نسيان الطفل لها، وقد يتجاهلون الحديث عنها، أو التعامل مع تلك الأزمة لكن الطفل لا ينسى أبداً مثل هذه الوقائع المريرة.
«هانى»: ضرورة توفير إرشادات للأسرة والمدرسة لمكافحة كل أشكال التحرش لمواجهة حوادث الاغتصاب
يقول محمد هانى، خبير الصحة النفسية، يجب أن تتبع جميع الأسر المصرية نصائح إرشادية لحماية الطفل من التحرش، وذلك فيما يتناسب مع عمر الطفل، لأن التحرش فى كثير من الأحيان يكون بداية التطرق لواقعة اغتصاب فى المدارس، سواء من طفل أكبر سناً أو من شخص بالغ.
يوضح هانى قائلاً «فى البداية يجب توعية الطفل بالمناطق الحساسة فى جسده، وأنها مناطق غير قابلة لاقتراب أى شخص أو لمسها، وتتبع لغة ومفردات تناسب عمر الطفل عند توعيته بذلك، بالإضافة لضرورة إبلاغ الأم أو المعلمة فى الفصل بأى شخص يقوم بعمل تجاوز ضده سواء بالاقتراب أو اللمس بطريقة بها تعدٍ، وتوعية الطفل وعدم الهروب من تساؤلاته، خاصة إذا كانت الأسئلة محرجة، وتتعلق باختلاف النوع بين الذكر والأنثى أو غيرها من الأسئلة التى قد يتطرق لها الأطفال، فعلى الآباء والأمهات توفير إجابات تناسب أعمار الأطفال.
ويضيف هانى قائلاً: الأهم من كل ذلك هو خلق مساحة رحبة بين الأم وأطفالها، وأن تجعلهم قادرين على البوح لها بأى شىء، وأن تلاحظ ما يطرأ على أطفالها من تغيرات، وأن تراقب عن قرب البالغين الذين يحتكون بأطفالها، وذلك لأنه حتى إذا تم التعدى عليهم جنسياً تسارع فى اكتشاف الواقعة، ولا يتحول الطفل إلى ضحية متكررة لتلك المأساة.
«الأسرة عليها حماية أطفالها دون أن تنقل إليهم إحساساً عاماً بالذعر، والرعب من الغرباء أو المحيطين»، هذا ما يؤكده هانى، قائلاً إن التأثير النفسى لضحية الاغتصاب يختلف باختلاف الواقعة، وبعمر الطفل، وليس صحيحاً أن الطفل يتجاوز تلك الواقعة بالكامل، ولكنه يتم إعاده تأهيله نفسياً، للتعامل مع المجتمع بطريقة سوية.
يتابع خبير الصحة النفسية قائلاً «من الآثار النفسية الواضحة التى تظهر على الأطفال المغتصَبين، وجود رغبة تامة فى الانعزال، وإذا كان الضحية «طفل ذكر»، يشعر بخوف كبير من أصدقائه، وبعدم راحة من المحيطين له، ويفقد الثقة فى كل شىء، خاصة أن الأطفال أكثر حساسية لتلك المواقف الصادمة، وفى أغلب الأحيان، يكونون على غير وعى بما تعرضوا له».
ويضيف هانى قائلاً «الطفل الضحية يمكن أن يتحول إلى جانى، وهنا تكمن خطورة اغتصاب الذكور، حيث أثبتت أكثر الدراسات أن الطفل الذكر الذى يتعرض لهتك عرض، تتكون لديه ميول انتقامية، ويمارس نفس الجريمة ضد آخرين، وإذ تكررت الواقعة معه لفترة طويلة، يؤثر ذلك على ميوله الجنسية للأبد، ومن هنا ينتشر الشذوذ الجنسى».
ويختم هانى حديثه قائلاً «على الأسرة التى تعرض أحد أطفالها للاغتصاب معرفة كيفية التعامل مع الطفل، لتخفيف تأثير الصدمة عليه، خاصة أن المجتمع لا يتعامل بوعى مع تلك الأمور، وأحياناً يتعرض الطفل لعزل إجبارى عن كل من حوله، ويتم منعه من الخروج أو ممارسة كافة أنشطة حياته، وذلك رغبة من الأسرة لتأمينه، ولكن على أرض الواقع يعتبر ذلك التصرف عقاباً له على ذنب لم يقترفه، بل بالعكس عليهم مناقشته فيما حدث بطريقة عقلانية هادئة، وتوعيته بأن ما تم كان خطأ كبيراً، والجانى ستتم معاقبته عقوبة كبيرة، حتى وإن عجزت الأسرة عن معاقبة الجانى قانونياً، ولكن إخبار الطفل بذلك يساهم فى تهدئة نفسيته».