مراتى: «أمل» حياتى
السفير محمد العرابى
عندما التحقنا بالمعهد الدبلوماسى عام 1976 ميلادية، كانوا يتحدثون إلينا بضرورة أن نختار الزوجة بما يتلاءم مع طبيعة عملنا، وكنت قبل التحاقى بـ«الخارجية»، وتحديداً بعدما تخرجت فى كلية التجارة، قد لمحت زوجتى فى نفس المنطقة التى أعيش فيها وهى مصر الجديدة، كانت جارتى ولمحتها للمرة الأولى فى نفس الشارع الذى أسكن فيه، للوهلة الأولى خطفتنى طلتها وشعرت بأننى أريدها زوجة لى، أظنه الحب من أول نظرة، لم أكن أعرف اسمها بعد، كانت حلماً وأملاً بعيد المنال إلى أن التقيت بصديق صديقى وتعرفت عليه واكتشفت أنها أخته، وكانت المفاجأة بالنسبة لى، قلت له أريد أن أرتبط بأختك وعرفت أن اسمها أمل، كانت «أملاً» وستظل الأمل فى حياتى.
كنت حديث التخرج فى كلية التجارة، وكانت هى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، أتذكر أن صديقاتها تعجبن لأنها قررت الارتباط من خريج تجارة، على حد قولهم، لكنه القدر الجميل الذى جمعنى بها، ما زلت أتذكر التضحيات التى فعلتها من أجلى فقد تخلت عن عملها وظلت بجانبى زوجة دبلوماسى تدفعنى للأمام وتشد أزرى، لتثبت لى بالفعل أن الزوجة أحد عوامل نجاح الدبلوماسى.
اللطيف فى الارتباط أن الإنسان يسعى للوصول إلى حلمه متمثلاً فى فتاة تشاركه هواياته وحلمه، وكانت زوجتى كذلك، إذ إن كلينا يعشق السفر، ومن أكثر البلاد التى نحب الذهاب إليها هى اليونان فلنا فيها صولات وجولات كثيرة.
تضحيات الزوجة وعطاؤها فى آن واحد، وأذكر أننا لم نفوت ذكرى الاحتفال بعيد زواجنا منذ أن صارت زوجتى إلا مرة واحدة، وضحكنا كثيراً لأننا اعتدنا على أن نذكر بعضنا فى بداية شهر أكتوبر بذلك اليوم فهو الشهر الذى تزوجنا فيه وبخاصة يوم 24 أكتوبر..
إحدى الوظائف المهمة للزوجة هى تنشئة اﻷولاد وربطهم بالوطن، وهذا ما نجحت فيه زوجتى، فأصبحت لدينا ابنتنا «لينا» تتحلى باﻷخلاق وحب الوطن، أذكر أن اختيارنا للاسم كان مرتبطاً بذكرى جميلة إذ شاهدنا معاً مسرحية «المتزوجون» وقت عرضها فى المسرح، وأعجب كلانا بشخصية «شيرين» فى المسرحية، التى كان اسمها «لينا» وقررنا أن نسمى أول طفلة لنا بهذا الاسم وهو ما حدث، تفانت زوجتى فى تربيتها إلى أن أصبحت مصممة ديكور متميزة ومدعاة لفخر أى أب.
36 عاماً من الحب والمشاعر الراقية قضيتها مع «أمل» حياتى وتقلدت معها مناصب عليا ورأيت فيها الدافع والسند، أقول لها: «وقفتِ بجوارى وأحياناً أمامى لتدافعى عنى، وستظلين الحلم الذى تحقق».